تأخر عن أبناء جيله وعارض حكم الإخوان..محطات في حياة ”العمدة” وسر اختفاء صلاح السعدني عن الأنظار
اختفى الفنان صلاح السعدني عن شاشة التلفزيون منذ فترة تجاوزت 7 أعوام، حيث كان آخر عمل ظهر فيه عام 2013 من خلال مسلسل "القاصرات"، أمتع الجماهير طوال مشواره الفني بمجموعة من الأعمال المتميزة، التي جعلته يحجز مكاناً كبيراً في قلوب الجمهور، الذي لقبه بـ "عمدة الدراما المصرية"، وذلك لأنه كان يتميز بتقديم أدواره ببساطة وإتقان شديد، مما جعل جميع الشخصيات التي قدمها ترتبط مع جمهوره وترسخ في أذهانهم، ومن هذه الشخصيات "حسن أرابيسك، ونصر وهدان القط في حلم الجنوبي"، وقبلها "العمدة سليمان غانم" في أجزاء مسلسل "ليالي الحلمية" للكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، والذي منه أصبح اسمه مرتبطًا بـ"العمدة"، حيث قدم خلال مشواره العديد من الأعمال المميزة بين المسلسلات الاجتماعية والصعيدية والتراجيدية، حتى إنه ظل لسنوات أحد النجوم المشاركين باستمرار في سباق دراما رمضان.
تداول البعض على مواقع التواصل الاجتماعي أخبار كثيرة حول إصابة بمرض خطير جعله يضطر إلى ملازمة الفراش وعدم الظهور حتى في بالمناسبات العامة أو الأعمال الفنية، وزاد الأمر تأكيداً بعدما نشرت صورة للسعدني مع نجله، وقد بدا بملامح مختلفة كثيرا بفعل المرض، كما ظهر بنظارة طبية وشعر أبيض.
لكن بعدها خرج الفنان صلاح السعدني عن صمته، مؤكداً أنه تفاجئ بانتشار خبر مرضه، حيث قال في بعض التصريحات :"لقد تفاجأت بهذا الخبر، بل إن البعض اتصل بي هاتفياً للاطمئنان على حالتي الصحية، لذلك أريد أن أوضح أنني بخير ولا صحة لما تم تداوله من أخبار وإنني متواجد بمنزلي مع أفراد أسرتي وأحفادي"، مشيراً إلى أن سبب اختفائه عن الساحة الفنية هو أنه لم يجد عملاً فنياً قوياً يجذبه ليعود به إلى الحياة الدرامية.
وبدوره نفى النجم أحمد السعدني الأخبار المتداولة حول مرض والده، وأكد أنه بخير ويتمتع بصحة جيدة، كما أبدى اندهاشه من الشائعات التي تلاحق والده بين الحين والآخر، واصفا إياها بـ"السخيفة".
ولد الفنان الكبير صلاح عثمان إبراهيم السعدني عام 1943 في محافظة المنوفية، لأسرة تضم 10 أبناء غيره من ضمنهم الكاتب الصحفي الساخر محمود السعدني، وبعد ذلك انتقل مع عائلته للإقامة في الجيزة، حيث تلقى تعليمه بمدرسة "السعيدية" الثانوية، وكان هو الوحيد بين أشقائه الذي أكمل تعليمه الجامعي، حيث التحق بكلية الزراعة بجامعة القاهرة، والتقى هناك بصديق عمره الفنان عادل إمام الذي كان يرأس فريق التمثيل بالكلية، واشترك كلاهما في العديد من المسرحيات في الكلية، حيث اختار عادل إمام زميله السعدني لأداء دور في مسرحية "ثورة الموتى" على خشبة مسرح الجامعة، لينطلق بعدها في عالم التمثيل.
"العمدة" تنوعت أعماله بين الدراما التليفزيونية والمسرحية والسينمائية، حيث قدم خلال مسيرته الفنية ما يقرب من "١٧٠" عملًا، ظهر من خلالهم في أنماط كثيرة من الشخصيات، ولم يحصر نفسه في دور معين، وكان أول عمل قدمه في مسلسل "الرحيل" عام 1960 ليغيب بعدها عن التمثيل لمدة أربع سنوات، ومن ثم يعود عام 1964 في مسلسل "الضحية"، و"الساقية" أمام سميحة أيوب، وشفيق نور الدين، وحمدي غيث، وللكاتب الكبير عبد المنعم الصاوي ومن إخراج نور الدمرداش، وحتى نهاية الستينات، تركزت أعماله على الدراما التلفزيونية بالإضافة للمسرح، فشارك في مسرحية "لوكاندة الفردوس"، مسلسل "عادات وتقاليد"، فيلم "شياطين الليل"، مسرحية "زهرة الصبار"، مسرحية "السكرتير الفني"، فيلم "كيف تسرق مليونير" وفيلم "زوجة بلا رجل".
وتألق السعدني على خشبة المسرح، حيث قدم عدة مسرحيات منها "الملك هو الملك، وباللو باللو، زهرة الصبار، الناصر صلاح الدين".
وتعتبر فترة السبعينيات أكثر فترات انتشار السعدنى فى الأعمال السينمائية، حيث قدم خلالها عدة أفلام، ففي 1970 شارك في بطولة "أشجان" مع سهير رمزي، وأشرف عبد الغفور، وفي 1972 شارك في مسلسل "عادات وتقاليد" مع عقيلة راتب، وليلى طاهر، وعبد الحفيظ التطاوي، وشارك في العام نفسه في "القاهرة والناس" مع نور الشريف، وإخراج محمد فاضل، وعدة أفلام آخرى منها "الأرض، والرصاصة لا تزال في جيبي، ومدرستي الحسناء، وأغنية على الممر، وفوزية البرجوازية، والغول، والموظفون في الأرض، وقضية عم أحمد، وملف في الآداب، وزمن حاتم زهران"، وغيرها من الأعمال.
ولكن على الرغم من قوة حضور السعدني في الدراما التليفزيونية، فإنه لم يحظى بالحضور نفسه في السينما المصرية، فلم يحقق إيرادات ضخمة في شباك التذاكر.
وشارك خلال الثمانينات في الكثير من الأعمال التي كانت بمثابة نقلة وعلامة كبيرة في مشواره الفني جعلته يقترب من قلوب الجمهور بصورة أكبر، كدوره في مسلسل "ليالي الحلمية" التي قدم فيها شخصية العمدة سليمان غانم، ومن أعماله في هذه الفترة: فيلم "خلف أسوار الجامعة"، مسلسل "أبواب المدينة" الجزء الأول، فيلم "زمن حاتم زهران"، مسلسل "بين القصرين"، فيلم "لعدم كفاية الادلة"، فيلم "مهمة صعبة جداً"، فيلم "العملاق"، مسلسل "قصر الشوق".
وواصل نجاحه خلال التسعينات حيث قدم فيها العديد من الأعمال المتميزة أهمها مسلسل "أرابيسك أيام حسن النعماني"، مسلسل "حلم الجنوبي"، ومسلسل "درب إبن برقوق".
وخلال الألفينيات شارك في العديد من الأعمال التي كان لها تأثير كبير في أذهان جمهوره منها مسلسل "الأصدقاء"، مسلسل "رجل في زمن العولمة"، مسلسل "الناس في كفر عسكر"، مسلسل "للثروة حسابات أخرى"، فيلم "عمارة يعقوبيان"، ومسلسل "الباطنية".
وفي عام 2010 قدم مسلسل "بيت الباشا" مع شيرين وكندة حنا ومن إخراج هاني لاشين، وفي 2012 قدم مسلسل "الأخوة الأعداء" من إخراج محمد النقلي، وخلال موسم رمضان 2013 عرض له العمل المتميز مسلسل "القاصرات" من إخراج مجدي أبو عميرة، وكان ذلك آخر ما قدم له، ومن بعدها اختفى السعدني عن الأنظار.
برع الفنان صلاح السعدني في تجسيد شخصية العمدة خلال ملحمة "ليالي الحلمية"، والتي تعتبر من أهم أعماله الفنية، حيث استطاع أن يلفت له الأنظار كنجم من نجوم الصف الأول، من خلال دوره في العمل، وشاركه البطولة يحيى الفخراني، صفية العمري، أنعام سالوسة، إلهام شاهين، هشام سليم، ممدوح عبد العليم.
شخصية مليئة بالجوانب الإنسانية والاجتماعية قدمها في "حسن أرابيسك"، واستطاع أن يقدمها ببراعة من خلال مسلسله الشهير "أرابيسك"، وحصل بسبب هذه الشخصية على العديد من الجوائز بعد أن حقق العمل نجاح كبير، وشاركه في البطولة هالة صدقي، كرم مطاوع، لوسي، هدى سلطان، حسن حسني، شوقي شامخ.
وقدم فيلم "الأرض"، الذي أصبح ثاني أفضل فيلم ضمن قائمة "أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية"، وعلى الرغم من أن الفيلم ضم كوكبة من ألمع النجوم وقتها، إلا أن "السعدني" استطاع أن يجذب الأنظار له من خلال الدور الذي جسده وهو "علواني"، الفيلم بطولة محمود المليجي، يحيى شاهين، نجوى إبراهيم، عزت العلايلي، حمدي أحمد، ومن إخراج يوسف شاهين.
وجسد السعدني في فيلم "أغنية على الممر"، شخصية "مسعد"، الشاب الذي شارك في حرب 67، واحتجز مع 4 من زملائه الجنود، في ممر بالصحراء، بعد أن يستشهد رفاقهم أثناء الحرب، ويعرض الفيلم جوانب إنسانية وحياتية لكل جندي منهم، الفيلم بطولة محمود مرسي، محمود ياسين، أحمد مرعي، صلاح قابيل.
وضمن أحداث مسلسل "الناس في كفر عسكر"، جسد السعدني شخصية "عبد القادر عوف"، وتدور أحداث العمل حول صراع بين عائلتين، هما عائلة "عوف"، وعائلة "شلبي"، المسلسل حقق نجاحا كبيرا وقت عرضه، وشارك في بطولته دلال عبد العزيز، فتحي عبد الوهاب، هالة فاخر، فتوح أحمد.
وعرض مسلسل "حلم الجنوبي" عام 1997، وجسد صلاح السعدني ضمن أحداث المسلسل شخصية مدرس التاريخ "نصر وهدان القط"، الذي يكتشف بردية يوجد بها موقع مقبرة الإسكندر الأكبر، ويتعرض لتهديدات وضغوطات للحصول على هذه البردية، المسلسل بطولة معالي زايد، محمود الجندي، حسن حسني، جيهان فاضل، محمود البزاوي.
وظهر بشخصية "عبد العال زيدان"، ضمن أحداث مسلسل "أوراق مصرية"، وعرض المسلسل حقبة زمنية في تاريخ مصر، بداية من حكم الملك فؤاد، حتى معاهدة السلام، المسلسل بطولة يوسف شعبان، هالة صدقي، فريدة سيف النصر، عبد الله فرغلي، عايدة عبد العزيز.
أما مسلسل "القاصرات"، فهو آخر أعمال الفنان صلاح السعدني، حيث عرض المسلسل عام 2013، وحقق المسلسل نجاحا كبيرا، نظرا لجرأة محتواه، حيث جسد "السعدني" شخصية العمدة عبد القوي، الذي يتزوج من فتيات لا تتجاوز أعمارهن الخامسة عشر، وشاركه البطولة داليا البحيري، ياسر جلال، لقاء سويدان، جيهان قمري، منة عرفة.
تأخرت نجومية الفنان صلاح السعدني بعض الوقت عن أبناء جيله، ويعود السبب في ذلك إلى النشاط السياسي لشقيقه الكاتب الساخر محمود السعدني، الذي كان معارضا للسلطات، وهو ما أدى إلى ابتعاد المنتجين عن الاستعانة بالسعدني في الأعمال الفنية.
شارك الفنان صلاح السعدني في ثورة يناير، واننتقد نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وعارض حكم المعزول محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان الإرهابية، كما أعلن دعمه لثورة يونيو 2013 ودعم تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الرئاسة في مصر.