أنور وجدي.. قصة المرض الوراثي الذي أنهى حياة عامل «الإكسسوارات»

أنور وجدي
أنور وجدي

لم يكن يحلم بما وصل إليه، ولكنها الصدفة التي تمسك بها، وغيرت حياته رأساً على عقب، وصعدت به في عالم الفن بسرعة البرق، لكن ما إن تربع على عرش النجومية حتى كان للمرض كلمة أخرى.

هو الفنان أنور وجدي الذي ولد في 11 أكتوبر 1904 لأسرة فقيرة تتكون من الأب والأم وثلاث شقيقات، وينتمي الأب إلى أصول شامية وبالتحديد مدينة حلب في شمال سوريا، وتقول بعض المصادر إنه كان يعمل بائعاً متجولاً للقماش أو تاجراً للأقمشة، ثم بارت تجارته مما جعله يتعرض للإفلاس وتعاني أسرته الفقر.

أحس أنور وجدي أحس بموهبته الفنية في سن مبكرة وهذا ما جعله يترك الدراسة بعد أن أخذ قسطاً معقولاً من التعليم لكي يتفرغ للفن، وأيضاً لأن ظروف أسرته لم تكن تساعد على الاستمرار في الدراسة، حسبما يذكر الكاتب أحمد الجندي روى القصة كاملة في كتابه «صناع السينما.. نجوم الزمن الجميل».

عامل إكسسوارات

عمل «أنور» في العديد من المهن ولم يكن منتظماً في العمل بسبب عمله كهاوٍ في العديد من الفرق الفنية الصغيرة، وطرده أبوه من المنزل عندما علم أنه يريد أن يكون ممثلاً. عاش «أنور» سنوات شبابه الأولى متجولاً بين العديد من الفرق الفنية الصغيرة، وكان يعاني من شظف العيش وقلة الدخل المادي.

جاءت النقلة الفنية المهمة في حياته عندما التحق عام 1937 بفرقة «رمسيس» المسرحية التي أنشأها يوسف وهبي، ورغم أن عمله في بداية التحاقه بالفرقة لم يكن يزيد على «عامل إكسسوار» بسيط كل مهمته أن يتأكد من وجود قطع الإكسسوار في مكانها الصحيح على خشبة المسرح، إلا أنه كان سعيداً جداً بهذا العمل لأنه اعتبره الوسيلة التي جعلته يدخل عالم الفن، وفي واحدة من أهم الفرق الفنية في مصر وقتها.

وسرعان ما لفت أنظار يوسف وهبي بحركته واجتهاده وملامحه الوسيمة، فأعطاه الفرصة ليصعد على خشبة المسرح لأول مرة كممثل، وكان هذا أثناء إحدى جولات الفرقة في أمريكا اللاتينية.

وبحسب «الجندي»، لم يدع أنور وجدي الفرصة الذهبية تفوته، فبدأ بأدوار صغيرة ثم حصل على أدوار كبيرة، ومع الوقت بدأ يوسف وهبي يزداد اقتناعاً بموهبته وكان ذلك سبباً أساسياً في حصول «أنور» على الفرصة السينمائية الأولى عام 1932 في فيلم «أولاد الذوات»، ثم رشحه يوسف وهبي للفيلم الثاني «الدفاع» عام 1935 ليسير بعد ذلك أنور وجدي في رحلته السينمائية القصيرة التي قدم خلالها ما يقرب من 70 فيلماً.

زيجتان وطلاق ثالث

وقع أنور وجدي في غرام ليلى فوزي بعد أن تقابلا سوياً في ثلاثة أفلام هي «مصنع الزوجات»، و«تحيا الستات»، و«من الجاني»، وأخبرها بحقيقة مشاعره وذهب إلى والدها ليخطبها، إلا أنه رفض بشدة بسبب علاقات أنور وجدي النسائية المتعددة ليكتب بذلك نهاية مؤقتة غير نهائية لهذه العلاقة.

بعد عام تزوج أنور وجدي من ليلى مراد إلا أن قطار الزواج وصل إلى محطته الأخيرة بعد ست سنوات لم تكن كلها سعادة وهناء، بسبب الغيرة والعصبية الشديدة من جانب أنور وجدي على زوجته، وكثيراً ما كانت الخلافات تصل إلى ذروتها ويقع الطلاق لكن سرعان ما يعودان لاستئناف حياتهما الزوجية، وحدث هذا مرتين لكن في المرة الثالثة وصلت الخلافات إلى ذروتها فوقع الطلاق الثالث الذي كان يستحيل معه الرجوع.

وفي العام التالي وتحديداً عام 1954 التقى أنور وجدي مع ليلى فوزي في فيلم «اخطف مراتي» وهو آخر أفلامه السينمائية في مشواره الفني كله، فتجددت داخله مشاعر الحب تجاهها وعرض عليها الزواج مرة ثانية وطمأنها بأنه تغيّر وتم إعلان الخطوبة.

في هذا الوقت بدأ أنور وجدي يشعر بآلام المرض فنصحه الأطباء بالسفر إلى فرنسا وعرض نفسه على الأطباء هناك، حيث كان يعاني من مرض وراثي في الكلى مات بسببه والده وشقيقاته الثلاث.

نهاية المشوار

طلب «أنور» من ليلى فوزي أن تسافر معه في رحلة علاجه إلى فرنسا، وهو ما حدث بالفعل، وبمجرد وصولهما إلى باريس فاجأها باصطحابها إلى القنصلية المصرية حيث تم زواجها هناك وكان هذا في 6 سبتمبر 1954.

اعتبر أنور وجدي رحلة علاجه مع ليلى فوزي إلى باريس هي أيضا رحلة شهر عسل بعد زواجهما، ومكثا هناك 4 أشهر تجولا خلالها في العديد من البلدان الأوروبية، وعادا إلى القاهرة وانتقلت «ليلى» للإقامة في شقته الفخمة بوسط القاهرة، واشترى لها فيلا في الزمالك وسيارة جديدة من أجل حياتهما الجديدة معاً كزوجين.

لم تمض فترة كبيرة على عودته إلى القاهرة حتى عاودته آلام المرض وأصيب بأزمة صحية شديدة نقل على أثرها إلى مستشفى دار الشفاء، وساءت حالته فنصحه الأطباء بالسفر إلى السويد وتحديداً إلى طبيب اخترع جهازاً لغسيل الكلى. وبالفعل سافر أنور وجدي مع «ليلى» إلى هناك، لكن ما هي إلا أيام قليلة وخرجت روحه ورحل عن الدنيا، وكان ذلك في 14 مايو 1955، وعادت ليلى فوزي إلى القاهرة حزينة.

تم نسخ الرابط