بعد تفجيره.. تعرف على الأهمية الإستراتيجية لـ «مرفأ بيروت»
تعرض مرفأ بيروت على البحر الأبيض المتوسط (غرب)، والذى يعتبر بوابة لبنان الأولى للسلع، لكارثة تاريخية، حيث وقع انفجار ضخم على مرحلتين في العنبر رقم 12، ونتجت عنه سحابة دخانية كبرى تُشبه سحابة عيش الغراب، وأدّى إلى أضرار كبيرة في المرفأ وتهشيم الواجهات الزجاجية للمباني والمنازل في معظم أحياء العاصمة اللبنانية بيروت، وقد امتدت الأضرار إلى آلاف المنازل على بعد كيلومترات من موقع الانفجار، ووصف الانفجار بأنه «أشبه بالقصف الذري على هيروشيما وناجازاكي».
وبالتطرق إلى الأهمية الإستراتيجية لمرفأ بيروت نجد أنه يشغل موقعاً استراتيجياً مميزاً على ساحل البحر المتوسط، حيث يُشكل مركز التقاء بين القارات الثلاث أوروبا وآسيا وإفريقيا، ويعتبر من أهم مرافئ المنطقة، وهو المنفذ البحري الرئيسى لعدد كبير من الدول العربية.
وقد شكل محطة تجارية هامة بين الدول العربية المنتجة للمواد الأولية والطاقة، والدول الغربية الصناعية، كما يُعتبر مرفأ ترانزيت لدول عدة منذ أقدم العصور، وهذا ما جعل منه ممراً لعبور أساطيل السفن التجارية بين الشرق والغرب.
ويتعامل مرفأ بيروت مع أكثر من 300 مرفأ عالمي، ويُقدر عدد السفن التي ترسو فيه بـ 3100 سفينة سنوياً، وتُمثل حركة البضائع الواردة عبره أكثر من 70 بالمائة من البضائع التي تدخل لبنان، كما تُشكل عائداته الجمركية حوالي 77 بالمائة من مجمل العائدات في المرافئ والمطار والمراكز الحدودية البرية.
والمرفأ مجهز بأحدث أدوات التفريغ والتحميل، ويؤمن أفضل الشروط للتخزين، إلا أن المشروع الهام الذي يُعزز حركة العمل في مرفأ بيروت، والذي هو قيد التنفيذ هو مشروع توسعة الرصيف 16، والذي شارف على الانتهاء، ويقضي بتحقيق رصيف بطول 500 متر، مما يمكن محطة المستوعبات من التحرر من المستوعبات المكدسة بعضها فوق بعض.
ومن الأهمية الإشارة إلى أن حركة العمل في هذه المحطة تجاوزت رقم المليون حاوية نهاية 2012 فيما هي كانت معدة لاستيعاب ما بين 400 و450 حاوية، "هذا بحد ذاته يتحدث عن نجاح المرفأ" وذلك طبقًا لتصريحات وزير النقل اللبنانى.
وتبلغ المساحة الإجمالية للمرفأ 1.200.000 متراً مربعاً، والمسطح المائي 1.002.000 متراً مربعاً، أما مساحة المسطح المائي للرصيف 16 فتبلغ 200.000 متراً مربعاً مع مكسر أمواج بطول 550 متراً.
والجدير ذكره أن جميع الأرصفة مجهزة بمآخذ للمياه لخدمة السفن. ويتألف مرفأ بيروت من أربعة أحواض، يتراوح عمقها بين 20 و 24 متراً، أما عدد الأرصفة فيه فتبلغ 16 رصيفاً، تنتشر عليها المستودعات المسقوفة والمكشوفة. وتبلغ مساحة أحواضه نحو 660000 متراً مربعاً.
وبحسب بيانات الموقع الرسمي لمرفأ بيروت، فقد احتل المرفأ مكانة صاعدة خلال الألفية الجديدة، وهو ما ظهر في عدد الحمولات الصادرة والواردة سنويًا، والإيرادات المالية من عمليات الشحن والتخليص والمناولة.
وزادت إيرادات المرفأ من 89 مليون دولار في عام 2005 إلى 313 مليونا في 2017 بحسب البيانات المالية ونحو 278 مليون دولار في 2016، مسجلة معدل نمو سنوي مركب قدره 11.1%.
ووفق البيانات، يعتبر المرفأ هو الأكبر في البلاد من حيث عدد الأطنان التي يتم تخليصها يوميًا، بمتوسط يومي 4 آلاف و270 طنا في 2018، مقارنة مع 4 آلاف و330 طنا في 2017 ونحو 2100 طن كمتوسط يومي في عام 2005، بمعدل زيادة سنوية 6%.
ونمت حمولة البضائع الإجمالية الواردة إلى المرفأ، التي تتكون من حاويات، بضائع عامة ووقود، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 4.6% لفترة 14 عاما، من 4.48 مليون طن في 2005 إلى حوالي 8 ملايين طن في 2018.
وتأثر المرفأ سلبا خلال العام الماضي، وبالتحديد منذ الربع الأخير 2019، مدفوعًا بالتوترات الاقتصادية التي شهدتها البلاد من شح في وفرة النقد الأجنبي، وما نجم عنه من ارتفاع لأسعار السلع وتراجع في الواردات من الخارج.
وبحسب بيانات الموقع الرسمية، فإن اسمه يذكر منذ القرن الـ15 قبل الميلاد، في الحروف المتبادلة بين الفراعنة والفينيقيين؛ وخلال العصر الروماني، تطور إلى مركز تجاري واقتصادي.
وخلال العصر الأموي، أصبح مرفأ بيروت مركز الأسطول العربي الأول؛ أما بالنسبة لعصر الصليبيين، كان لميناء بيروت دور مهم في التجارة البحرية بين الشرق والغرب. وتم تحصين هذا الدور خلال العصر المملوكي عندما تم تحويله إلى مركز تجاري يزوره حجاج الأراضي المقدسة؛ وبحلول نهاية القرن التاسع عشر، تم تأسيس مرفأ بيروت الحالي.
وفي عام 1887، منحت السلطة العثمانية امتياز الميناء لشركة عثمانية، وتم تعزيز الامتياز في وقت لاحق عندما حصلت الشركة من الجمارك على الحق الوحيد في تخزين وحمل جميع بضائع الترانزيت التي تمر عبر الجمارك.
وتم إنجاز الأعمال الإنشائية، وهي بناء سد بحري لتوسيع وتطوير الميناء، وتم الافتتاح نهاية عام 1894. وفي عام 1960 حصلت شركة لبنانية على حق امتياز لمدة 30 عاما استمر حتى 1990.