أجاب عنه النبي ﷺ .. من هو الأكيس والأفضل في المؤمنين؟
سُئل النبي ﷺ أى المؤمنين أكيس؟ قال: أكثرهم ذكرا للموت ، وأحسنهم لما بعده استعدادا "صحيح الترغيب"
والمقصود بهذا الحديث، أن العاقِلُ هو مَن يَسيرُ في حياتِه وعَينُه على آخِرَتِه؛ لأنَّ مَن صحَّت بِدايتُه استَقامَتْ نِهايتُه، ومَن تَذكَّرَ الموتَ ومُصيبتَه هانَت عليه جميعُ المصائبِ وأحسَنَ العملَ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رَضِي اللهُ عنهما: «كنتُ معَ رسولِ اللهِ ﷺ، فجاءَه رجلٌ مِن الأنصارِ، فسَلَّم على النَّبيِّ ﷺ، ثمَّ قال: يا رسولَ اللهِ، أيُّ المؤمِنينَ أفضَلُ؟ قال: أحسَنُهم خُلقًا»، أي: أفضَلُهم خُلقًا هو أفضَلُ النّاسِ، وهذا ليس على الإطلاقِ، ولكنَّه نوعٌ مِن التَّفضيلاتِ الَّتي ذكَرَها النَّبيُّ ﷺ في أحاديثَ مُتعدِّدةٍ يتَناسَبُ كلٌّ مِنها مع الحالِ والمقامِ.
قال الرَّجلُ: «فأيُّ المؤمِنين أكيَسُ؟»، والكَيْسُ: العَقْلُ والفِطْنةُ، فقال النَّبيُّ ﷺ: «أكثَرُهم للمَوتِ ذِكْرًا، وأحسَنُهم لِما بعْدَه استِعْدادًا؛ أولئكَ الأَكْياسُ»، والأكياسُ: العُقَلاءُ، جمعُ كَيِّسٍ وهو الرَّجُلُ الفَطِنُ، حسَنُ الفَهْمِ والسُّلوكِ؛ فأعقَلُ النّاسِ هو الَّذي يَرى الأمورَ على حَقيقتِها، فلا تَخدَعُه المظاهِرُ ولا تُلْهيه السَّفاسِفُ عن إداركِ الحقائقِ، فهو يَرى الدُّنيا على حقيقتِها، دارَ ابتِلاءٍ وامْتِحانٍ، كما قال تَعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ والْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك: 2]، وغايَتُها أن تَكونَ قَنْطَرةً يَعبُرُ عليها إلى الدّارِ الآخِرةِ، ومَرحَلةُ يتَزوَّدُ الإنسانُ منها إلى الآخِرَةِ، ولأنَّ مَن صدَقَ في ذِكْرِه للمَوتِ فرَّ إلى اللهِ ومَن صدَق فِرارُه إلى اللهِ، صدَقَت توبتُه وإنابتُه إلى ربِّه، وصدَق في سَيرِه وهَدْيِه على صراطِ اللهِ حتّى يَلْقى اللهَ تبارك وتعالى.