ذكره النبِي ﷺ لأصحابه .. من هو المفلس ؟

الموجز

قال رسول الله ﷺ : أَتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ، فقالَ: إنَّ المُفْلِسَ مِن أُمَّتي يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعْطى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضى ما عليه أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النّارِ. صحيح مسلم (٢٥٨١)
في هذا الحديثِ النَّبِيَّ ﷺ سألَ أصحابَهُ: أَتدْرونَ، أي: أَتعلَمونَ ما الْمُفلِسُ؟ فَأجابوا: الْمُفلِسُ فينا، أي: فِيما بَيننا مَن لا دِرهمَ له، أي: مَن لا يملكُ مالًا، ولا متاعًا، أي: مِمّا يَحصُلُ به النَّقدُ ويُتمتَّعُ به مِنَ الأقمشةِ والجواهرِ والْمَواشي والعبيدِ، وأمثالِ ذلك، والحاصلُ: أَنَّهم أجابوا بما عندَهم مِنَ العِلمِ بِحسَبِ عُرْفِ أهْلِ الدُّنْيا، كما يدلُّ عليه قولُهم: (فِينا)، وغَفلُوا عَنْ أمْرِ الآخرةِ، فقال ﷺ: إنَّ الْمُفلِسَ مِن أُمَّتِي، أي: المفلسُ الحقيقيُّ، أوِ الْمُفْلِس في الآخرةِ، مَن يأتي يومَ القيامةِ بِصيامٍ وصلاةٍ وزكاةٍ، أي: مَقبولاتٍ، ويأتي أيضًا، أي: ويَحضُرُ وقد شَتمَ هذا، أي: وَقعَ له شَتْمٌ وسبٌّ لِأحدٍ، وقذَفَ هذا، أي: بِالزِّنا ونحوِه، وَأكلَ مالَ هذا، أي: بِالباطلِ، وسفَكَ دمَ هذا، أي: أَراقَ دمَه بِغيرِ حقٍّ، وضرَبَ هذا، أي: مِن غيرِ استحقاقٍ أو زيادةٍ على ما يَستحِقُّه، والمعنى: مَن جمَعَ بَيْنَ تلك العِباداتِ وهذه السَّيِّئاتِ؛ فَيُعْطى هذا، أي: المظلومُ مِن حسناتِه، أي: يُعطى المظلومُ بَعضَ حَسناتِ الظّالِمِ، وهذا، أي: ويُعطى المظلومُ الآخَرُ بعضَ حَسناتِه، فإنْ فَنِيَتْ حَسناتُه: أي نَفِدَتْ قَبْلَ أنَّ يُؤدِّيَ ما عليه مِنَ الحقوقِ، أَخَذَ الظالِمُ مِن خطاياهم، أي: مِن سيِّئاتِ أصحابِ الحقوقِ؛ فَطُرحتْ على هذا الظالِم أو وُضعَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ، أي: أُلْقِيَ ورُمِيَ في النّارِ، وفيه إشعارٌ بِأنَّه لا عَفوَ ولا شفاعةَ في حقوقِ العبادِ إلّا أنْ يَشاءَ اللهُ، فَيُرضِي المظلومَ بِما أرادَ. في الحَديثِ: بيانُ مَعنى الْمُفلِسِ الحقيقيِّ، وهو مَنْ أخَذَ غُرماؤُه أعمالَه الصّالحةَ. وفيه: أنَّ القِصاصَ يأتي على جميعِ الحسناتِ، حتّى لا يُبقي منها شيءٌ.

تم نسخ الرابط