عبدالناصر طردها خارج مصر ..وعادت بعد وفاته.. وجمعتها صداقة بالسادات وأيدت حسني مبارك.. ورفضت مقابلة مرسي ووجهت رسالة مؤثرة للسيسي..مواقف وطنية لسيدة الشاشة فاتن حمامة
لم تكن الفنانة الراحلة فاتن حمامة بمعزل عن السياسة بل كانت لها أراء سياسية جريئة ومعبرة، وكان لها رأيها في كل من حكم مصر ابتداء من الرئيس جمال عبد الناصر وحتى الرئيس عبدالفتاح السيسي،حيث مرت فاتن بتقلبات سياسية كثيرة ما بين مؤيدة للنظام خلال عهود السادات ومبارك والسيسي ومعارضة خلال حكم عبد الناصر والإخوان.
رحبت الفنانة الراحلة بتولي الرئيس السيسي حكم البلاد، وعبرت عن ذلك في أكثر من لقاء وتصريح خاص لها، وهاجمت الإخوان وأكدت في أكثر من تصريح أنهم حاولوا اختطاف مصر والاعتداء على الفن والفنانين.
كما دافعت "سيدة الشاشة العربية" عن القضية التي اتهم فيها الفنان عادل إمام بازدراء الأديان في عهد "الإخوان"، وهو الأمر الذي دفعها للخروج عن صمتها ومُهاجمة كل من يتحدث باسم الدين.
أما في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فقد غادرت فاتن حمامة مصر من عام 1966 إلى 1971 احتجاجاً على الضغوط السياسية التي تعرضت لها، وكانت خلال تلك السنوات تتنقل بين بيروت ولندن، وقالت في مقابلة صحفية أجريت معها في ذلك الوقت لقد ظلم الناس واقتيدوا من بيوتهم ظلماً للسجن في منتصف الليل، و تعرضت إلى مضايقات وأدى هذا إلى منعها من السفر والمشاركة بالمهرجانات، ولكنها استطاعت ترك مصر بعد تخطيط طويل.
أثناء فترة غيابها طلب الرئيس جمال عبدالناصر من مشاهير الكتاب والنقاد السينمائيين بإقناعها بالعودة إلى مصر، ووصفها عبدالناصر بأنها "ثروة قومية" ومنحها وساماً فخرياً في بداية الستينيات، ولكنها لم ترجع إلى مصر إلا في عام 1971 بعد وفاته.
وعن فترة حكم عبدالناصر، قالت فاتن حمامة في تصريحات صحافيه: "فرحت بقدوم عبدالناصر وأيدته وساعدته وتصورنا أن التغيير سيكون لصالح الجميع، ولكن بعد انفصال سوريا عن مصر حدث تغير كبير في شخصية وحكم عبدالناصر، صار الحكم قاسياً وكرهت الظلم لبعض الوطنيين، عبدالناصر كان رئيساً وطنياً وأميناً لم يسرق البلد، ولكن نظامه كان قاسياً في فترات كثيرة.
وأضافت: "لم أهرب من ناصر ولكن من رجاله في ذلك الوقت، فقد كان مطلوباً مني تعاوناً لا أقبله، وكنت مرعوبة، وفي نفس الوقت كنت على ثقة بأن عبدالناصر شخصياً لا يعرف ما يدور حوله في مثل هذه الأمور، مما دفعني للهروب خارج مصر، ولأن أولادي كانوا صغاراً فقد مارست دور الأم كاملاً خلال السنوات الأربع التي قضيناها بالخارج، وكانت أصعب فترة عشتها في حياتي لأن هزيمة 1967 وقعت وأنا في لندن وكنا كمصريين نعتبر بيوتنا مخبأ لنا، فما بين الحزن والشعور بالانكسار عشت كثيراً من سنوات الغربة".
وبعد عودتها لمصر قالت في تصريحاتها : "قبل شهور من عودتي اتصل بي يوسف إدريس وقال لي كفاية سفر، وأكد لي أن أم كلثوم ستساندني ولن يقترب مني أحد، فقلت له وهل تملك أن تصدر قانوناً بحرية السفر والتنقل، فقد كنا في ذلك الوقت لا نستطيع السفر إلا بتصريح مسبق من السلطات، ومرت سنوات حيث توفي عبدالناصر وتصادف أنني كنت أستقل سيارة تاكسي فالتقيت بسيدة مصرية لا أعرفها وعبرت لي عن مدى افتقاد الجمهور في مصر لي، وكانت كلمات هذه السيدة سبب عودتي دون قيد أو شرط، فعدت إلى بيتي وجمعت حقائبي، وكنت في المطار بعد ساعات عائدة لمصر من العام 1971".
وفي عهد الرئيس أنور السادات قابلت فاتن حمامة الرئيس الراحل أكثر من مرة ومن بينها إلقائها شعراً باللغة العربية الفصحى على المسرح حيث ألقت الشعر بحضور السادات، وعميد المسرح العربي يوسف وهبي، وزكي طليمات، وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب.
كما جمعت علاقة صداقة قوية بين فاتن حمامة والسيدة جيهان السادات، وكانتا تتبادلان المكالمات الهاتفية على فترات، كما جمعتهما عشرات المناسبات واللقاءات الخاصة والعامة التي جمعتهما سوياً خلال سنوات ابتعاد سيدة الشاشة العربية عن الأضواء.
وقالت فاتن عن السادات : " كان رجلاً متفتحاً وإنساناً طيباً ولكنه ذكي جداً، كنت أحبه وأحترمه، وفى عصره تغيرت معايير السياسة والفن أيضاً، لكن ظلت مصر تعاني من كثير من مشاكلها، ومشكلتها الأكبر الزيادة السكانية، وكان فيلمي أفواه وأرانب إشارة لأزمتنا الكبرى".
أما عن علاقتها بالرئيس محمد حسني مبارك، فأكدت أنها تحبه كثيراً ووصفته بأنه طيب ولكنها كان لها رأي مؤيد لثورة 2011، وشجعت ثوار 25 يناير على الحفاظ على مكتسبات ثورتهم وذلك في الذكرى الأولى لها.
وبحسب الفنانة الراحلة ففي سنوات حكم مبارك الأولى كانت مصر تتطور وربما يكون فيلم "يوم حلو يوم مر" الذي قدمته في الثمانينيات هو الذي دفعها لمواجهة واقع مصر الذي كانت تجهله، قائلة :"فحين عرضوا علي سيناريو الفيلم وقرأته قلت لخيري بشارة هذه مبالغة مصر فيها فقر لكن ليس بهذا الشكل، فاصطحبني إلى حي شبرا الذى كان موقع أحداث الفيلم، وكنت أعرف شبرا في صغري، وكان حياً جميلاً نظيفاً، فيه أغنياء وفقراء، ولكن ليس كما رأيته مع خيري، فالفقر فيه كان مخيفاً، فرأيت خمس أسر تسكن في شقة واحدة وبعد الزيارة وافقت على الفيلم، وكنت أرى أن الفقر وصل في عهد مبارك إلى حد لا يطاق".
وقالت عن فترة حكم محمد مرسي، : "كانت فترة صعبة سببت لي توتراً وحزناً وقلقاً، لكن الحمد لله انتهت، صحيح ما زلنا نعاني من تبعات هذا الحكم من إرهاب وغيره لكني على ثقة من أننا سنتجاوز هذه المحنة كما تجاوزنا غيرها"، ورغم دعوة مرسي لها لحضور اجتماعه بالفنانين لطمأنتهم على حال الفن في عهده، لم تحضر، وقالت وقتها بأنها مصابة بـ"نزلة برد".
أما في عهد المستشار عدلي منصور، فقالت عنه سيدة الشاشة "إنه رجل واضح وخلوق يقدر الفن والفنانين فقد استمعت لكلمته التي ألقاها وأنا في كواليس المسرح وكانت راقية تدل على رقي الرجل وكلامه عن عبدالوهاب جعلني أشعر بالسعادة الغامرة وابتسامته العريضة لي كانت تعني الكثير وكرمني الرجل بكل حب وترحاب وتقدير".
وأخيراً في عهد الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، فقد كانت الفنانة الراحلة ضمن من التقوا السيسي خلال حملته الانتخابية إلا أن وضع الفنانة الكبيرة كان مختلفاً، فقد ترك السيسي مقعده وتوجه لها ليلقي سلاماً خاصاً لها، قائلاً: "لا يمكن أن يفوتني أبداً أني أوجه كلمة شكر خاصة لك"، وحين أصيبت قبل وفاتها بوعكة صحية أدخلتها المستشفى، كلف الرئيس السيسي أحد أمناء رئاسة الجمهورية بزيارتها والاطمئنان عليها كما أرسل لها الزهور.