عبد الناصر اعترض.. والسادات اطلع علي ملفه الأمني.. أنيس منصور يتحدث عن علاقة الرؤساء بقصة زواجه
الكاتب و الفيلسوف و الأديب جميعها ألقاب لازمت أنيس منصور وكانت تعبر عن جزء بسيط من شخصيته ذات الفكر الفلسفى العميق .
عرف منصور بأن له عادات خاصة فى الكتابة حيث كان يكتب في الرابعة صباحاً ولا يكتب نهاراً ومن عاداته أيضاً أنه كان حافي القدمين ويرتدي البيجاما وهو يكتب كما عرف عنه أنه لا ينام إلا ساعات قليلة جداً، وكان يعاني من الأرق ويخشى الإصابة بالبرد دائماً.
حصل في حياته على الكثير من الجوائز الأدبية من مصر وخارجها ومن أبرزها الدكتوراه الفخرية من جامعة المنصورة وجائزة الفارس الذهبي من التلفزيون المصري وجائزة الدولة التشجيعية في مصر في مجال الأدب
وكان لزواجه قصة غريبة سنسردها فى السطور القادمة إحتفالاً بذكرى ميلاده اليوم :
كان لزوجة أنيس منصور رجاء منصور دور في ثورة 23 يوليو لم تعرفه هي نفسها حيث كان أخوالها زكريا توفيق وتوفيق عبد الفتاح من الضباط الأحرار وكانوا بحاجة للتخفي فكانوا يملونها المنشورات لتكتبها بخط يدها، وهي لا تدري لصغر سنها.
ويروي أنيس منصور أن ملفاته الأمنية كانت سبباً مرجحاً لزواجه بها فيقول: عندما طلبت من الرئيس السادات أن يطلعني على الملفات المكتوبة عني في أجهزة الأمن رأيت بعضها، فوجدت ملاحظتين: الأولى أن عدداً كبيراً من النكت منسوباً إلي كأني لا أفعل شيئاً في هذه الدنيا إلا النكت ومن المؤكد أن بعضها من تأليفي، ولكن ليست كل هذه النكت. الملاحظة الثانية عن قصصي الغرامية الكثيرة، كأني متفرغ للغراميات مثل واحد يجلس في الشارع على حارة زنقة الستات لا شيء يشغله إلا الحب، وقد أفأدنى هذا التقرير الأمني في زواجي.
اعترض أخوال زوجته وكانا يشغلان منصبي وزير التموين والشؤون الاجتماعية، ولكن أحدهما قال لزوجتي: لو ثبت أن أنيس يعرف ألف واحدة سأزوجه لك، ولو كان يعرف واحدة فقط فلن أزوجك له لأنه لن يتركها. وحينما أطلع على التقارير الأمنية وافق على زواجي.
و روى إبراهيم عبد العزيز في كتابه رسائل أنيس منصور أن الرئيس جمال عبد الناصر اعترض على اقتران أنيس بزوجته، باعتبار أنه لا يجوز لصحفي أن يناسب الضباط الأحرار، فما الحال بصحفي من أخبار اليوم - التي كان عبد الناصر ينظر إليها وإلى مؤسسها بريبة وشك - وكان محمد حسنين هيكل هو الذي خطب لأنيس زوجته، وكان شاهداً على عقد قرانه، حتى حينما انفصلا كان أحد الساعين لإعادته.
وفي لقاء تليفزيونى ببرنامج مصر النهاردة قال أنيس منصور أن الزواج نظام اجتماعي صعب بسبب صعوبة استمرار حياة طويلة بين زوجين لم يتعرفا إلى بعضهما بالشكل الكافي ولكنه قرر أن يخفف من وطأة صعوبة الحياة الزوجية حين قرر عدم الإنجاب ووافقته زوجته على ذلك.
يذكر أن أنيس منصور كان من أقرب المقربين إلي الرئيس السادات فتعارفهما كان بالصدفة..يروي أنيس ففي أحد الأيام كنت نازل من الأسانسير في "أخبار اليوم"، عندما التقيت وجها لوجه مع السادات نائب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذي بادرني بالكلام "أنت أنيس، أنا قرأت ما كتبته عن بوذا وكونفوشيوس"، فشكرته واتجهت للباب وبمجرد أن مشيت خطوة حتى وجدت العامل يهرول خلفي وينادي، ويخبرني أن السادات يريد لقائي ، فعدت مرة أخرى لكنني كنت أشعر بالخجل.
بادرته بالاعتذار، وبدأ السادات حديثه، وكان "يضغط على الحروف ويوجه كلماته مباشرة لي"، ثم صعدنا إلى مكتب رئيس التحرير مصطفي أمين – كان مسجونًا آنذاك- وطلب مني أن أكتب صفحة أدبية، وبالفعل نشرت بعدها بيومين، فوجدت منه اتصالا يقول: "أهنئك يا أنيس.. الصفحة بديعة وأنت كمان بديع"
بعد ذلك اللقاء توطدت العلاقة بين الكاتب والرئيس، واتفقت آراؤهم حتى في أكثر القضايا الشائكة، فقد كان أنيس من أشد مؤيدي السادات في المبادرة الساعية لتحقيق السلام بالشرق الأوسط، وتوقيع معاهدة كامب ديفيد 1978.
وروى الكاتب الصحفي كواليس زيارته لإسرائيل في ذلك الوقت، حيث إنه سافر مع زوجته إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج، ولكن بمجرد وصوله راجع موقفه وتمنى لو سافر بصحبة السادات، فتحدث إلى الرئيس على الهاتف وأخبره برغبته، فأرسل له السادات طائرة خاصة لتقله من مكة إلى تل أبيب، ما أدى إلى غضب البعض لتركه الحج والذهاب لإسرائيل فرد أنيس قائلا: "أنا حجيت قبل كدا 6 مرات".
واشترك أنيس مع الكاتب موسى صبري والدكتور بطرس غالي في كتابة الخطاب الذي ألقاه السادات في الكنيست، وكان باللغة العربية بالرغم من نصائح البعض للرئيس بإلقائه بالإنجليزية حتى يشاهده العالم.
في ليلة وصولهم إلى تل أبيب وبعد خلود أنيس إلى النوم استيقظ على استدعاء الرئيس له فذهب للرئيس ووجده في فراشه: "إنت نمت يا أنيس؟" فأجابه الأخير قائلا أن الأمر يطير النوم من عينه وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على قوة العلاقة بينهما.
كما أن الرئيس حينها سأله عن رأيه وعما رأى وأفصح السادات أن ما حدث في الشوارع كافٍ لضمان استرداد سيناء، وعرض أنيس عليه خلال الزيارة "صندوق الهواء"، موضحا أنها كانت تباع في مكتبات القدس ومكتوب عليها "هذه العلبة بها هواء نقي من الأراضي المقدسة" فضحك رجل السلام قائلا: "نحن إذن نتفاوض مع ناس بتبيع الهوا".