لهذه الأسباب وافقت النهضة على منح الثقة لحكومة المشيشي
قلبت حركة النهضة الإخوانية مواقفها إزاء حكومة التونسية الجديدة، هشام المشيشي، فمن المعارضة الشديدة له، إلى منحه الثقة، في خطوة عدها مراقبون خطوة انتهازية من جانب الحركة، لتجنب السيناريو الأخطر عليها وهو الانتخابات المبكرة، في ظل تراجع شعبيتها.
وكان البرلمان التونسي قد منح حكومة المشيشي الثقة في وقت سابق الأربعاء، إذ صوّت 134 بنعم، بينما رفض 67 نائبا منح الثقة.
وجنبت هذه الخطوة البلاد خيار حل مجلس النواب والذهاب لانتخابات تشريعية مبكرة.
وفي منتصف يوليو الماضي، استقال رئيس الحكومة التونسية حينها، إلياس الفخفاخ على خلفية اتهامات بتضارب المصالح والخلافات داخل الفريق الحكومي، وذلك رغم مرور 5 أشهر على تعيينه فقط.
واتجه الرئيس التونسي، قيس سعيّد، نحو تشكيل حكومة خبراء يترأسها وزير الداخلية، المشيشي، لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها البلاد.
وهذه عاشر حكومة في تونس بعد الأطاحة بنظام زيد العابدين بن علي، أي بمعدل حكومة كل عام، وهو ما يعكس حالة من الاضطراب السياسي في البلاد.
وأثارت نية سعيّد تشكيل حكومة تكنوقراط غضب حركة النهضة، وقالت في أغسطس الماضي إنها تعرض تشكيل مثل هكذا حكومة ودعته إلى وضع "الموازين في البرلمان" في الاعتبار.
لكن هذا الموقف الخاص بالنهضة انقلب جذريا، في الأيام الأخيرة، وذهبت إلى خيار تأييد رئيس الوزراء المكلف.
ويقول الباحث والكاتب السياسي، بسام حمدي، في حديث إلى موقع "سكاي نيوز عربية"، إن النهضة اختارت التصويت لحكومة المشيشي لاعتبارات متعددة، أبرزها خوفها من حل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وأضاف حمدي أن هذه الانتخابات ربما تمنح الحزب الدستوري الحر ورئيسته، عبير موسي، المرتبة الأولى لذلك اتجهت النهضة لدعم المشيشي، مشيرا إلى أن خزانها الانتخابي تقلص، وهو ينخفض باستمرار.
وأظهر استطلاع للرأي نشر في منتصف أغسطس الماضي تقدم الدستوري الحر على النهضة الإخوانية، بواقع 35.8 بالمئة للأول، مقابل 21.9 بالمئة فقط للثاني.
أما الاعتبار الثاني للتصويت لحكومة المشيشي، بحسب حمدي، فهو إيجاد آلية دستورية تتمثل في إبقاء هذه الحكومة مدة معينة، ثم تسحب الثقة منها، وبعد ذلك تصبح هي من تختار الشخصية التي تراها مناسبة لرئاسة مجلس الوزراء، وليس رئيس الدولة،
وفي السياق ذاته، يرى الكاتب التونسي، أبو بكر الصغير في حديث إلى "سكاي نيوز عربية" أن الحكومة الجديدة كسبت أصوات النواب ولم تكسب ثقتهم، مما عمّق الأزمة السياسية في تونس، فزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي يؤكد أن مصدر السلطة في البلاد يكمن بالبرلمان، لا رئاسة الجمهورية.
وأضاف الصغير أن جلسة التصويت على منح الثقة كانت بمثابة محاكمة وانتقادات شديدة من طرف النهضة للرئيس سعيّد.
ورأى أن تصويت نواب في البرلمان إلى جانب حكومة المشيشي، ولا سيما أعضاء حركة النهضة، جاء بسبب انتهازية هؤلاء الذين خشوا حل البرلمان والاتجاه إلى انتخابات أخرى ستكون نتائجها مغايرة لما حدث في اكتوبر 2019، واصفا الحكومة الجديدة بـ"حكومة الخوف والأمر الواقع والانتهازية".
وأعرب الخبير التونسي عن اعتقاد أن الأزمة السياسية في تونس ستستمر، ولن تحل بالطريقة تريدها النهضة، الساعية نحو دفع البلاد إلى الانخراط في أجندات خارجية تؤسس لها مع أطراف أجنبية.
وأشار إلى أن التطورات في مجلس نواب الشعب أظهرت أن النهضة هي أصل الأزمة السياسية في تونس، مشيرا إلى مشاهد مخزية شهدها البرلمان بفعل رئاسته التي تتولاها حركة النهضة.