تعرف علي قصة الصحابي الذي غطى الله جسده بجيش من النحل
هو الصحابي الجليل "عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح" الأنصاري وكان يعرف بـ "أبا سلمان" شهد معركة بدر، وهو أخو جميلة بنت ثابت زوجة عمر بن ال الخطاب وقد كان عاصم بن ثابت عالمًا وفقيهًا له فضل عظيم .
جهاده
اتسم عاصم بن ثابت رضي الله عنه بأنه كان جامعًا بين العلم والجهاد، فقد شارك النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر وغروة أحد ، وقد تمكن من قتل الكثير من المشركين ، فقد قتل عقبة بن أبي معيط الأموي في يوم بدر ، كما أن موقفه مع النبي صلى الله عليه وسلم خلال ليلة العقبة كان يدل على علمه ومعرفته بالحرب .
يروي الحسين بن السائب فيقول: لما كانت ليلة العقبة أو ليلة بدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه: “كيف تقاتلون” فقام عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح فأخذ القوس والنبل وقال: أي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان القوم قريبا من مائتي ذراع أو نحو ذلك كان الرمي بالقسي فإذا دنا القوم تنالنا وتنالهم بالرماح حتى تتقصف فإذا تقصف تركناها وأخذنا السيوف فكانت السلة والمجالدة بالسيوف قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قاتل فليقاتل قتال عاصم” .
أما في غزوة أحد فقد ثبت عاصم بن ثابت مع الرسول صلى الله عليه وسلم وكان يدافع عنه بعد أن فرّ الناس من حوله ، فقد كان عاصم رضي الله عنه نبالاً أي يقوم برمي القوس والسهم ، وتمكن خلال تلك الغزوة من قتل الحارث بن طلحة بن أبي طلحه وأخوه مسافع بن طلحة ، وقد كانوا من أصحاب الألوية بجيش المشركين ، وعندما علمت أمهما سلافة بنت سعد بمقتلهما ، حزنت حزنًا شديدًا ونذرت أن تشرب الخمر في رأس عاصم بن ثابت ، وجعلت لمن جاءها برأسه مائة ناقة .
العلم والفقه
أنعم الله تعالى على الصحابي الجليل عاصم بن ثابت بالعلم والفقه ، لذلك فقد أرسله النبي صلى الله عليه وسلم على رأس وفد مع قوم من هذيل لكي يقوم بتعليمنهم الدين وتعاليم الرسالة المحمدية ، وقد بعث معه بعض الصحابة منهم الصحابي خالد بن البكير و الصحابي خبيب بن عدي والصحابي عبد الله بن طارق والصحابي زيد بن الدثنة أخو مني بياضة بن عامر ومرثد بن أبي مرثد العنوي حليف حمزة بن عبد المطلب .
وفاته
عن أبي هريرة قال: ” بعث الرسول سرية عينًا له، وأمر عليهم عاصم بن ثابت فانطلقوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق بين عسفان ومكة نزولا ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان فتبعوهم في قريب من مائة رجل رام فاقتصوا آثارهم، حتى لحقوا بهم. فلما رآهم عاصم بن ثابت وأصحابه لجأوا إلى فدفد وجاء القوم فأحاطوا بهم وقالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا ألا نقتل منكم رجلاً .
فقال عاصم بن ثابت: ” أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم فأخبر عنا رسولك. فقال: فقاتلوهم فرموهم حتى قتلوا عاصمًا في سبعة نفر، وبقي زيد بن الدثنة وخبيب بن عدي ورجل آخر، فأعطوهم العهد والميثاق أن ينزلوا إليهم فنزلوا إليهم فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قسيهم، فربطوهم فقال الرجل الثالث الذي كان معهما: هذا أول الغدر فأبى أن يصحبهم فجروه فأبى أن يتبعهم وقال إن لي في هؤلاء أسوة فضربوا عنقه وانطلقوا بخبيب بن عدي وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بمكة . “
بعد مقتل عاصم رضي الله عنه أراد المشركون أن ياخذوا رأسه لكي يقوموا ببيعه لسلافة بنت أسد وهي المرأة التي نذرت أن تشرب في قحف رأس عاصم الخمر لقتله ابنيها في يوم أحد وبعض أشراف قريش ، إلا أنهم لم يستطيعوا أخذ رأسه حيث أرسل الله تعالى على جسده مجموعة كبيرة من النحل ، فأحاطت بجسده ومنعت المشركين من الوصول إليه ولقب لذلك بحمي الدبر.
قيل عنه
– كان عمر بن الخطاب يقول عندما علم أن الدبر قد حرست عاصم بن ثابت : “يحفظ الله العبد المؤمن كان عاصم نذر أن لا يمسه مشرك ولا يمس مشركًا أبدًا في حياته فمنعه الله بعد وفاته كما امتنع في حياته” .
– قال الحافظ بن حجر : “إنما استجاب الله له في حماية لحمه من المشركين ولم يمنعهم من قتله، لما أراد من إكرامه بالشهادة، ومن كرامته حمايته من هتك حرمته يقطع لحمه .