حكم وضع اليد علي الأرض المملوكة للدولة
تساءل البعض عن حكم اغتصاب أرض تمتلكها الدولة عن طريق ما يُسمَّى بوضع اليد؟ وماذا يفعل من حاز أرضًا بهذه الطريقة؟
وقال الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية أن المقصود بالأرض المملوكة للدولة: هي الأراضي التي لها طبيعة الملكية العامة للدولة، والتي خصصتها لمرافق عمومية أو هيئات إدارية؛ وذلك عن طريق إحدى الجهات الحكومية التابعة لها، وذلك مِثْل ما تملكه الهيئة العامة للمجتمعات العمرانية الجديدة، أو الهيئة العامة لاستصلاح الأراضي وما شابه. ينظر: "الوسيط في أموال الدولة العامة والخاصة" للدكتور/ إبراهيم عبد العزيز شيحا، (1/ 33، ط. دار المطبوعات الجامعية).
وأوضح أن معنى وضع اليد عليها: مجرد حيازتها وإشغالها، سواء استُغِلَّت بالفعل ببناءٍ عليها مَثَلًا، أو استصلاحها أو زراعتها، أو لم تُسْتَغَلَّ، وذلك كله على وجهٍ يَترتَّب عليه تَعطُّل انتفاع الدولة بها.
ومن المقرَّر شرعًا أنَّ الاعتداء على حقوق الغير مطلقًا، بأي وجه مِن وجوه الاعتداء محرم شرعًا؛ وذلك لأن فيه ظلمًا بيِّنًا وعدوانًا على حقوق الناس وأكلًا لها بالباطل، وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِل﴾ [النساء: 29]، ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا» رواه الشيخان عن أبي بَكرةَ رضي الله عنه.
وأشار إلي أن من أنواع الاعتداء على حقوق الغير: الغصب؛ وفي ذلك يقول الإمام الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (5/ 273، ط. دار الفكر) نقلًا عن ابن رشد الجد: [التعدي على رقاب الأموال سبعة أقسام، لكل قسم منها حكم يخصه، وهي كلها مجمع على تحريمها، وهي: الحرابة، والغصب، والاختلاس، والسرقة، والخيانة، والإدلال، والجحد] اهـ.
والغصْب هو أخذ الشيء ظلمًا وقهرًا بغير حق، وهو محرم؛ قال ابن منظور في "لسان العرب" (1/ 648، ط. دار صادر): [الغصب: أخذ الشيء ظلمًا.. وهو أخذ مال الغير ظلمًا وعدوانًا] اهـ.
وقال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (11/ 49، ط. دار المعرفة): [(اعلم) بأن الاغتصاب أخذ مال الغير بما هو عدوان من الأسباب، واللفظ مستعمل لغة في كل باب مَالًا كَانَ المأخوذ أو غير مال. يقال: غصبت زوجة فلان وولده، ولكن في الشرع تمام حكم الغصب يخْتصُّ بكون المأخوذ مالًا متقومًا، ثم هو فعل محرم؛ لأنه عدوان وظلم]