كيف ترد علي السؤال الشائك”أين الله”؟ ..الإفتاء تجيب
قالت دار الإفتاء المصرية، إنه إذا سأل سائل: أين الله؟ أجبناه بأن الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء كما أخبر سبحانه عن نفسه في كتابه العزيز حيث قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى: 11].
وأضافت أنه لا ينبغي للفرد أن يتطرق ذهنه إلى التفكر في ذات الله سبحانه وتعالى بما يقتضي الهيئة والصورة، فهذا خطر كبير يفضي إلى تشبيه الله سبحانه وتعالى بخلقه، ونخبره بأنه يجب علينا أن نتفكر في دلائل قدرته سبحانه وآيات عظمته فنزداد إيمانًا به سبحانه.
ولفتت دار الإفتاء عبر موقعها الإلكتروني، إلى أنه قيل ليحيى بن معاذ الرازي: أَخْبِرْنا عن الله عز وجل، فقال: إلهٌ واحدٌ، فقيل له: كيف هو؟ قال: مَلِكٌ قادرٌ، فقيل له: أين هو؟ فقال: بِالمِرصاد، فقال السائل: لَم أسألْك عن هذا؟ فقال: ما كان غير هذا كان صفة المخلوق، فأما صِفَتُه فما أَخبَرْتُ عنه.
ونوهت إلى أنه سُئِل ذو النُّونِ المصري رضي الله عنه عن قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى﴾ [، فقال: [أَثْبَتَ ذاتَه ونَفَى مَكانَه؛ فهو موجودٌ بذاته، والأشياء بِحِكمته كما شاء]، مشيرة إلى أن ما وَرَدَ في الكتاب والسُّنة مِن النصوص الدالَّةِ على عُلُوِّ الله عزَّ وجَلَّ على خَلقِه فالمُراد بها عُلُوُّ المكانةِ والشرفِ والهَيْمَنَةِ والقَهْرِ؛ لأنه تعالى مُنَـَزَّهٌ عن مُشابَهَةِ المخلوقين، وليسَتْ صِفَاتُه كَصِفَاتِهم، وليس في صِفَةِ الخالق سبحانه ما يَتَعَلَّقُ بِصِفَةِ المخلوق مِن النَّقص، بَل له جَلَّ وعَلَا مِن الصِّفَات كَمَالُها ومِن الأسماء حُسْنَاها، وكلُّ ما خَطَرَ بِبَالِكَ فاللهُ تعالى خِلَافُ ذلك، والعَجْزُ عن دَرْكِ الإدراكِ إدراكُ، والبحث في كُنْه ذات الرب إشراكُ.
وأوضحت الإفتاء، أن السؤال عن الله سبحانه وتعالى بـ"أين" كمسألة تفصيلية من مسائل علم الكلام وأصول الدين: فيؤمن المسلمون بأن الله سبحانه وتعالى واجب الوجود، ومعنى كونه تعالى واجب الوجود: أنه لا يجوز عليه العدم، فلا يقبل العدم لا أزلًا ولا أبدًا. وأن وجوده ذاتي ليس لعلة، بمعنى أن الغير ليس مؤثرًا في وجوده تعالى، فلا يعقل أن يؤثر الزمان والمكان في وجوده وصفاته.
وقالت فإن قُصد بهذا السؤال طلب معرفة الجهة والمكان لذات الله، والذي تقتضي إجابته إثبات الجهة والمكان لله سبحانه وتعالى، فلا يليق بالله أن يسأل عنه بـ"أين" بهذا المعنى؛ لأن الجهة المكانية من الأشياء النسبية الحادثة، بمعنى أننا حتى نصف شيئًا بجهة معينة يقتضي أن تكون هذه الجهة بالنسبة إلى شيء آخر، فإذا قلنا مثلًا: السماء في جهة الفوق، فستكون جهة الفوقية بالنسبة للبشر، وجهة السفل بالنسبة للسماء التي تعلوها وهكذا، وما دام أن الجهة نسبية وحادثة فهي لا تليق بالله سبحانه وتعالى.
واختتمت الإفتاء إجابتها قائلة"لا يجوز وصف الله سبحانه وتعالى بالحوادث، ولا السؤال عنه بما يقتضي وصفه بذلك، فلا يسأل عن الله بـ"أين" بقصد معرفة جهة ذاته سبحانه ومكانها؛ وإنما يجوز أن يسأل عنه بـ"أين" بقصد معرفة ملكوته سبحانه، أو ملائكته، أو أي شيء يجوز السؤال عنه ووصفه بالحوادث، وعلى هذا يُؤوَّل معنى ما ورد في الشرع من السؤال بـ"أين" أو الإخبار بما ظاهره الجهة".