من راقصة دمنهور لفاتنات باريس.. الجنس في حياة توفيق الحكيم
في كتابه «سجن العمر»، يروي الأديب الراحل توفيق الحكيم تفاصيل مثيرة عن نشأته وحياته، والتي قد تصدم كثيرين ممن أخذوا عنه فكرة مفادها أنه «عدو المرأة»، لكن سيرته الذاتية التي دونها في كتابه تقول غير ذلك، فقد كان محباً للفتيات والسيدات، وتنقل قلبه بينهن دون عائق أو حاجز.
الحب الأول
تحدث توفيق الحكيم الذي ولد عام 1898، عن حواء الأولى والثانية في حياته وهو دون العاشرة فقال: «يُخيل لي أني كنت أحس بإحساس خاص نحو طفلة في مثل سني أو أصغر قليلاً. أذكر أنها كانت شقراء الشعر، وكانت ابنة لإحدى الأسر في الأقاليم».
ويضيف «كان بيننا وبينهم تزاور، كنت أحلم ليلاً بهذه الشقراء الصغيرة، وكنت أتلهف على اللعب معها. وأشعر بالغضب المكتوم والحسرة والحزن والاكتئاب كلما لمحت منها اهتماماً بغيري من الأطفال، كما كنت أشعر بسعادة دافقة إذا أقبلت على وفضلتني في اللعب معها على سواي».
ولم يتعلق الحكيم في طفولته بحب الشقراوات فحسب، بل والسمراوات أيضاً، فكتب يقول: «أحضروا من الريف طفلة في العاشرة لتعمل عندنا خادمة. تأملت وجهها فوجدته دقيق القسمات خمري اللون.. لست أدرى ما حدث في قلبي الصغير يومئذ. كل ما أعرف هو أن ميلاً غامضاً جذبني إلى هذه الصبية اللطيفة، فصرت أعطف عليها خاصة، وأحميها ممن يغضبها أو ينتهرها، إلى أن جاء أهلها ذات يوم في غفلة مني وأخذوها، فحزنت كثيراً على ذهابها».
راقصة دمنهور
في سن الطفولة أحب الحكيم الأسطى حميدة الإسكندرانية «العالمة» التي كانت تحيي أفراح أسرته بين دمنهور والإسكندرية، وكانت تنزل في منزلهم ضيفة، وقدم إليها قصته «العوالم» التي كتبها في باريس عام 1927، فكتب عنها يقول «كان صوتها يشجيني، وحفظت الكثير من أغانيها، واشتد اعجابي بها إلى حد خُيل لي أنها جميلة، وشعرت نحوها بإحساس يكاد يشبه الحب».
لكن حبه الأول الحقيقي بدأ وهو في نحو الخامسة عشرة، والذي سجل وقائعه كاملة في رواية «عودة الروح» بين الفتى محسن وجارته الحسناء «سنية» بنت الدكتور حلمي التي تكبره بعامين، أثناء إقامته مع أعمامه في حي البغالة بالسيدة زينب.
كان محسن يتردد بصحبة عمته على «سنية» التي كانت تعزف على البيانو، وهو يغني لها أدوار عبده الحامولي. أحبها في صمت واحتفظ لديه سراً بمنديلها الحريري الذي طيره الهواء فوق سطح البيت، إلا أنها كانت تحب جارها الغني.
ليلة الجمعة
أما الحب الممزوج بالجنس فقد عرفه بعد الحصول على الكفاءة (الثانوية العامة الآن)، فكتب يقول: منذ ذلك الوقت بدأنا نعرف المرأة كما يتاح لأمثالنا مقابلتها وقتئذ، في تلك الأماكن المظلمة في حي «وجه البركة» و«كلوت بك» كلما استطعنا تدبير عشرة قروش في ليلة الجمعة.
وقد حدث ذات مرة أن جاءتنا خادمة شابة أرملة، لاحظت أنها تحاول الاختلاء بي وإغرائي، وكدت أضعف وأهم بها، لولا أني جعلت أفكر في الأمر ومغبته، وما يمكن أن يترتب عيه من فضيحة في الأسرة، فتمالكت نفسي بسرعة وتماسكت وتغلبت إرادتي على نزوتي.
فاتنات
ولما استقر به المقام في باريس، التقى بالمرأة الأوروبية في صورة حواء التي أخرجت آدم من الجنة، فلم يستطع أن يمنع نفسه من اقتطاف الثمرة المحرمة، لكن ذلك العصفور القادم من الشرق ظل يقدس الحب الملائكي دون أن يغرق إلى أذنه في الحب الجنسي.
وفي باريس أحب سوزي ديبون أو «اديمادوران» بائعة تذاكر في شباك مسرح أوديون التي ألهمته مسرحية «أمام شباك التذاكر» التي كتبها بالفرنسية عام 1926.
وبينما كان يجلس في مقهى الأوديون ليراقب من بعيد طيف حبيبته وهي جالسة في شباك التذاكر، كان يتذكر أيضاً طيف حبيبته سنية وهو يراقبها من مقهى الحج شحاته في حي السيدة زينب.
وربما يكون قد وقع في غرام «جرمين» زوجة صديقه الفرنسي «اندريه» بعد أن انتقل الزوج للإقامة بمكان عمله في مصانع مدينة ليل، فقد كان الحكيم يخرج للنزهة معها ويترددان على المسارح ودور السينما.