خان ”فاروق” وعارض ”عبد الناصر” وكتم أسرار ”السادات”..ورفض أوامر مبارك..حكايات لا تعرفها عن مؤلف الروائع أنيس منصور
هو الأديب والفيلسوف، الذي عرف عنه أنه عدو المرأة، الكاتب المحترف الراحل أنيس منصور، الذى وظف قلمه للتحليلات السياسية، وأبحر فى سماء الخيال ليحفر اسمًا تتناقله الأجيال، حيث لم يترك أنيس منصور مجالًا إلا وكتب فيه، وصاغ جوانبه فى أبسط الجمل بقلمه، وقدم لنا أبرز التحف الأدبية والفلسفية فى تاريخ الأدب العربى.
ولد أنيس منصور فى 18 أغسطس 1924 فى إحدى قرى محافظة الدقهلية، حفظ القرآن كله وهو فى التاسعة بـ كتاب القرية، وكان له فى ذلك الكتاب حكايات عديدة حكى عن بعضها فى كتابه "عاشوا فى حياتى"، كما كان يحفظ آلاف الأبيات من الشعر العربى والأجنبى.
درس أنيس منصور الثانوية فى مدينة المنصورة حيث كان الأول على الجمهورية حينها، وكان ذلك استكمالاً لتفوقه فى صغره، حيث اشتهر بالنباهة والتفكير المنطقى، لدرجة أنه إذا جاءت حصص اللياقة البدنية كان المدرسون يقولون له كما ذكر فى كتابه عاشوا فى حياتى "بلاش كلام فارغ انتبه لدروسك ومذاكرتك، الأولاد دول بايظين، لأنهم كانوا يرون فيه مستقبلاً باهراً وشخصية فريدة".
وبعد ذلك التحق الأديب الراحل بكلية الآداب جامعة القاهرة برغبته الشخصية، دخل قسم الفلسفة الذى تفوق فيه، وحصل على ليسانس آداب عام 1947، وعمل مدرساً للفلسفة الحديثة بكلية الآداب جامعة عين شمس من عام 1954 حتى عام 1963، وعاد للتدريس مرة أخرى عام 1975، ثم تفرغ للكتابة، والإبداع الأدبى.
وللكاتب الراحل مؤلفات تحولت إلى أعمال فنية، منها «عريس لفاطمة» الذي عرض عام 1982، وقام ببطولة هذا العمل الفنان محمد رضا، وكريمة مختار، وسامي العدل، ومن إخراج سعيد عبدالله، وقدم أنيس منصور فيلم «مدرسة الحب» عام 1988، وكان هذا العمل من بطولة الفنان صلاح السعدني، ومها أبوعوف، وإلهام شاهين، ومصطفى متولي، ومن إخراج عثمان شكري سليم.
وقدم المؤلف أنيس منصور، المسلسل العائلي «من الذي لا يحب فاطمة» عام 1993، وكان من أبطال هذا العمل أحمد عبدالعزيز، وكريمة مختار، وحسن مصطفى، وشيرين سيف النصر، وإخراج أحمد صقر، كتب أنيس منصور للتلفزيون عام 1990 مسلسل «هي وغيرها»، ومن بطولة أحمد فؤاد نجم، وليلى جمال، ومحمد ثروت، وإحسان القلعاوي، وصابرين، ومن إخراج أحمد خضر.
وفي عام 2000، عرض لأنيس منصور مسلسل «يعود الماضي»، التي تدور أحداثه في إطار كوميدي حول الطبيب النفسي الذي يتميز بعلاقاته الطيبة بمرضاه، محاولا مساعدتهم في تخطي مشاكلهم النفسية، وشارك في هذا العمل: الفنان محمد رشاد، وروجينا، ومحمد رياض، وحسن حسني، ومها أحمد، ومها أبو عوف، وحسين فهمي، ومجدي كامل، ومن إخراج محمد النقلي.
اقترب أنيس منصور من الرؤساء أشهرهم السادات وفى إحدى مقالاته كتب "السلطة كالشمعة المتوهجة نعم تضئ لكن إذا اقتربت منها جدًا قد تحرقك" هكذا كان يعتقد أنيس منصور، رغم أنه كان المعروف بـ"كاتم أسرار" الرئيس السادات، وعرف أيضا عددًا من الملوك والأمراء عن قرب، وتخصص بنقل أسرار الملك فاروق، ورغم انتقاده الحاد للرئيس جمال عبد الناصر لكنه يعترف بوطنيته وإنجازاته إذ أنه يقول "وإن كان ديكتاتورا لكن خدعه دراويشه فصوروه كنبى لا يخطئ".
وكتب أنيس منصور عدة مقالات تحت عنوان "عبدالناصر المفترى عليه والمفتري علينا"، وقرر نشرها في كتاب، وتدور المقالات حول فترة حكم ناصر، ويقول أنيس في مقال له: "جاء نشر المقالات بسبب مرور 25 عاما على قرار الرئيس جمال عبدالناصر بفصلي من عملي بسبب مقال نشرته تحت عنوان (حمار الشيخ عبدالسلام)، وهي مناسبة خاصة"، وفي مؤتمر صحفي للرئيس مبارك حضره ثلاثمائة من الإعلاميين وقبل أن يجلس على المنصة تساءل: "أين أنيس منصور؟"، فرفعت يدي قائلًا: "أيوه يا ريس"، فقال: "يا أنيس، أرجوك، في عرضك، كفاية مقالات عن عبدالناصر، تسبب لي صداعًا، كفى، فكل رئيس لديه أخطاؤه وكفى".
وتابع منصور: "قلت حاضر يا ريس، ولكني انتهيت منها وبدأت سلسلة أخرى"، فقال الرئيس: "كفاية بقى"، وجلس الرئيس وجلست، ثم عاد يقول: "للأمانة أنا كلمت أنيس في بيته مرتين، وتناقشنا ولكنه لم يستجب".
وأثارت المقالات ردود فعل واسعة لدى الناصريين، لدرجة أنهم دبروا عملية اغتيال أنيس منصور في بيته، وبالفعل ذهبوا إلى بيت أنيس منصور في سيارة وأطلقوا الرصاص على الحراس.
"كل شىء فى الدنيا تعب إلا الموت فهو نهاية كل تعب".. أشهر مقولات أنيس منصور الذى رحل صباح يوم الجمعة الموافق 21 أكتوبر 2011 عن عمر ناهز 87 عاماً، بعد تدهور حالته الصحية على إثر إصابته بالتهاب رئوى وبعد معاناته الشديدة مع المرض.