هزت عرش الاحتلال ولها علاقة خاصة بالسادات وماتت وحيدة في كنيسة..أسرار لا يعرفها أحد عن الراقصة حكمت فهمي

الموجز

قدم المخرج الكبير حسام الدين مصطفى قصة حياتها فى فيلم سينمائى يحمل اسمها "حكمت فهمي"، وجسدت دورها نجمة الجماهير نادية الجندى، كانت حكمت تتمتع بملامح مصرية خالصة، سوداء الشعر سمراء البشرة، وربما لم تكن لتلفت نظر العامة كثيرًا إذا لم تكن هي السيدة التي تحدت التاج البريطاني وهزت عرش مصر، فكرهها للاحتلال الإنجليزى جعلها تساهم فى صنع جزء كبير من تاريخ مصر خلال فترة الحرب العالمية الثانية، ولم يكن الأمر سهلا، حيث دفعت ثمن ذلك من عمرها عامين ونصف تم زجها خلالهما فى سجن الأجانب عقوبة لها على وطنيتها.

كانت لها قصة قديمة مع الاحتلال، عندما كانت صغيرة وجدت نفسها فجأة وسط مظاهرة يطاردها الإنجليز، ولم تستطع الجرى فوقعت على الأرض وانهال الجنود عليها بالضرب بالكرباج حتى فقدت الوعى وسالت الدماء من جسدها، ومنذ ذلك اليوم وهى بداخلها كراهية كبيرة للإنجليز.

ولم تكن مواهب حكمت فهمي مقتصره على التمثيل والرقص والغناء فقط، إلا أنهما كانا أول ما فتح أمامها باب الشهرة، فالسيدة التي ولدت بعد بداية القرن العشرين بسبعة أعوام، اقتحمت عالم الفن بعد عدة سنوات عن طريق فرقة الفنان علي الكسار، ونجحت معه إلا أن التمثيل لم يكن كل ما تريد، لتنتقل بعدها للرقص في فرقة بديعة مصابني، إحدى أشهر الراقصات في تاريخ مصر، لتلقب حينها بـ"سلطانة الغرام"، وحققت نجاح كبير بمواهبها الفنية المتعددة، وقادها هذا النجاح لعروض وجولات أوروبية، فكانت ملاهي الرقص تحتفي بالراقصة المصرية، التي كانت مواهبها طريقها إلى أوروبا.

علاقة الراقصة حكمت فهمى بالجاسوس الألمانى حسين جعفر أبلر بدأت داخل أحد النوادى الليلية بالنمسا، حيث كانت ترقص فيها وقتها، وقدم لها حسين جعفر نفسه على أنه طالب مصرى، واستطاع أن يجعلها تقع في غرامه، ليختفى من حياتها فجأة ودون مقدمات، وعندما نشبت الحرب العالمية الثانية عادت حكمت فهمى إلى مصر، لترقص فى ملهى الكونتيننتال، دون أن تعلم أنه قد تم تجنيدها ضمن جهاز المخابرات الألمانى من خلال العلاقة التى جمعتها مع حسين جعفر، وكان رئيس المخابرات الألمانية قد شاهد حكمت فهمى وهى ترقص فى النمسا، فدعاها للرقص أمام هتلر ووزير دعايته جوبلز فى ألمانيا، وعندما شاهدها جوبلز أعطى تعليماته بتجنيدها لصالح الألمان.

التقى أبلر وحكمت فهمى مرة ثانية فى ملهى الكيت كات لتؤكد له كراهيتها للإنجليز، ليكشف لها عن شخصيته، وعن مهمة التجسس التى كلفه بها قائده روميل، وأبدت حكمت فهمى استعدادها للتعاون مع الألمان، وقامت بتأجير عوامة له قريبة من عوامتها، وعندما تم القبض على الجاسوسين الألمانيين اللذين يستقبلان الرسائل من القاهرة، قررت المخابرات الألمانية عدم الرد على أبلر وصديقه مونكاستر، حتى أعتقد أبلر أن جهاز اللاسلكى أصابه عطل مفاجئ، وطلب المساعدة من حكمت فهمى عبر شخص تثق به، لإصلاح الجهاز، حتى يتمكن من إتمام عملية التجسس.

ووصلت حكمت فهمى إلى الضابط المصرى وقتها أنور السادات، عبر صديقه حسن عزت، فوافق على الفور على إصلاح الجهاز والتعاون مع الألمان، نظراً لكراهيته هو الآخر للإنجليز، وحصلت حكمت فهمى على معلومات فى غاية الأهمية للجيش الألمانى، كمواقع جيوش الحلفاء واستعداداتها، أما أهم المعلومات التى حصلت عليها فكانت تركيز الإنجليز للدفاع فى منطقة العلمين.

وجاء السقوط على يد إمرأة، فقد كان «أبلر» على علاقة براقصة فرنسية يهودية، تدعى «إيفت»، وكانت في الحقيقة جاسوسة بدورها تعمل لصالح الوكالة اليهودية في مصر، وبينما كانت تقضي الليلة في عوامته، سمعته وهو يتحدث بالألمانية مع زميله عن المعلومات التي لديهم وجهاز الإرسال، حيث كانت القيادة الألمانية قد حذرتهم من استخدام جهاز الإرسال في هذا التوقيت، وكانوا هم يتناقشون حول أهمية إرسال المعلومات التي تحصلت عليها «فهمي».

أبلغت «إيفت» قادتها، وأبلغوا بدورهم المخابرات البريطانية، لتسقط شبكة التجسس الألمانية، وأودعوا جميعًا سجن الأجانب، فيما أفلت «السادات» فقط من هذا المصير، بعدما أنكر معرفته بالألمان، ليتم فقط عزله من الجيش، أما باقي الجواسيس، فقد قابلهم رئيس الوزراء البريطاني نفسه، وينستن تشيرشيل، حيث ساومهما بين الإعدام أو الإفصاح عن سر شفرتهما، وقد اختاروا الخيار الثاني، والذي من خلاله استطاع البريطانيون خداع «روميل»، ما تسبب في هزيمته في النهاية.

ثم قبض بعدها على حكمت فهمى، وقضت حكمت فهمى الراقصة التى سحرت مصر وأوروبا برقصها سنتين ونصف السنة فى سجن الإنجليز حتى وجدت طريق الحرية برشوة قدرها 200 جنيه، ولكنها خرجت من السجن وواجهت الفقر ولم تجد من يقف بجانبها.

وكانت نهايتها داخل كنيسة تتوسل إلى الله بأن يغفر لها ما مضى من حياتها، تشعل الشموع، في صمت لا يكسره إلا بكائها لسنوات، حتى موتها، دون أن يعلم أحد أن خادمة كنيسة شبرا المسنة، كانت سلطانة الغرام"، الراقصة حكمت فهمي.

تم نسخ الرابط