والده ”بارون النمسا ” حرمه من الميراث وخطف منه ”حبيبته ” ثم طرده ..حكايات البؤس والشقاء في حياة ”ستيفان روستي ” أمير الشر في السينما
لم يجسد فنان شخصية «الشرير» على شاشة السينما المصرية بقدر ما أجادها إستيفان روستي، حيث أضفى عليها جانبًا من الكوميدية، فانتزع علامات الإعجاب مصحوبة بالابتسامات.
غير أن هذه الأدوار التي لعبها «روستي» على الشاشة كانت تخفي ورائها واقعاً مؤلماً، يتضمن محطات مريرة في حياته، منذ ولادته عام 1891 حتى وفاته.
بارونات النمسا
والده كان أحد بارونات أسرة نمساوية عريقة لا تؤمن بتذويب الطبقات، وإنما بضرورة الحفاظ على الدماء الارستقراطية دون أي اختلاط، ورغم ذلك عرف الحب طريقه لقلب البارون (والد إستيفان روستي) حين التقى بفتاة إيطالية في روما وتزوج منها، وجاء إلى القاهرة في زيارة فأعجبته، فقرر الاستقرار بها واشترى منزلاً في شبرا.
ولم يأت هذا الزواج على هوى الأسرة، فهدد الجد بحرمان ابنه البارون من الميراث إذا لم يترك زوجته الإيطالية ويعود إلى فيينا مرة أخرى.
كان من الطبيعي أن يرضخ البارون في النهاية لقرار والده، فقرر السفر لإرضائه على أمل العودة مرة أخرى لزوجته التي كانت حاملًا في شهرها السابع.
وهناك لم يستطع البارون الفكاك من أهله، فاضطر للزواج من فتاة تنتمي لعائلة تناسب مستوى عائلته، لتنتهي العلاقة بين البارون وزوجته الإيطالية في مصر، ولا يتبقى منها سوى نقود كان يرسلها لها حتى تستطيع تدبير حياتها في مصر.
ومع مرور الأيام تناسى البارون زوجته الإيطالية وابنه منها إستيفان روستي، ليكف عن إرسال أي نقود له ولوالدته، ما اضطرها لبيع مسكنها الفاخر لتنتقل إلى شقة صغيرة حتى تستطيع استكمال تعليم ابنها.
كبر إتسيفان وحصل على البكالوريا، ووجد نفسه في اختبار صعب فرضته عليه أمه حين طلبت منه الاستقلال بحياته والبحث عن عمل يكفل به نفسه، حيث قررت الزواج من شخص كانت تحبه.
الراقصة والصدفة
كان إستيفان حريصاً منذ صغره على إشباع حبه للفن، فكان متابعاً جيداً لجميع العروض المسرحية التي تقدمها الفرق المصرية أو الأجنبية في دار الأوبرا الملكية، ولعب القدر لعبته حين حضرت إحدى الفرق النمساوية لتقدم عروضاً ليتعرف إستيفان على راقصة باليه بالفرقة، وتنشأ بينهما علاقة وطيدة.
عرفت الراقصة قصته وقصة والده البارون، فدعته لزيارة النمسا والتعرف على والده لأنها كانت تعرفه جيداً، وبالفعل سافر معها، وهناك تعرف على والده الذي رحب به في البداية، لكن سرعان ما غضب منه وطرده من فيينا كلها، ليُصدم إستيفان مما حدث ولا يجد له تفسيراً، حتى عرف أن السبب هو عشق والده للراقصة التي لم يكن يعلم بعلاقتهما.
على كلٍ، غادر إستيفان إلى إيطاليا وعمل مترجماً بعض الوقت، كما عمل مهرجاً، ومسلياً لأبناء الطبقة الأرستقراطية، وعمل بميناء نابولي كمرافق للمهاجرين الشوام المارين بإيطاليا وهم في طريقهم للأمريكتين.
بعد ذلك، سافر إلى فرنسا وعمل موظفاً بإحدى المكاتب، وكان مسئولاً عن ملابس إحدى الفرق المسرحية، ثم التحق بمحطة باريس كمرشد لمليونيرات أوروبا وأمريكا القادمين لزيارة فرنسا، وبعد فترة التحق بالعمل في أحد أستديوهات السينما كمجرد عامل بسيط، ما أتاح له فرصة التمثيل في بعض الأدوار البسيطة حتى عاد إلى القاهرة عام 1917.
وبالمصادفة، قرأ إستيفان إعلاناً في الصحف بتوقيع المخرج عزيز عيد يطلب فيه وجوهاً جديدة للانضمام إلى فرقته، فتقدم ونجح في الاختبار، وقدم مع الفرقة عدداً من الأدوار الناجحة التي وضعت قدمه على بداية طريق النجومية.
الزواج من إيطالية
تركت قصة إستيفان روستي مع الراقصة النمساوية عشيقة والده تأثيرا سلبيا على حياته فظل مضرباً عن الزواج حتى تجاوز سنه 46 عاماً، وفي عام 1938 حين التقى بفتاة إيطالية تدعى «ماريانا» في إحدى حفلات الجالية الإيطالية بالقاهرة، فوقع في غرامها وتزوجها رغم فارق السن الكبير بينهما.
ظلت «ماريانا» زوجة وفية ومحبة له طوال 26 عاماً، وأنجبت له ولدين مات أولهما بعد ثلاثة أسابيع ومات ثانيهما وعمره عامان.
وفي 22 مايو 1964 رحل «إستيفان» فجأة بدون أي مقدمات، فلم يمرض أو يشعر بأي ألم، حتى أنه في يوم رحيله ذهب كعادته إلى مقهى «سفنكس» في السابعة مساءً ليلتقي أصدقائه، ويلعب معهم الطاولة، وفي التاسعة مساءً توقف عن اللعب ومال رأسه إلى الخلف وأغمى عليه، فنقله أصدقاؤه إلى الطبيب وهناك أفاق. وحين عاد إلى منزله وما كاد يلمس فراشه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.