شارك في مسرح الإخوان وأسس المسرح العسكري وحضر الشعراوي آخر مسرحية قدمها..حكاية إبراهيم الشامي الذي آُسر في فلسطين واتهم نجله بالإرهاب
ولد الفنان إبراهيم الشامي يوم 3 يوليو عام 1921 بقرية أبو صير مركز سمنود بالغربية، لأب تاجر، وكان شقيقه يكبره بستة عشر عاما، لذلك حظى بتدليلا كبيرا من والديه، والتحق بكتاب القرية، وحفظ القرآن الكريم، وأنهى دراسته الابتدائية بالقرية، ثم تلقى تعليمه الثانوي بدمياط، حيث أقام عند عمه، لعدم وجود مدارس ثانوية قريبة من قريته.
عرف عنه أنه كان محبا للفن منذ طفولته، حيث عشق فن "الخيال والظل"، وكان يبدع في عروضه وتقليد ما يشاهده، كما قام ببطولة مسرحيتي "قمبيز" و"مجنون ليلى" على مسرح المدرسة، فضلا عن حفظه للكثير من الشعر العربي، مما ساعده مع حفظه للقرآن الكريم على إجادة اللغة العربية، وسلامة مخارج ألفاظه.
ويعد الشامي واحد من أعمدة المسرح القومي لجيل الخمسينات، بعد أن بدأت علاقته بالفن عن طريق هوايته للمسرح الديني، الذي انتدب بعده إلى «القومي»، الذي شارك فيه بمسرحيات مثل «قمبيز»، و«عودة الغائب»، وغيرها، كما أنه شارك في المسرح العسكري حين كان ضابطًا بالقوات المسلحة.
وكان الشامي من المؤسسين للمسرح في القوات المسلحة، كما أنه كان من المشاركين في حرب 1948 بفلسطين، تطوعًا، وتم أسره هو والفنان حسن عابدين خلال تلك الحرب، ولكن قام زملائهم بتحريرهم.
شارك أيضًا في مسرح الإخوان الجامعي في الثلاثينات، وقد أسس هذا الفريق عبد الرحمن البنا شقيق حسن البنا مؤسس الجماعة، وبعد فترة انضم لهذا الفريق عبد المنعم مدبولي ومحمود المليجي ومجموعة كبيرة من النجوم، وقدم مع الفريق 8 مسرحيات، وتم إذاعة هذه المسرحيات بالإذاعة المصرية، وكان يتم تمويلها من وزارة المعارف حينها.
حياته السينمائية بدأها عام 1952، باشتراكه بفيلم «آمال» مع شادية ومحسن سرحان، لتتوالى بعدها الأعمال في السينما لتتخطى الـ140 عملًا، والتي اتسمت أغلبها بالقوة والصرامة طبقًا لما كان لوجهه من طبيعة تظهر عليها الجمود والعزم، لنجده المأمور المرتشي في «الزوجة الثانية»، الأب الحازم في «إعدام ميت»، والفدائي في «كتيبة إعدام»، الحاج برهامي في مسلسل «الشهد والدموع»، وغيرها الكثير من الأعمال.
تزوج من ابنة عمه بعد قصة حب، وأنجب منها ثمانية أبناء؛ ابنتان هما الكبرى والصغرى، وبينهما ستة أبناء، وعندما كان يُسأل عن عدد أبناءه يرد أنهم عدد حملة العرش، وكان محبا لجمال عبد الناصر في بداياته لدرجة أن سمى ابنه الأصغر الذي ولد عام 1956 "ناصر"، ثم غضب عليه بعد هزيمة 1967 وطلب من ابنه أن يختار اسما آخر يناديه به.
وفي عام 1985 احتفل الشامي بحفل زفاف نجله "محمود"، وسافر في اليوم التالي للزفاف إلى تونس لتصوير مسلسل "غوايش" والذي قام فيه بدور رجل صعيدي قُتل ابنه بالرصاص يوم زفافه، ويحاول طول الحلقات معرفة القاتل والثأر لولده، بينما سافر العريس بعد الزفاف بيومين إلى اليونان، لكن عند عودته بعد انتهاء شهر العسل، تم اختطاف الطائرة التي تقله بعد إقلاعها من مطار أثينا، ونزولها بمطار فاليتا بمالطا.
تم اقتحام الطائرة بمعرفة قوات الصاعقة المصرية بعد 24 ساعة من اختطافها، وقام العريس بالقفز من باب الطوارئ مع أربعة ركاب آخرين، إلا أنه تم استهدافه بالرصاص في صدره لاعتقادهم أنه أحد المختطفين ليستشهد على مدرج المطار، وتُنشر الجرئد صورته في الصفحة الرئيسية نقلا عن "رويترز" وتكتب "أحد الإرهابيين ملقى على مدرج المطار.. هذا جزاء الإرهاب"، لذلك عند عرض مسلسل "غوايش" عقب استشهاد الابن ظن كثير من المشاهدين أنه مستوحى عن قصة وفاته.
أثرت وفاة الابن بعد أيام من زفافه وبهذه الطريقة، في الأسرة بأكملها، خاصة الأب والأم، لكن ظهر الشامي الأب متماسكا على عكس الواقع، ورفض إقامة عزاء "الخميس" و"الأربعين" لأنها ليست عادات إسلامية، بل اصطحب الأسرة بأكملها في الأربعين لأداء مناسك العمرة على نفقته، بينما ارتدت الأم اللون الأبيض، ورفضت حضور أي حفلات زفاف حتى وفاتها.
وكانت آخر مسرحياته "دماء على ستار الكعبة" وهي المسرحية الوحيدة التي حضرها بالمسرح صديقه وجاره فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي، والذي كان لا يصفق مع الجمهور أثناء العرض، بل كان يرفع يديه ويهلل.