الملك فاروق اتهمه بالشيوعية ..وغني لجمال عبد الناصر ..وأحيا فرح أنور السادات.. ومحمد عبد الوهاب تسبب في موته.. حكايات ”شارلي شابلن ” عمر الجيزاوي
فنان مختلف ومتفرد عن أبناء جيله .. قدم لون جديد من الأغاني ما جعله في مكانة خاصة ..قدم العديد من الأغاني من أشهرها "أتفضل قهوة" و"معانا الفاكك والفاكوك" ..صاحب شخصية الصعيدي الساذج.. اكتشفه ملك الكوميديا على الكسار ..
إنه الفنان والمونولوجست عمر الجيزاوي..
علي النقيض كانت حياة الجيزاوي مليئة بالصراعات سواء داخل المجال الفني أو خارجه ومن خلال هذا التقرير نستعرض أهم صراعاته.
اسمه الحقيقي عمر سالم ..من مواليد الجيزة في حارة درب الروم فى24 ديسمبر من عام 1917، لكن نجلته "فرفش" كشفت فى حوار لها أنه مولود فى "أبوتيج" بأسيوط، وأنه ظل هناك مع أخويه لفترة عاملًا فى ورش الطوب وفى المعمار، حيث كان والده من رجال المقاولات التى أجبرته الحرب العالمية الأولي لترك الصعيد و جاء للقاهرة وأقام فى شارع المأمون بالجيزة.لم يكمل عمر تعليمه، وتعلم فى الكُتّاب لكنه أحب العمل مع والده، وعندما كان يشارك العمال في رفع الأسمنت على السقالة، كان يغنى وسمعه أحد المقاولين فطلب مشاركته فى حفل زفاف ابنته، لينطلق بعدها فى كل أفراح المنطقة وذاعت شهرته وأصبح مطلوبا لحفلات الكبار ويقال أنه أحيا فرح الرئيس الراحل أنور السادات علي جيهان السادات.
في عهد الملك فاروق كان الجيزاوي معارض له بسبب سياساته، وكان دائما ما يطلق النكات والمونولولجات الساخرة منه فراقبه البوليس السياسى، وتحول من مونولوجست يرسم الضحكة على وشوش الناس إلى معارض سياسي يزعج عرش الملك فاروق و بوليسه السياسي، حيث تعمد منذ أن احترف عالم الغناء فى الأفراح وشارع الهرم وبداياته مع عالم السينما عام 1948، أن يسخر من النظام السياسي ويقول عن ذلك الجيزاوي: “كنت أسخر بالمونولوج من أفعال الملك فاروق لدرجة أنهم وضعوا أسمي في كشوفات البوليس السياسي علي أنني "شيوعي"، هددوني بعدها بقولهم لن تجد عملاَ بعد الآن وسيفتش البوليس بيتك كل يوم وربما تدخل السجن بحجة أو بأخري سنلفقها لك، وهناك حل إذا قبلته تركناك، لابد أن تشيد في أغانيك بالملك وكل أفراد الأسرة، وهو ما رفضته بالثلاثة". قرر الجيزاوي أن يعتزل الغناء والتمثيل ويجلس فى بيته بعد أن قدم أول أفلامه السينمائية، وقتها، ولكن أنقذته ثورة يوليو من عزلته بعد أن عزلت فاروق وحاشيته ليعود عمر ويصبح أحد رجالها ومناصريها الأشداء، بالمال والغناء.انحاز عمر الجيزاوى للثورة مبكرًا، وحينما نجا عبدالناصر من محاولة اغتياله فى المنشية غنى له "سالمة يا سلامة"، وعندما ضحك ناصر على الأمريكان وبنى بأموالهم برج القاهرة، غنى الجيزاوى:"م البرج العالى بصيت.. على بلدى الغالية.. بصيت.. شفت الهرمات.. شفت الأثرات".سافر الجيزاوي إلى معظم دول العالم بفرقته، التي أسسها وعرض على مسارح إيطاليا وباريس، ولأنه حقق نجاحًا مدويًا فى فرنسا، طبعوا صورته على علب الكبريت، وتزوج من إحدى الإيطاليات التى كانت تذهب لمشاهدته ثم أدمن الزواج وتزوج من فرنسا و لبنان، حتي وصلت زواجاته إلي حوالي 10 زواجات، فتزوج أول مرة وأنجب ٤ بنات وأسماهن "فرفش، أسرار، تحفة، جلاء"، وثلاثة ذكور "الجيزاوي، عمار، مصطفى"، ثم تزوج من الراقصة اللبنانية أنوار حسين وأنجب منها "معين".
وقال "الجيزاوي" في إحدي تصريحاته القديمة : "تستطيعون أن تطلقوا عليا لقب شارلي شابلن العرب ففي باريس اعجبوا بفني واعتبروني فنانا فريدا مميزا، فقد نلت في الخارج تكريما وتقديرا لم أنله في بلدي، فقد في الخارج طبعوا صورتي علي "علب الكبريت" اعتراف منهم بتألقي وتميزي".
وأضاف عمر الجيزاوي: "تزوجت خواجاية من هناك فتاة جميلة أعجبت بي وبغنائي، كانت تحضر كل يوم إلى المسرح لرؤيتي"
شارك فى حفلات المجهود الحربى، وغنى للكثيرين من الشعراء الكبار من أمثال مصطفى الطاير وحسيب غباشى، عبدالرحمن الأبنودى الذى كتب له أغنية نادرة اسمها "البندقية" لحنها حسن نشأت.
تم تكريم الجيزاوي من جمال عبدالناصر فى حياته، ومن الرئيس السادات أيضًا، لكن فى احتفالات مصر بعودة سيناء فوجئ الجيزاوى بالفنانة شادية التى سبق وأن شاركته التمثيل فى عدة أفلام، تغنى من ألحان جمال سلامة "ياللى من البحيرة وياللى من آخر الصعيد، فغضب الرجل، فقد سجل هذه الأغنية من كلمات مصطفى الطاير وألحانه فى بداية الخمسينيات بالإذاعة المصرية.. فكيف ينسبونها لجمال سلامة؟.
وذهب الرجل إلى المحكمة.. وقضت جمعية المؤلفين والملحنين بنسبة نصف اللحن والأغنية لجمال سلامة ونصف اللحن لعمر الجيزاوى.. ونصف كلماتها لمصطفى الطاير والنصف الآخر لعبدالوهاب محمد.. لكن ما أفجع الرجل وسبب له جلطة هو شهادة عبدالوهاب والذي رأى أن "ياللى من البحيرة وياللى من آخر الصعيد" مجرد نداء زى" يا أيها الناس"، لا يمكن نسبته لأحد، أصيب الجيزاوى بالاكتئاب، وأودت به الجلطة إلى شلل أقعده حتى وفاته فى 1983.