على جمعة يكشف سر قول والله أعلم في نهاية الأبحاث والاجتهادات

على جمعة
على جمعة

كشف الدكتورعلى جمعة مفتي الجمهورية السابق و عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، سر حرص المجتهدين على القول في نهاية اجتهادهم أو بحثهم (والله تعالى أعلى وأعلم) أو (والله أعلم) وهي كلمة تدل على أمور منها: أنه يعلن أن علمه محدود وأن حواسه التي تتلقى الواقع من حوله محدودة، وأن الدماغ الذي هو محل التفكيروأداته محدود كذلك.

وأضاف جمعة عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي « فيسبوك» أن معنى هذا أنه مع اجتهاده وبحثه يعترف بأنه محدود، ويبدو أن الذات لا تتضخم حينئذ، ولا يغتر الإنسان بما قد توصل إليه، ويترك فرصة كبيرة من ورائه لقضايا القطع واليقين والجزم في مقابلة قضايا الظن.

وأوضح أن ذلك العالم عنده استعداد لتغيير ما قد يكون قد أخطأ فيه، وأنه يرجع عنه فورًا إذا ما تبين له الحق بالبرهان، وأنه يعلن أن العلم لا يعرف الكلمة الأخيرة، لذلك فإنه لا يحترق أبدًا كما ذهب إليه بعضهم.

وتابع المفتي السابق أن العالم يرجع العلم إلى أهله؛ لأن الله - سبحانه وتعالى- هو الذي علم الإنسان ما لم يعلم كما في قوله- تعالى-: (عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) [العلق:5]، وفي قوله – سبحانه-: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) [طه:114]، وفي قوله- عز وجل-: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ) [البقرة:282]، بل في أصل الخلقة حيث يقول: (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا) [البقرة:31].

ونبه جمعه أن رد العلم إلى الله يفيد فائدتين عظيمتين: الأولى: مستوى التفكير المستنير الذي يربط ظواهر الحياة بحقائقها، وهي أن هذه الدنيا مخلوقة لخالق وأن الله- سبحانه وتعالى- لم يدعنا بعد ما خلقنا عبثا كقوله: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ) [المؤمنون:115]

وأكمل أن الفائدة الثانية: فائدة نفسية ترجع إلى العالم نفسه الذي يزداد تواضعًا لله كلما ازداد علمه، والذي يعلم عن يقين معنى قوله تعالى: (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ)[يوسف:76] ، ومعنى قوله تعالى: (وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ العِلْمِ إِلاَّ قَلِيلًا) [الإسراء:85]، ومن الحكم أيضا لهذه المقولة العظيمة أن العالم يترك مساحة للبحث بعده من غيره من العلماء.

وأشار إلى أن هذه المعاني السامية التي أحاطت بقول العلماء الله أعلم قد تجاوزها كثير من المتصدرين بغير علم فيما لا يعنيهم، والذين نصحهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فقال: (من حسن إسلام المرء تركه ملا يعنيه) [أحمد ،ومالك في الموطأ، وابن حبان].

وأردف: فترى هؤلاء يتصدرون لكل أنواع المعرفة من غير علم، ويظنون أنهم إذا أنهوا كلامهم بقولهم (والله أعلم) قد نجاهم ذلك من المسئولية، ومن الحساب أمام الله، والأمر ليس كذلك، بل إن الله -سبحانه وتعالى- أرشدنا إلى مسئولية الكلمة، وإلى أهميتها، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (المستشار مؤتمن) [الترمذي والدارمي]، وقال أيضًا: (من أفتى بغير علم كان إثمه على من أفتاه)، [الحاكم في المستدرك].)

تم نسخ الرابط