اسرار تُنشر لأول مرة.. المسكوت عنه في محاولة اغتيال «مبارك» في أديس أبابا
رغم مرور 25 عامًا، إلا أن الغموض ما زال يكتنف محاولة اغتيال الرئيس الراحل محمد حسني مبارك في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، فهناك أسرار لم تُكشف بعد حول الأسباب الحقيقية لهذه المحاولة التي باءت بالفشل، وكذلك المتورطين بها.
في 26 يونيو عام 1995 تحرك موكب الرئيس مبارك من مطار أديس بابا إلى مقر انعقاد القمة الأفريقية، وفي الطريق وقعت محاولة اغتياله الفاشلة، فقرر الرجوع مباشرة إلى المطار والعودة إلى القاهرة، ليعقد مؤتمرًا صحفيا كشف فيه وقائع ما جرى.. وقال: «بدايات الموضوع كانت بعد الهبوط إلى مطار إثيوبيا، ودارت الأحاديث حول تأخر الحراسة الإثيوبية المرافقة لموكبى، ورفضهم اصطحاب حراستى للطبنجات الخاصة بهم لكن حراسى خبؤوها، وانطلق الموكب نحو مقر القمة، بعدها قامت سيارة زرقاء بسد الطريق، وترجل مجموعة من الأشخاص وفتحوا النيران على سيارتى لكن حراستى أخذت أماكنها».
أضاف مبارك: «وجدت طلقتين أصابوا السيارة لكنهما لم ينفذا، بعدها لمحت شابا صغيرا السن يحمل رشاشا يتجه نحو العربية لكن الحرس أصابوه، بعدها ترك السائقون الإثيوبيون عرباتهم وهربوا، لكن حراستى ظلت محافظة على هدوئها، وفى النهاية أمرت سائقى بأن يعود إلى المطار مرة أخرى».
وكشف مبارك: «عقب العودة للمطار وجدت الرئيس الإثيوبى مضطربا للغاية، لكن أبلغته بقرارى بالتوجه فورًا نحو القاهرة، ورد على بتفهمه لموقفى»، وقلل مبارك من تأثير ماحدث عليه، قائلا: «بالنسبة للواقعة عادى ولا أى حاجة»، وأضاف: «للعلم اكتشفنا أن الفيلا التى كانت تسكنها المجموعة المتورطة فى الحادثة كانت مؤجرة من قبل، والإرهابيين لم يخرجوا من السفارة الفلسطينية، لكن من فيلا كانت قريبة من مقر السفارة».
تمكن رجال حراسة مبارك من قتل خمسة ممن شاركوا فى العملية، وفر ثلاثة، وبعد ثمانية أيام أعلنت «الجماعة الإسلامية» فى بيان لها مسؤوليتها، وقالت، أن المنفذين هم «كتائب طلعت ياسين همام»، وكان «همام» أحد القيادات الإرهابية الت تم تصفيتها عام 1994، وتبين أن الذين فروا أثناء العملية هم، مصطفى حمزة مسؤول مجلس شورى «الجماعة»، ومهندس ومخطط العملية، ونائباه عزت ياسين وحسين شميط، وأن عدد المشاركين 11 إرهابيا.
كان «السودان» في تلك الفترة محط أنظار للاتهام منذ البداية، حيث كان وقتئذ مأوى للجماعات الإرهابية بمختلف أطيافها التنظيمية والفكرية، وهذا ما يشير إليه الدكتور كميل الطويل فى كتابه المهم «القاعدة وأخواتها - قصة الجهاديين العرب»، وفى حديثه عن جماعات الإرهاب المصرية، يقول: «مع انتهاء الجهاد الأفغانى، بدأ المصريون كغيرهم من العرب، يبحثون وسيلة للعودة إلى أوطانهم أو إلى النقطة الأقرب التى يمكن منها العمل لإسقاط نظام الحكم فيها، وكان السودان فى ظل الحكم الثنائى «الإسلامى» الرئيس عمر البشير، وحليفه حسن الترابى المكان المفضل للمصريين لتحضير «رحلة العودة» إلى بلادهم، ومن هذا المنطلق بدأ تنظيما «الجهاد» و«الجماعة الإسلامية» فى نقل عناصرهما إلى السودان بحلول عام 1992، لكن هذا الانتقال لم يحصل بزخم قوى سوى فى 1993».
فى هذا السياق تم التخطيط للعملية فى السودان، وحسب جريدة «الشرق الأوسط اللندنية» فى 20 مايو 2002، وعبر شريط فيديو حصلت عليه فيه اعترافات ثلاثة ممن شاركوا فى المحاولة وهم، صفوت حسن عبدالغنى، وكنيته «فيصل»، وعبد الكريم النادى، وكنيته «ياسين»، والعربى صديق حافظ وكنيته «خليفة».
وكشف «صفوت» عن أن «الجماعة» فى مصر عندما قررت اغتيال مبارك عرضت اللجنة المختصة بالجماعة الفكرة على «الجبهة الإسلامية» بالسودان، والحكومة السودانية وجهاز الأمن فرحبوا، ووجدنا منهم دعما تمثل فى توفير الأسلحة، وإعطاء غطاء آمن والتمويل لإيجار البيوت، ومساعدة الجبهة لنا كانت فى توفير الأسلحة، لكن العملية تمت بأفراد الجماعة فقط».
وفى شهادته إلى إحدى القنوات الفضائية العربية، قال البشير، إنه لم يكن والرئيس البشير يعلمان شيئا عن الأمر، وأنه علم بالمحاولة فى نفس اليوم الذى أخفقت فيه، بعد إبلاغه مباشرة من نائبه فى «الجبهة الإسلامية» على عثمان طه وكان وزيرا للخارجية وقتئذ بأنه متورط فى العملية بمعاونة جهاز الأمن العام الذى يترأسه نافع على نافع، وكشف، أن تمويل العملية تم بمبلغ مالى «أكثر من مليون دولار» أخذه «طه» من «الجبهة الإسلامية»، وأن طه فعل ذلك بعد أن جاءته عناصر من «الجماعة الإسلامية» وأبلغوه برغبتهم فى التخلص من مبارك.
وقال الترابى، إن مصريين من منفذى العملية عادا إلى السودان بعدما استقلا طائرة إثيوبيا بأسمائهما خاصة، وكشف: «اجتمعنا للنظر فى أمرهما، وتم الاقتراح أن ننتهى منهما حتى يموت سرهما لكننى طلبت ترحيلهما إلى أفغانستان ليعلنا أنفسهما وكأنهما دخلا السودان فى غفلة من أهله.