ترك هندسة البترول من أجل الفن.. قصة العملية المخابراتية التي شارك فيها محمد رضا ضد الصهاينة في إفريقيا
لم يكن الفنان محمد رضا وزملائه المشاركين في فيلم "عماشة في الأدغال" يعرفون أنهم يشاركون بشكل غير مباشر في عملية مخابراتية مصرية، هدفها تفجير حفار إسرائيلي على سواحل كوت ديفوار قبل مجيئه للتنقيب عن البترول في سيناء المحتلة آنذاك.. فما هي قصة هذا الفنان الذي أسر قلوب المصريين بضحكاته الصفية.. وما هي قصة هذه التفجير؟.
ولد محمد رضا عباس بمدينة أسيوط في 20 ديسمبر عام 1921، واختار له والده اسم محمد رضا وهو اسم مركب، وكان أخاً بين شقيقين، وانتقل مع الأسرة إلى مدينة السويس نظراً لعمل والده هناك.
وظهرت عليه الموهبة الفنية، فكوّن فريق تمثيل أثناء المدرسة وشجعه الناظر وقتها، ولكنه حرص على إتمام تعليمه ليحصل على دبلوم الهندسة التطبيقية في عام 1938، وبالفعل عمل مهندساً للبترول لفترة قبل أن يحترف الفن، ولكنه أكمل دراسته في المعهد العالي للفنون المسرحية الذي تخرج منه عام 1953، وقد تتلمذ على يد يوسف وهبي وزكي طليمات.
وفي أواخر الثلاثينيات نُظمت مسابقة لاختيار وجوه جديدة، وتقدم لها محمد رضا مع عدد كبير جداً من المتسابقين، وكان المخرج صلاح أبو سيف أحد أعضاء لجنة التحكيم المكونة من عمالقة الفن، وبعد التصفيات حصل على المركز الثاني في المسابقة.
أدوار صغيرة
بداية محمد رضا كانت في الأربعينيات، وبالتحديد في عام 1945 فلقد شارك ككومبارس في فيلم "أميرة الأحلام"، وكان في بداياته قد شارك في أدوار صغيرة مع فريد شوقي في "جعلوني مجرما" و"فتوات الحسينية" و"رصيف نمرة خمسة" و"بورسعيد" و"الفتوة" و"سلطان" و"سواق نص الليل" و"الأخ الكبير" و"أبو أحمد" و"العملاق" و"مطلوب زوجة فوراً".
ومن مشاركاته أيضاً وقتها "السيد البدوي" في عام 1953، و"قطار الليل" في العام نفسه، وبعدها قدم أدواراً في "بنات حوا" و"أهل الهوى" و"سيجارة وكاس" و"خلخال حبيبي" و"نهر الحب" و"وعاد الحب" و"حياة وأمل" و"أنا العدالة" و"آخر فرصة" و"زقاق المدق" و"أول حب".
لكن في منتصف الستينيات بدأ محمد رضا يحظى بشهرة أكبر وأدوار أكبر من الكومبارس، فشارك بشخصية "حنجل أبو شفطورة في فيلم "30 يوم في السجن" مع فريد شوقي، والمعلم نونو في "خان الخليلي" والجزار في "3 لصوص"، والأسطى سيد النجار في "حارة السقايين"، والمعلم سلطان الجزار في "معبودة الجماهير"، والمعلم أورمة أبو ساطور في "أشجع رجل في العالم"، والمقاول بيومي الملواني في "العتبة جزاز"، والمعلم كيندز في "الحرامي"، وبيومي الطحش في "حلوة وشقية".
فيلم باسمه
قدّم محمد رضا فيلماً يحمل اسمه "رضا بوند" وشاركته بطولته الفنانة شويكار، وقدم خلاله شخصية المعلم رضا فونط وذلك في عام 1970، ليعود بعدها ويستكمل مسيرته بأدوار ناجحة لكن ليست أدوار بطولة في أفلام مثل "شياطين البحر" و"مدرسة المشاغبين" و"البحث عن فضيحة" و"شلة المراهقين" و"حبيبتي شقية جدا" و"امبراطورية المعلم"، وغيرها من الأفلام.
واستمر محمد رضا في أعماله في الثمانينيات والتسعينيات أيضاً، فقدم أدواراً مثل في "الراقصة والطبال" و"جبروت امرأة" و"بيت القاضي" و"شوارع من نار" و"ليلة القبض على فاطمة"، وغيرها.
وفي الدراما التلفزيونية، قدم "البحث عن فرصة" و"ساكن قصادي" و"أبيض واسود" و"الزنكلوني" و"صرخة بريء" و"اللعبة المجنونة" و"البريمو"، وكان آخر عمل قدمه هو "ساكن قصادي" في عام 1995.
كما شارك محمد رضا في الحملة الإعلانية، التي قدّمتها وزارة الصحة في التسعينيات، توعية عن مرض البلهارسيا.
تفجير الحفار
أثناء تصويره فيلم "عماشة في الأدغال" سافر محمد رضا مع فريق العمل إلى أفريقيا، وكانت هناك نية بأن يكون تصوير الفيلم هو ستار لعملية تفجير الحفار الإسرائيلي، الذي كان يستهدف التنقيب عن بترول في سيناء، وكان قادماً من ميناء أبيدجان بساحل العاج، وبعد نجاح المهمة والإعلان عنها فرح محمد رضا وفريق العمل كونهم ساهموا في العمل الوطني بدون أن يعلموا.
وفاة الابنة
تزوّج محمد رضا من السيدة كريمة، والتي أنجب منها أميمة وأحمد وحسين ومجدي، وكانت ابنته أميمة وهي الوحيدة مع ثلاثة ذكور قد توفيت في عام 1989، وذلك بالتزامن مع عرض إحدى مسرحياته، فرفض تأجيل العرض المسرحي من أجل جمهوره، وبالفعل أصر على إضحاك الجمهور رغم الألم الذي يعتصره على فراق ابنته.
نهاية الرحلة
تُعتبر قصة رحيل محمد رضا غريبة، فلقد توفي في 21 فبراير عام 1995، وفي لقاء لنجله "أحمد" قال إن والده لم يكن يعاني سوى من الأمراض المزمنة التي تعايش معها، ويوم الوفاة كان عائداً من تصوير مسلسله "ساكن قصادي" وكان صائماً في رمضان.
وحينما عاد كان نجله "حسين" متواجداً في المنزل وقد أراد أن يرحل قبل الإفطار، لكن محمد رضا طلب منه البقاء هو وعبير حفيدته من ابنته أميمة، وقد كان يجري حواراً صحفياً عبر هاتفه المنزلي، فسقط الهاتف من يديه وفارق الحياة.