معلومات لا تعرفها عن عالمة ”الذرة المصرية” التى أربكت دولة إسرائيل
تحل اليوم ذكرى رحيل أول عالمة ذرة مصرية، وأول معيدة فى كلية العلوم بجامعة فؤاد الأول، "سميرة موسى" ، التى إغتالتها يد الغدر والخديعة، حتى تجهض حلمها فى أن تكون مصر من الدول الرائدة في استخدام الذرة فى الأعمال السلمية ونشر السلام، استطاعت الفتاة المصرية أن تحفر اسمها بحروف من نور فى عالم العلم، وأصبحت شوكة فى ظهر أعداء مصر ، حيث أبهرت الجميع بذكائها وإصرارها فكانت الألفى فى كل شى، فهى تعتبر أول من فتح الباب أمام النساء المصريات والعربيات لتقلد المناصب بالجامعات، سميرة موسى تعبر أول امرأة عربية تحصل على الدكتوراه، ودرست فى علم الذرة وبحثت في إمكانية استخدامها للأغراض السلمية والعلاج، كانت تأمل أن تسخر الذرة لخير الإنسان وتقتحم مجال العلاج الطبى حيث كانت تقول: "أمنيتى أن يكون علاج السرطان بالذرة مثل الأسبرين"، فقامت بتأسيس هيئة الطاقة الذرية بعد ثلاثة أشهر فقط من إعلان الدولة الإسرائيلية عام 1948، وبعد نجاحها فى اقتناص مكانة مرموقة بين علماء العالم فى علم الذرة، دبر أعداء السلام حادث أنهى حياتها ليسدل الستار على الحلم المصرى الذى كان سيتحقق على يد فتاة مصرية، وعلى الرغم من مرور أكثر من ستين عاما على رحيل عالمة الذرة المصرية، إلا أن مازال حادث مقتلها فى أمريكا محاطاً بالغموض، الموجز يستعرض أهم المحطات فى حياة سميرة موسى كيف بدأت حياتها العلمية وكيف انتهت.
ولدت سميرة موسى فى 3 مارس 1917 فى قرية سنبو الكبرى التابعة لمركز زفتى بالغربية، وعرفت بنبوغها منذ الصغر ، حيث تمكنت من حفظ القرآن الكريم في سن مبكر، كما حصلت على المركز الأول بين قريناتها فى مدراس القاهرة التى انتقل إليها والدها سعيا وراء تعليمها، قامت سميرة فى عام 1932، بتأليف كتاب في تبسيط مادة الجبر لزميلاتها أثناء دراستها في الصف الأول الثانوى وما لبثت أن حصلت على المركز الأول في شهادة البكالوريا ، والتحقت بكلية العلوم بجامعة فؤاد الأول وتخرجت منها عام 1939 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف وكانت الأولى على دفعتها، وحدث جدل أثناء تعيينها كمعيدة واجتمع مجلس الوزراء وأصدر قرار تعيينها فى كلية العلوم، لتكون أول معيدة في تاريخ الجامعات المصرية . حصلت سميرة موسى بعد ذلك على شهادة الماجيستير بدرجة امتياز في موضوع التواصل الحرارى للغازات، ثم سافرت إلى بريطانيا في بعثة دراسة استغرقت ثلاث سنوات، واستطاعت الحصول على الدكتوراه في أقل من عامين في موضوع الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة فكانت أول امرأة عربية تحصل على الدكتوراه .
استغلت سميرة موسى الفترة المتبقية من البعثة في دراسة الذرة وبحثت في إمكانية استخدامها للأغراض السلمية والعلاج، كانت تأمل أن تسخر الذرة لخير الإنسان وتقتحم مجال العلاج الطبى حيث كانت تقول: "أمنيتى أن يكون علاج السرطان بالذرة مثل الأسبرين"، عاصرت سميرة موسى ويلات الحرب وتجارب القنبلة الذرية التى دكت هيروشيما وناجازاكي فى عام 1945، ولفت انتباهها بعد عام 1948 اهتمام إسرائيل المبكر بامتلاك أسلحة الدمار الشامل وسعيها للانفراد بالتسلح النووى فى المنطقة.
وفكانت تحلم بأن تحتل مصر والدول العربية مكاناً بين الدول التي تمتلك سلاحا نوويا إذ كانت تؤمن بأن ملكية أي دولة لسلاح نووى يسهم فى تحقيق السلام، فالدول التي تتبنى فكرة السلام لابد وأن تتحدث من موقف قوة، فقامت بتأسيس هيئة الطاقة الذرية بعد ثلاثة أشهر فقط من إعلان الدولة الإسرائيلية عام 1948، كما كانت عضوا فى كثير من اللجان العلمية المتخصصة على رأسها "لجنة الطاقة والوقاية من القنبلة الذرية" التى شكلتها وزارة الصحة المصرية، وحصلت فى عام 1951 على منحة دراسية لدراسة الذرة بجامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية، وأظهرت نبوغا منقطع النظير في أبحاثها هناك فسمح لها بزيارة معامل جامعة سان لويس بولاية ميسوري الأمريكية والتي تحاط نتائج التجارب بها بالسرية الشديدة، و تلقت عالمة الذرة المصرية عدة عروض مغرية لكى تبقى فى أمريكا لكنها رفضت قائلة: "ينتظرنى وطن غالى يسمى مصر"، وفى آخر رسالة لها كتبت : "لقد استطعت أن أزور المعامل الذرية فى أمريكا ، وعندما أعود إلى مصر سأقدم لبلادى خدمات جليلة فى هذا الميدان ، وسأستطيع أن أخدم قضية السلام" حيث كانت تنوى إنشاء معمل خاص لها فى منطقة الهرم، ولكن فى مثل هذا اليوم من العام 1952 ، لقت العالمة الدكتورة سميرة موسى حتفها في الولايات المتحدة الأمريكية في ظروف غامضة، ويقال انها كانت على موعد لزيارة المفاعل النووى الأمريكى تلقت اتصالا هاتفيا،ةيخبرها بأن مرشدا ًهنديا ًسيكون بصحبتها في الطريق إلى المفاعل وهو طريق جبلي كثير المنحنيات وعلى ارتفاع 400 قدم ، وأثناء سيرها فوجئت بسيارة نقل كبيرة كانت متخفية لتصطدم بسيارتها وتسقط بقوة في عمق الوادي بينما قفز المرشد الهندي الذي أنكر المسئولون في المفاعل الأمريكي بعد ذلك أنهم أرسلوه .
يؤكد الكثيرون احتمالية اغتيالها على يد الموساد الإسرائلى ، لسعيها لنقل تكنولوجيا الذرة من أمريكا إلى مصر والعالم العربى فى تلك الفترة المبكرة، وكانت بعض الأوساط قد اتهمت الممثلة المصرية اليهودية راقيه إبراهيم بالضلوع في عملية اغتيال عالمة الذرة المصرية سميرة موسى، وهو ما تم تأكيده على يد ريتا ديفيد توماس حفيدة راقية إبراهيم من زوجها الأمريكي اليهودي الذي تزوجته عقب هجرتها من مصر سنة 1954، إذ كشفت من واقع المذكرات الشخصية لراقية إبراهيم "والتي كانت تخفيها وسط كتبها القديمة في شقتها بكاليفورنيا" ، عن أن جدتها قد ساهمت بشكل رئيسي في إغتيال وتصفية عالمة الذرة المصرية سميرة موسى مستغلة علاقة الصداقة التي كانت تجمعهما، والتي كانت تسمح لها بالذهاب لمنزلها، وتصويره بشكل دقيق ، وتقول الحفيدة إن جدتها استطاعت سرقة مفتاح شقة الدكتورة سميرة موسى وطبعته على «صابونة»، وأعطتها لمسئولى الموساد وبعد أسبوع قامت راقية إبراهيم باستدراج سميرة موسى للعشاء فى الاوبيرج مما أتاح للموساد دخول شقة سميرة موسى وتصوير أبحاثها ومعملها الخاص، أثناء تواجد سميرة فى الولايات المتحدة فى عام 1952 كان في استقبالها صديقة مشتركة مع راقية إبراهيم، تقول ريتا إن هذه الصديقة قامت بإخبار راقية إبراهيم بجدول مواعيد وتحركات سميرة موسى في الولايات المتحدة، ووفقاً لما ورد فى المذاكرات قامت راقية إبراهيم بإبلاغ الموساد الإسرائيلي بموعد زيارة الدكتورة سميرة موسى إلى أحد المفاعلات النووية ليتم اغتيالها في حادث سيارة، وبالرغم مرور أكثر من ستين عاما على رحيل عالمة الذرة المصرية، إلا أن مازال حادث مقتلها فى أمريكا محاطاً بالغموض .