حضره 7 آلاف مستمع.. قصة أول حفل لأم كلثوم في ليبيا
حظيت سيدة الغناء العربي أم كلثوم بشعبية طاغية على مستوى الشعوب العربية، لذا كانت حفلاتها التي أقيمت في عدد من الدول بمثابة حدث فريد، ينتظره الجمهور بفارغ الصبر، ويتنافسون من أجل الفوز بمقعد في قاعة الحفل.
من بين هذه الحفلات، حفلة كوكب الشرق في ليبيا سنة 1969، والتي وثّق تفاصيلها الكاتب الراحل رجاء النقاش في كتابه «لغز أم كلثوم»، حيث يروي أن كوكب الشرق رفضت أن تركب طائرة خاصة تقلها إلى ليبيا، وفضلت أن تسافر على طائرة مليئة بالركاب.
وبحسب «النقاش» أحيت أم كلثوم حفلتين، الأولى فى مدينة «طرابلس» يوم 12 مارس، 1969، والثانية فى «بنغازى» يوم 19 مارس، وكانت الحفلتان ضمن حفلاتها لدعم «المجهود الحربى» استعدادا لمعركة تحرير الأرض، وبدأت أم كلثوم نشاطها فى هذا الأمر داخليا وخارجيا بعد نكسة 5 يونيو 1967، بإحياء حفلات فى باريس وتونس والمغرب والكويت وأبوظبى والسودان وليبيا، وعادت من موسكو دون أن تقدم أربع حفلات مقررة فى جمهوريات الاتحاد السوفيتى، وذلك بسبب وفاة الزعيم الخالد جمال عبدالناصر يوم 28 سبتمبر 1970.
على كلٍ، بدأت أم كلثوم رحلتها إلى ليبيا يوم 10 مارس 1969، حيث دخلت أم كلثوم الطائرة، وهى فى العادة تدخلها فى آخر لحظة قبل إقلاعها بدقائق، وجلست فى أول مقعد كما تعودت، وإلى جانبها ابن شقيقتها المهندس محمد دسوقى رئيس مجلس إدارة شركة دور العروض السينمائية.
ويُلقي «النقاش» الضوء على جانب مما حدث فى الطائرة قائلا: «سلوك أم كلثوم فى الطائرة جدير بالملاحظة، فهى لا تتحرك من مقعدها أبدا.. تجلس هادئة.. وأحيانا تتمتم ببعض آيات من القرآن، ولا تشرب إلا عصير الفاكهة، وفى أغلب الأحوال لا تتناول أى طعام فى الطائرة، ولا تتناول الشاى ولا القهوة».
ويتذكر «النقاش»، أن الطائرة توقفت فى بنغازى فى مطار صغير، لكنه نظيف وأنيق»، مضيفا: «كان استقبال أم كلثوم هادئا ولكنه كان حارا وصادقا، وفى استراحة المطار قضينا بعض الوقت حيث التف الجمهور والصحفيون حول أم كلثوم.. يتحدثون معها ويرحبون بها، وركبنا الطائرة من جديد إلى طرابلس ووصلنا إلى المدينة فى المساء، وكان فى استقبال أم كلثوم عدد من المستقبلين على رأسهم «عبدالله عابد السنوسى» الذى قام بدعوة الفنانة الكبيرة، وكان هناك عدد من الصحفيين والمواطنين المحبين لفن أم كلثوم».
نزلت أم كلثوم فى فندق «الودان» أهم فنادق طرابلس، وفى اليوم الثانى للزيارة «11 مارس 1969» كان الاستقبال الحقيقى لها فى معرض طرابلس الدولي، حيث التفت الجماهير حولها، ووقفت هى أمام جناح الجمهورية العربية المتحدة «مصر»، ثم خرجت ليلتف حولها الآلاف يصفقون ويرحبون، وبصعوبة ركبت سيارتها، ولكن السيارة لم تتحرك إلا بجهد كبير بين زحام الجماهير.
ونصت تذاكر الحفل المطبوعة على: «المملكة الليبية تقيم حفلة غنائية ساهرة كبرى لكوكب الشرق أم كلثوم، لصالح المجهود الحربى ومنظمة فتح «الفلسطينية» تحت رعاية السيد عبدالله السنوسى بالملعب البلدى، بمدينة طرابلس، وذلك فى تمام الساعة التاسعة والنصف مساء يوم الأربعاء 12 مارس 1969، والسعر 10 جنيه ليبى».
ويؤكد «النقاش» أن السرادق ضم ما يقرب من سبعة آلاف مستمع، وكانت الحفلة مذاعة فى الإذاعة الليبية والتليفزيون الليبى الذى أنشئ حديثا، وحضر رئيس الوزراء والوزراء والمسؤولون، وعدد كبير من سيدات ليبيا، كن يلبسن ملابس عصرية متأنقة، ولم تظهر السيدات بالحجاب الذى ينتشر فى بعض البيئات فى ليبيا»، وبحسب «النقاش»، كان أعضاء مكتب منظمة «فتح» فى ليبيا يشرفون على تنظيم الحفلة ويستقبلون الجماهير.