”يا خرابي يا عرابي ” ..قصة أشهر مانشيت في تاريخ الصحافة الرياضية المصرية

المانشيت
المانشيت

المانشيت كلمة أصلها فرنــــــسي ومعناها ( عنوان مختصر ) حيت يتم اطلاقها على العنوان الرئيسي الذى يتصدر الصفحة الاولى والمانشيت كما يقول العديد من خبراء الصحافة هو عنوان الحقيقة لانه يعبر بموضوعية ودقة عن مضمون اهم الاخبار الواردة فى الصحيفة والتى يقاس نجاحها بنجاح كيفية صياغة المانشيت أو العنوان البارز الذي يجلب أنتباه القراء والمانشيت الجيد الناجح يجب ان يستخدم كلمات بسيطة لكن بشرط أن تكون مثيرة وجذابة تبعث على البهجة والحيوية ويتسم ايضا بالدقة والوضوح كما يجب أن يتناول جديدا لا يعرفه القراء
وتزخر الصحافة الرياضية المصرية عبر تاريخها الطويل بالمانشيتات اللاذعة المثيرة والتى تميزت باسلوب شعبى والتى ظلت عالقة فى اذهان المتابعين من قراء لغة الضاد وجماهير الساحرة المستديرة ومن اشهرها مانشيت (يا خرابى يا عرابى ) فما هى حكاية هذا المانشيت ؟ و من صاحبة ؟ وما هى مناسبته ؟

فى السابع من مايو 1973 التقي الاسماعيلي مع الاتحاد السكندري على استاد الاسكندرية في دور الثمانية لكاس مصر بعدما انتهت المباراة الاولي التى اقيمت بالقاهرة بالتعادل السلبي فقرر اتحاد الكرة اعادة المباراة وللمرة الثانية انتهى اللقاء بين الدراويش وسيد البلد بالتعادل السلبى بعد التمديد و كانت من اروع المباريات قوة و اداء من الفريقين الكبيرين ليطبق الحكم احمد محرم قاعدة ركلات الترجيح من علامة نقطة الجزاء لأول مرة في تاريخ الكرة المصرية
و يتقدم شحتة الاسكندرانى ليسدد الركلة الأولى لنادى الاتحاد السكندرى حيث سدد الكرة بقدمه اليمنى في مرمي حارس الاسماعيلي ابراهيم خليفة و يسدد ابو امين لاعب الاسماعيلي ضعيفة في الزاوية اليمني فلا يجد حسن عرابي حارس الاتحاد مشكلة في الامساك بها و يتقدم فكري مرسي لاعب الاتحاد ليسدد الي خارج المرمي و يتقدم محمد طه ليسدد فى الزاوية اليسري و ينجح حسن عرابي بالامساك بها ثم ينجح الجارم نجم هجوم سيد البلد في احرز الركلة الثالثة في الزاوية اليمني لحارس الدراويش و يفشل هندي لاعب الاسماعيلى في خداع حسن عرابي الذي طار ببراعة الي الزاوية اليمني لينقذ هدفا اكيدا و يسجل احمد خليل الهدف الثالث من الضربة الرابعة في الزاوية اليسري و يفشل ايضا اسماعيل حفني في ضربة الجزاء الرابعة و يسجل رزق نصار الهدف الرابع للاتحاد السكندري حتي ان سيد عبد الرازق ( بازوكا ) كابتن فريق الاسماعيلى يحاول ان يسجل هدف لحفظ ماء الوجه و لكن عرابي ينقذ الكرة من الزاوية اليسري لتنتهي المباراة بفوز الاتحاد السكندري 4- صفر و يحصل عرابي علي خمسين جنيه مكافأة من نادى الاتحاد بسبب انجازه الكبير والذى دخل به حسن عرابى موسوعة جينيس ريكورد للأرقام القياسية كأول حارس مرمى في تاريخ كرة القدم يتصدي لخمس ركلات ترجيح سواء في مباراة رسمية أو ودية
وبعد المباراة خرجت الحماهير الغفيرة التى شاهدت اللقاء لتحمل نجمها و نجم المباراة الاول الحارس الاسطورة حسن عرابى على الاعناق من استاد الاسكندرية الى ملعب نادى الاتحاد بالشاطبى وهى تهتف له
وفى ذلك الوقت كان الاستاذ حمدى النحاس احد عمالقة الصحافة الرياضية والنقد الرياضى فى مصر و العالم العربي وصاحب القلم الرشيق الانيق والذى ترك عمله كمحاسب ليمارس الصحافة الرياضية التى ابدع فيها واضاف لها المانشيتات اللاذعة الظريفة الطريفة باسلوب شعبى سهل بسيط وبخفة ظل لتتغنى جماهير كرة القدم بها لسهولتها ومن بين هذه المانشيتات ( يا خرابى يا عرابى)

وروى الناقد الرياضى الكبير الاستاذ مصطفى جمعه شهادة للتاريخ فيما يتعلق بمانشيت (يا خرابي ...يا عرابي) وطبقا لرواية قالها له شخصيا استاذنا الكبير حمدي النحاس عندما كانا سويا ( النحاس و جمعه) في لوس انجلوس عام 1984 لتغطية احداث دورة الالعاب الاولمبية ان هذا المانشيت بالتحديد استلهمه حمدى النحاس من ابنه حيث قال جمعة ( الاستاذ حمدى النحاس عند عودته الي منزله بعد الانتهاء من عمله قال له ابنه شفت يابابا عمل ايه عرابي بعدما تصدى لركلات الترجيح الخمسة ..واختتم ابنه كلامه بجملة (يا خرابي ...يا عرابي) ، فما كان من الاستاذ حمدي النحاس الا أن قرر العودة الى جريدة المساء اليومية والتى كان يتولى فيها رئاسة القسم الرياضي لتغيير المانشيت الذي بات سمة لمدرسة النحاس في العناوين ، وعندما وصل النحاس الى جريدة المساء اليومية وجد أن المطبعة أوشكت على الانتهاء من طبع الجريدة ، وطلب من مدير المطبعة ايقاف دوران المطبعة ، وذهب النحاس الي الاستاذ مصطفى المستكاوي، رئيس تحرير جريدة المساء فى ذلك الوقت ، وطلب منه الموافقة على تعيير العنوان من العنوان التقليدي الي عنوان شعبي ( يا خرابي ...يا عرابي) ، ولكن المستكاوي رفض وأصر النحاس على تعيير العنوان على مسؤوليته ، وحققت به جريدة المساء حينذاك اعلى توزيع في تاريخ الصحافة المصرية
واستمر الراحل العظيم حمدى النحاس فى أسلوبه المميز الذي بات سمة لمدرسة النحاس في العناوين والمانشيتات فكتب الكثير من المانشيتات المثيرة مثل ( عاوز تغيظة هاتلوا زيزو ) و ( حكامنا يا خسارتهم ..فاحت ريحتهم ) و ( الاهلى مزيكا ..والزمالك انتيكا ) و( الزمالك سعيد بالخمسة الحديد ) وغيرها الكثير من المانشيتات المثيرة البسيطة الزجلية وهى التى كانت موضوعا لرسالة دكتوراة لاحد الباحثين بكلية الاعلام
الطريف أن الاستاذ صادق قنبر استخدم كلمات مانشيت (يا خرابي يا عرابي )عام 1975عندما خسر فريق الاتحاد السكندرى أمام فريق الاسماعيلى بخمسة اهداف مقابل هدفين فى اللقاء الذى جمع الفريقين بمسابقة الدوري العام ضمن مباريات الاسبوع الثامن والعشرين ليخرج مانشيت ( يا خرابي بالخمسة يا عرابي )
ولم يكن التصدى لخمس ركلات جزاء هو الانجاز الوحيد لعرابى فصاحب القفاز الاسود دخل مرتين الى موسوعة الاتحاد الدولى للتأريخ و الاحصاء فى قائمة اكثر حراس العالم حفاظاً على نظافة شباكه حيث احتل عرابى مركزين فى القائمة هما .. المركز 222 بـ 716 دقيقة فى الفترة من 3 سبتمبر 1976 حتى 21 ديسمبر 1976 و المركز 254 بـ 701 دقيقة فى الفترة من 23 فبراير 1973 حتى 15 ابريل 1973 و ضمت القائمة 280 حارساً على مستوى العالم .
والكابتن حسن عرابى من مواليد 1948 هو اشهر حارس مرمى فى تاريخ الاسكندرية خلال فترة السبعينيات من القرن العشؤين وكان لة دورا كبيرا فى حصول فريق الاتحاد السكندرى على كاس مصر عام 1973 و 1976 مع جيل يعتبر من افضل اجيال الاتحاد شحتة وبوبو والبابلى و الجارم والكيلانى و محيي عثمان وسمير مخيمر وسيد كروان وغيرهم من النجوم كما شارك عرابى في بطولة الأندية الافريقية ابطال الكؤوس موسمي 74، 77 ووصل الفريق للدور قبل النهائي وكان عرابى الذى رحل عن عالمنا عام 2009 عن عمر يناهز 61عاما احد العناصر الهامة فى منتخب مصر وشارك معه فى العديد من المناسبات وقد امتاز النجم الراحل بالاخلاق و السمعه الطيب

فى عام 2001 وعلى طريقة الحارس الفذ حسن عرابي تالق الحارس الارجنتينى لاوريانو تومبولينى وانقذ خمس ركلات ترجيحية فى مباراة نادية روزاريو سنترال الارجنتينى ضد نادى امريكا دى كالى الكولومبي فى اياب ربع نهائي كاس ليبرتادورس لكرة القدم ( كاس اندية امريكا الجنوبية ) والذى شهد قمة الاثارة والمتعة حيث انتهت المباراة بفوز الفريق الارجنتينى بثلاثية نظيفة احرزها فى اخر سبع دقائق من عمرالمباراة ليحتكم الفريقان لركلات الترجيح حيث كانت نتيجة مباراة الذهاب ثلاثية لصالح الفريق الكولومبي وامتد مارثوان ركلات المعاناة الترجيحية الى 8 ضربات لكل فريق وفاز فيها روزاريو 4 /3 ليرفع جمهور الفريق الارجنتينى حارسه الامين لاوريانو تومبولينى مثلما فعل جمهور نادى الاتحاد السكندري مع الحارس الكبير حسن عرابي

تم نسخ الرابط