حكاية فيلم ” باب الحديد”.. محمود مرسي رفض البطولة بسبب 300 جنيه.. ويوسف شاهين سرق الدور من محمد توفيق..والجمهور كسر السينما يوم عرضه
يعتبر المخرج العالمي الراحل يوسف شاهين من أكثر المخرجين اتقانا وبراعة في اختيار أعماله..وكان يركز دائما في كل تفصيلة سواء كانت كبيرة أم صغيرة علي الرغم أن سوء الحظ لازمه عام 1958 أثناء عرض فيلم "باب الحديد" والذي أخرجه وشارك في بطولته حيث كاد الجمهور أن يكسر دار السينما في الحفلة الصباحية بعد 20 دقيقة من بداية الفيلم وطالبوا باسترداد أموالهم.
وقال عبدالحى أديب كاتب العمل : آخر ما كنت أتوقع أن يفشل فيلم"باب الحديد" تجاريا هذا الفشل الذريع في ذلك الوقت.
الفيلم شهدت كواليسه أحداث ساخنة ففي البداية كان مرشح لتجسيد دور أبو سريع الفنان محمود مرسي والذي تراجع عن الظهور فيه، حيث قرر صُناع العمل منحه 300 جنيه فقط، باعتباره وجه جديد سيراه الجمهور للمرة الأولى، إلا أن مرسي اعترض على الأجر، وتساءل كيف لبطل العمل أن يتقاضى أجرا أقل من بطلته، وهي الفنانة هند رستم “هنومة”، وبالتالي تم إسناد دور أبو سريع لفريد شوقي، وهو ثالث عمل يجمع بين شوقي وشاهين.
أما دور "قناوي" فكان مرشح له الفنان شكري سرحان وقت أن كان فتى الشاشة في تلك الفترة، ولكنه اختلف مع المنتج جبرائيل تلحمي على 50 جنيهًا طلبها زيادة على أجره، وهذا ما أكده الكاتب عبدالحي أديب، في حوار سابق له.
وتم ترشيح الفنان محمد توفيق لتجسيد الشخصية، وبعدما وقع عقدًا مع منتج الفيلم جبرائيل تلحمي قيمته "هايفة جدًا" علي حسب قوله في أحد الحوارات التلفزيونية، وقبض العربون بقيمة 100 جنيه، لكن بعدها بفترة انتظر فيها توفيق بدء تصوير الفيلم، ولم يحدث، حيث أن شاهين لم يقتنع به، واتفق مع "تلحمي" على أن يجسد شخصية "قناوي". قال "توفيق": شاهين اغتصب منى الدور و" بقيت كل ما أشوف يوسف شاهين أفضحه، أقوله يا يوسف ياحرامي الدور"،
لكن شاهين في لقاء آخر مع الإعلامي مفيد فوزي قال ردًا على ما حكاه "توفيق" إنه لا يقول الحق عن نفسه: "لو أنا كنت عاوزه كنت خليته مثل الدور".من أبرز المشكلات التي واجهت الفيلم أيضا أنه كان مهدداً بعدم الترخيص للسيناريو من قبل وزارة الداخلية، إذ وصل إلى إدارة الرقابة خطاب يحمل صفة "سري وعاجل"صادر من إدارة الأمن العام في وزارة الداخلية، يطلب من الرقابة رفض السيناريو ومنع إجازته نهائياً.
وكانت حجة وزارة الداخلية آنذاك أن العمال وقتها كانوا قد دخلوا في مواجهة مفتوحة مع نظام ثورة يوليو، بعد إعدام ثلاثة من زملائهم، والفيلم يحرض العمال على إنشاء نقابات للحصول على حقوقهم في مواجهة السلطة، إلا أن الرقابة كانت قد وافقت على السيناريو بالفعل قبل وصول خطاب الأمن العام.
ونشبت معركة كلامية عنيفة بين يوسف شاهين ومندوب وزارة الداخلية، بعدما طلب منع المشهد الذي يتحدث عن ضرورة تكوين نقابة للشيالين لحمايتهم من استغلال البلطجية، إلا أن شاهين أصر على وجوده استناداً إلى أن القانون يجيز شرعية تكوين النقابات العمالية.وبعد انتهاء عرض العمل وقف المخرج الراحل يوسف شاهين أمام محكمة الجنح، للتحقيق معه بتهمة التمثيل فى فيلم “باب الحديد ” وذلك يوم 7 نوفمبر 1958، حيث أنه خالف القانون الذى كان ينص علي عدم السماح لأي شخص خارج جدول نقابة الممثلين أن يقوم بعمل أى دور في الأفلام السينمائية وبذلك أصبح يواجه عقوبة السجن 30 يومًا وغرامة خمسين جنيهًا لقيامه بدور” قناوي” في فيلم باب الحديد.
وبرر " شاهين" تجسيده للشخصية أمام الجمهور حينها من خلال حواره المنشور بأحد مجلات الفن أنه لم ير أى شخص آخر يستطيع القيام بدور “قناوي”، كى يسند له الدور.