عصابة المليارات.. ننشر أسماء قيادات الشبكة السرية لتمويل الإخوان
لا شك أن العامل الوحيد الذي أبقي جماعة الإخوان الإرهابية علي قيد الحياة حتي الآن رغم طردهم من الحكم منذ 7 سنوات تقريبا هو الثروات التي يملكونها في الخارج.. وسبق للموجز أن قاد حملة صحفية لتتبع شبكة المليارات التي تمتلكها وذلك بعد شهور من سقوطهم وبالتحديد في عام 2014..وإلي نص التقرير
لم يخطئ المراقبون عندما اكدوا ان السبب الوحيد في صمود الاخوان حتي الان هو تدفق المليارات عليهم من الخارج.. فالمتتبع لاموال الاخوان في الخارج سوف يدهش من انتشارها في جميع انحاء العالم عبر مليارديرات التنظيم الدولي الذين يديرون بيزنس الجماعة بالتعاون مع اجهزة مخابرات عالمية.
"الموجز" رصد هذه الشبكة السرية المكونة من عصابة التنظيم..
يقول المثل العربي: "المال قوام الأعمال"، أما المثل الفرنسي فيؤكّده بطريقة مختلفة تقريباً بالقول:"المال عصب الحرب الحيوي". أهمية المال والحصول علي التمويل، لا تحتاج إلي تبيان خاصة إذا ما تعلق الأمر بمشروع كبير وتحديداً إذا تعلق الأمر بمشروع سياسي.
بنك التقوي نموذج الذراع الدولية للتمويل وضخ السيولة في شرايين التنظيم الدولي والحركات المحلية النهضةوحماس والجماعة الإسلامية وحمس الجزائرية نموذج للحركات المنتعشة بفضل تمويلات التنظيم المسالخ الإسلامية توفر 7 مليار دولار سنوياً للتنظيم، قطرة في بحر من التمويلات السرية الأخري من زكاة وهبات وتبرعات وأوقاف استراتيجية الإخوان غزو العالم وليس فقط المنطقة العربية ويكفي النظر إلي كلّ دول العالم وخاصة الديمقراطية منها لندرك هذه الأهمية، فبمتابعة الحملات الانتخابية يصاب المرء بالدوار بسبب ضخامة الأرقام والأموال المرصودة التي يتبرع بها الأنصار والمؤيدون ويوفرها المرشحون من حرّ مالهم ومدخراتهم، لكن الفرق بين هذه الحملات وبين ما يجري في بعض المناطق الأخري مثل منطقتنا، أن هذه الأموال تجد طريقها قبل الوصول إلي الحسابات البنكية إلي الدفاتر والوثائق المحاسبية، لتبيان أصلها ومصدرها ووجوه إنفاقها والتعرف علي كل التفاصيل المتعلقة بها من جيب صاحبها إلي رقم الحساب المصرفي الذي وضعت فيه.
ولكن في بعض التجارب العربية، وخاصة في مصر وفي الدول الأخري التي تعرضت منذ الأربعينات من القرن الماضي إلي التجربة الإخوانية، أصبح التمويل السياسي قاعدة أساسية في عمل هذه المنظمة العابرة للحدود والجنسيات بهدف ضمان نجاح الأعمال وسعياً لضمان الفوز للمشروع الإخواني كما يقول المثل الفرنسي عن الحرب وعصبها.
حلقات عنقودية
مستندة إلي قيم ومفاهيم إسلامية، تعمل حركة الإخوان المسلمين منذ ظهورها علي توفيرالغطاء المالي الكفيل بتقديمها في صورة المنظمة القادرة علي الوفاء بتعهداتها والتزاماتها تجاه أنصارها ومؤيديها بالدرجة الأولي ثم تجاه العالم الخارجي، بمعني الخارج عن دائرة تأثير نفوذ الحركة، ويشمل ذلك الرأي العام الوطني والدولي في آن معاً.
قامت حركة الإخوان المسلمين منذ بدايتها علي يد حسن البنا، علي اختراق المجتمعات المحلية وخاصة الفئات الضعيفة والمحرومة منها، لكسب الأنصار والمؤيدين ولكن أيضاً لكسب الطاقات المتوفرة والمجانية علي مدار الساعة، لتنفيذ البرامج وتوزيع المناشير وجمع التبرعات والأموال، في إطار شبكات عنقودية متكاملة وتبادل الأدوار والخدمات والمنافع فيما بينها وبما يصب في النهاية في مصلحة الجماعة أو الإخوة.
وباكتمال الحلقات داخل العنقود في القطر الواحد، تعمل الحركة علي تنفيذ نفس الطريقة وبالرسم نفسه في القطر المجاور ثم الأبعد فالأبعد، وهو الأمر الذي يفسر امتداد وتوسع الحركة عمودياً وأفقياً، عمودياً داخل المجتمع المصري نفسه، وأفقياً بالتمدد والتمطط إلي أقصي ما يمكن من دول وبلدان، ما يضمن توفر الأنصار ولكن خاصة التمويل بشكل متزايد ومتدفق لا يعرف التوقف.
علي قمة الهيكل
ولمواكبة هذا التمدد الاستراتيجي، كان لا بد من هيكل جامع بمثابة مجلس الإدارة لتسيير هذا الأخطبوط الكبير، الذي يقول عنه يوسف ندا، رجل التمويل الأول كما سيأتي تفصيله، ومفوّض العلاقات الدولية السابق في جماعة الإخوان المسلمين يضم 100 مليون عنصر في أكثر من 70 دولة، رقم قدمه الرجل نفسه في حديث مع قناة الجزيرة القطرية في 2006.
وإلي جانب مجلس الإدارة الذي يشرف علي التوجهات العامة والاستراتجيات والخطط العريضة والسياسات العامة، تعززت هيكلة الحركة منذ 2002، بآلية أخري أقرب لما يمكن أن نسميه بقيادة الأركان، ممثلة في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أو "الثينك تانك" أو المكتب الموازي، كما هو الشأن دائماً في الحركة، ومن أشهر وجوه هذا الجهاز الخطير علي رأس القيادة العالمية للحركة يوسف القرضاوي، الذي يعدّ النقطة التي تصب عندها كلّ جداول الحركة الدولية والحركات القطرية في كلّ دولة علي حدة، خاصة أن الهدف المعلن من التنظيم الجديد كان ولايزال جمع نخبة العلماء المسلمين من مختلف الطوائف بهدف تقريب الشقة بينها وإصلاح ذات البين، بما أن القرضاوي الذي يترأس هذا الهيكل الذي يطغي عليه الحضور السنّي مثلاً، يحتضن فيه ممثلين عن الإسلام الشيعي، في جلسات حوار ونقاش حول أمهات القضايا الدينية، في الوقت الذي يلعن فيه الشيعة في تصريحاته وخطبه من جامع عمر بن الخطاب بالدوحة مثلاً.
لكن المهم في يوسف القرضاوي ليس دوره الفقهي الذي تصدي إليه بمناسبة إنشاء هذا الاتحاد منذ 2002، وترويجه رسمياً في 2004، بل في الهدف من هذا الاتحاد الذي يعمل علي شكل منصة دعائية خطابية للترويج لخطاب القرضاوي الفقهي السياسي من جهة وتسليط الضوء عليه مرجعاً لا يختلف في كثير من النواحي عن المرجع بالمفهوم الشيعي، أي أن هذا المرجع يكلف وكلاء عنه في مختلف الدول التي يصلها "صوت الإخوان" كما قال المرشد العام للإخوان السابق محمد مهدي عاكف، لضمان وصول الخطاب الرسمي للإخوان ونفاذه إلي المجتمع المقصود به، بالاعتماد علي الشبكات والجمعيات الخيرية والتطوعية والنوادي والمنظمات الخيرية والجمعيات الفكرية التي تسارع كل منها وكل حسب اختصاصها لتمرير رسالة "المرشد الأول" إذا جاز القول، بما أن القرضاوي هو الماسك الأول بزمام التمويل والمصادر المالية الكثيرة التي تتوفر للإخوان عبر العالم.
التنظيم والاتحاد توزيع أدوار وتكامل
إذا كان يوسف القرضاوي، هو المشرف الأول علي الاتحاد العالمي الذي أنشأه بدعم قطري رسمي وآخر بريطاني لوجيستي، ليكون المرجعية الروحية أو "أورشليم الشتات الإخواني" في العالم، فإن التنظيم الدولي للإخوان ظهر بفضل جهود المرشدين الهامين في تاريخ الحركة المعاصر، محمد مهدي عاكف ومصطفي مشهور، منذ السبعينات عندما أشرفا علي مركز ميونيخ الإسلامي في المدينة الألمانية الكبري.
ولكن لماذا يحظي يوسف القرضاوي بهذه الأهمية ويلعب أخطر الأدوار في وجود الحركة نفسها وفي حياتها وقدرتها علي التمدّد رغم أنه لا يشغل أي منصب رسمي في الحركة المصرية، ورفض كما تقول البروباجاندا النشيطة للإخوان تولي منصب المرشد عندما عرض في كل مناسبة؟
لا يمثل القرضاوي بالنسبة لمنظمة الإخوان مجرد منظر إسلامي بغض النظر عن مواقفه الفقهية أو الدينية أو حتي السياسية العلنية، بقدر ما يعد في هيكله وتنظيم الحركة المحلية في مصر والدولية في العالم، المحورالأساسي الذي تتقاطع عنده أسماء وحركات ومنظمات تابعة أو منتمية أو متعاطفة أو فرعية أخري، لكنها تدور حول قطب واحد، يوسف القرضاوي بسبب إشرافه علي منبع أو شريان الحياة الضروري للإخوان، أي التمويل وتدفق الدعم.
مهندس شبكات التمويل
ويمكن هنا التساؤل عن دور القرضاوي في تمويل وتنظيم تمويلات وحركة تدفق الأموال علي الإخوان ولكن أيضا علي عدد كبير آخر من الحركات والمنظمات التي لا تعلن علاقتها بالإخوان، وتعمل بمثابة الشبكات الفرعية لها لأسباب سياسية وإيدولوجية وحتي استخباراتية.
وفي هذا السياق، يبدو يوسف القرضاوي الرجل الأول علي هرم مخيف من الشركات والمنظمات والجمعيات التي تعمل علي تأمين وسدّ الحاجيات المالية للتنظيم العالمي والتنظيمات المحلية.
وتؤكد تقارير ودراسات مختلفة لأجهزة مخابرات أو جامعات ومراكز أبحاث مختلفة علي أن يوسف القرضاوي هو المالك الحقيقي للكنز الذي لا ينضب، ويشرف علي"كل الشبكات المالية الدولية للحركة الإسلامية" تحت ستار الإشراف الشرعي علي عدد من الشركات والمؤسسات التابعة للإخوان والدائرة في فلكها، ومن أشهر هذه المؤسسات وأكثر دلالة علي حجم تأثير القرضاوي في توفير التمويل والسيولة الضرورية، بنك التقوي لمؤسسه يوسف ندا، أحد أشهر القيادات الإخوانية في الخارج، وتحديداً سويسرا.
بنك التقوي غابة من المؤسسات المالية المعقدة
رغم تواريها عن الأنظار بالتدريج منذ 2001، بعد اتهامها رسمياً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بتمويل الإرهاب وعمليات القاعدة، حتي الإعلان عن تجميد نشاطها في الظاهر، تعتبر مؤسسة "بنك التقوي" التي يتربع القرضاوي علي رأس القرار الأخير فيها، صورة مميزة عن قدرة الحركة علي تسخير التمويل والسيولة الضرورية للإشراف علي الإمبراطورية الضخمة تسيرها، ولكنها ليست المؤسسة أو الطريقة الوحيدة التي تسمح لها بالعمل في أريحية كبيرة.
تأسّس البنك علي يد أحد القيادات الإخوانية المعروفة في مصر بعد ارتقاء السادات سدة الرئاسة بفترة قصيرة، في إطار سعيه للتحالف مع الإخوان، وتوظيفهم وفق برنامجه القاضي بضرب اليسار والناصريين في المجتمع المصري. ولم يهاجر البنك من مصر إلا في 1988 بعد تصاعد المواجهات مع النظام، وإصرار الأخير علي تجفيف منابع تمويل الإخوان، فتحول البنك إلي بهاماس وتقاسم نفس المكاتب مع مؤسسة مالية معروفة هي الأخري بارتباطها الوثيق بتمويل الشبكات الإسلامية خاصة في أفغانستان.
من الملاذ المالي في القارة الأمريكية، إلي قلب أوروبا سويسرا، إذ بادر البنك بإقامة أول فرع له في الجانب الإيطالي من سويسرا في في مدينة لوغانو بمنطقة تيسان، وهي المنطقة المشهورة بقوانينها المالية المتساهلة ورقابتها الضعيفة مقارنة بالجهات الناطقة بالفرنسية أو الألمانية مثل جنيف أو زيوريخ.
وفي هذا الخصوص لا بد من الإشارة إلي أن مؤسس البنك وصاحب امتيازه علي الأقل من خلال الوثائق، يوسف ندا يعدّ من القيادات التاريخية للحركة منذ الأربعينات، وأحد أقرب المقربين من سعيد رمضان صهر حسن البنا، والذي استقر في سويسرا في إطار خطة متكاملة لتثبيت الإخوان في القارة الأوروبية مروراً بألمانيا أين توجد جالية تركية كبيرة، وفرنسا لاستهداف الوافدين من المغرب العربي، وسيأتي تفصيل ذلك في مناسبات قادمة.
شبكة من 2000 مؤسسة
كان وصول "التقوي" إلي أوروبا المرحلة الحاسمة في تحويل البنك إلي آلة ضخمة لتمويل الإخوان والحركات التابعة والمنتمية والمتحالفة، ولم يتأخر ندا ومجلس إدارة البنك وخاصة لجنته الشرعية برئاسة يوسف القرضاوي في تفريخ عدد كبير من المؤسسات التابعة بهدف خلق شبكة مغلقة ومشفرة يمكن بفضلها تحريك تدفقات مالية ضخمة، مع تقليل آثار هذه الحركات والتغطية علي أقصي ما يمكن منها.
ولهذا السبب ظهرت مجموعة كبيرة من الشركات والمؤسسات التابعة التي تحمل اسم ندا مباشرة أو التقوي والتي بلغ عددها حسب المتابعين 2000 شركة ومؤسسة جميعها تعمل في المال والدراسات المالية والصيرفة والتمويل.
وفي 2001 وبعد "تفطن" المخابرات الأمريكية للدور المشبوه الذي لعبته هذه الشبكة المالية وعلامة ندا، في تمويل القاعدة وعدد من المنظمات الإرهابية والمناوئة للولايات المتحدة وإسرائيل وعدد من الدول الأخري الصديقة والحليفة، مثل حماس الفلسطينية وحمس الجزائرية وقبلها جبهة "الفيس" أو الجبهة الإسلامية الجزائرية وتحديداً ما يعرف بتيار الجزأرة بقيادة عباسي مدني ونائبه علي بلحاج وغير هذه الأحزاب والشخصيات المعروفة، أصدرت حكومة بهاماس قرارها بإلغاء ترخيص بنك التقوي، مستندة علي تشريعها الوطني الذي يمنع ترخيص ما يسمي بالقواقع المالية والبنكية، أي البنوك التي لا يتجاوز حضورها علي الجزيرة سوي العنوان البريدي ورقم الهاتف.
ولكن ذلك لم يمنع شبكة ندا المالية من التناسل، فبفضل الترخيص في ناساو عاصمة الملاذ المالي في بهاماس نجحت الحركة في إيجاء مواطن قدم لها في لندن وفي ليخنشتاين وفي سويسرا وإيطاليا وغيرهما من الدول، وكان بعض هذه المؤسسات المالية يختفي بعد أشهر قليلة من تأسيسه مثل مجموعة التقوي للاستثمار في مدينة مونترو السويسرية التي تأسست رسمياً مارس 1998 واختفت من الصورة في مارس 2000.
تجميد استباقي
حسب وثائق رسمية منشورة علي الانترنت، بلغ رأس مال بنك التقوي في ناساو في بهاماس في 1997 ما يعادل 229 مليون دولار، وهو مبلغ لا يتلاءم في مطلق الأحوال مع النشاط الرئيسي للبنك كما أعلنت عنه الشركة في قوانينها الأساسية "استقبال الودائع المالية من صغار المدخرين قصد استثمارها في مشاريع عقارية أو تجارية حسب مبادئ الصيرفة الإسلامية".
ولكن لا رأس المال المعلن ولا نشاط المؤسسة البنكي يسمحان بتأكيد عمل "البنك" بهذه الطريقة، وفي تقرير للجنة برلمانية سويسرية في أعقاب التحقيقات الأمريكية حول دور شبكة ندا والتقوي في تمويل الإرهاب الدولي، قالت دينا بيلايغار التي شاركت في اللجنة السويسرية،"إن التحقيق لم يسمح بالتوصل إلي نشاط بنكي حقيقي للتقوي ما نجمت، وذلك رغم القائمة الطويلة من الأنشطة التي حفل بها السجل التجاري كما سجلته الشركة، وفي الواقع علمتنا التجارب السابقة أنها الطريقة المعتمدة من قبل الشركات المشبوهة للتغطية علي نشاطها" غير القانوني كما قالت صحيفة "ليبدو" السويسرية في نوفمبر2001.
ولكن التحقيقات البرلمانية والقضائية الأمريكية والبهامية والسويسرية، دفعت بيوسف ندا إلي الإعلان عن تجميد نشاط مؤسسته في ديسمبر 2001، رغم عدم صدور قرار قضائي أو رسمي علي الأقل في سويسرا، ما يدفع إلي القول بأن الجماعة قررت التخلص من "التقوي" لقطع أي صلة مباشرة لها بنشاطات وعمليات محظورة علي سبيل الخطوة الاحترازية، وهو ما يؤكده تصريح أحمد هوبر مثلاً أحد كبار المسؤولين بالشركة لنفس الصحيفة السويسرية، عن"استئناف نشاط البنك أعماله في دولة أخري وتحت مسمي آخر".
وفي غياب التمويل المالي للمشاريع العقارية والتجارية لم يكن البنك والشركات التابعة له تقريباً يعمل إلا علي جمع التبرعات والأموال المالية علي شكل هبات وزكاة ومساعدات من الآلاف في أوروبا وخارجها.
ورغم صمت جهات كثيرة عن تمويلات ونشاط البنك المالي، إلا أن تقارير كثيرة أشارت إلي دور"الشبكة المالية التقوي" سواءً تحت المسمي القديم المعروف أو الجديد المجهول اعتماداً علي تصريح هوبر المذكور، في تمويل أنشطة الحركات الإخوانية المحلية في طائفة غير قليلة من الدول العربية.
تمويلات سخية
رغم تنصلها وتكذيبها لم تنجح الحركات الإخوانية المختلفة في نفي علاقتها ببنك التقوي خاصة قبل 2001، لاسيما بعض الحركات التي أثبتت تقارير مختلفة تورطها في الحصول علي تمويلات سخية وهامة من جماعة التقوي بناء علي توصيات يوسف القرضاوي ومكتب الإرشاد للحركة العالمية.
وفي هذا الإطار تأتي حركة النهضة التونسية وزعيمها راشد الغنوشي العضو في مجلس إدارة التقوي، وزعيم الجماعة الإسلامية اللبنانية وزعيمها فيصل المولوي، والمشرف العام علي اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، أو حمس الجزائرية وخاصة حماس الفلسطينية.
ويكشف حجم التدفق المالي واستمراره عدم تعرض الحركة عبر ميكانيزمات التمويل المخلتفة إلي أي ضائقة مالية علي امتداد سنوات نشاطها الطويلة، والواقع أن الجزء الأكبر من تمويل الجماعة عبر التقوي وغيرها من المؤسسات يستند في بعد أساسي منه علي الصدقات من المتعاطفين لإنفاقها في المشاريع الخيرية، التي تشكل الوجه الآخر لتحرك الجماعات الإسلامية، والزكاة والهبات والتبرعات من بعض الأثرياء العرب خاصة من الخليج من المتعاطفين مع الجماعة.
المسالخ الإسلامية: قطرة في بحر
وإذا كان يصعب اليوم كما قبل سنوات تقديم رقم معين عن حجم الصدقات والتبرعات والزكاة، باعتبار سرية المبالغ لدواعٍ أخلاقية دينية أولاً وبسبب سرية العمل البنكي، إلا أنه يمكن الكشف عن مصدر تمويل ضخم آخر للحركة والمنظمات التابعة لها، خاصة في أوروبا وفي المهاجر، وهي شبكة المسالخ الحلال أو الإسلامية التي تخضع جميعها لإشراف جمعيات خيرية إسلامية، تدور في فلك الحركة.
ويفسر التمويل الضخم الذي توفره المسالخ للذبح الحلال تحت إشراف الجمعيات الإسلامية، سبب إصرار الإخوان علي السيطرة علي مجالس إدارة هذه الجمعيات في مختلف دول العالم، ذلك أن الذبح الحلال يخضع لرسوم أو ضرائب تتقاسمها الجمعيات المشرفة مع السلطات المحلية من بلديات ومجالس محافظات وغيرها من السلطات في دول المهجر وإقامة الجاليات المسلمة والتي يبلغ تعدادها حسب بعض الدراسات والتقارير، 80 منظمة وجمعية حول العالم، وبالنسبة لإيرادات المسالخ الإسلامية فإن المبلغ المقدم لا يقل عن 7 مليارات دولار سنوياً، يصبّ الجزء الأكبر منها في شبكة التقوي والشبكات المالية الخفية الناشطة، لكن رغم أهمية المبلغ فإنه لايمثل سوي قطرة في بحر الهبات والتبرعات والمبالغ المجمعة بطريقة غير معلنة من الزكاة والأوقاف وغيرها.
المنظمات والجمعيات في استراتيجة الإخوان
وإلي جانب الأهمية الحيوية التي توفرها التمويلات المتأتية من الجمعيات والمنظمات، فإن هذه الهياكل القانونية توفر للحركة ولتنظيمها العالمي، إضافة إلي الأموال، فرصاً للتحرك والنشاط بعيداً عن أعين الرقابة والمساهمة الفعالة في الدعاية والترويج لفكر الجماعة وتأكيد حضورها بفضل النشاط الثقافي والصحف والمجلات وقنوات التلفزيون ومواقع الإنترنت التي تشرف عليها، إلي جانب النشاط الجماهيري الواسع الذي تنظمه والذي يسهل استقطاب المجندين الجدد، فضلاً عن تأمين وجه نشاط قانوني وشرعي لقيادات غير محترقة أي غير مكشوفة لدي أجهزة الأمن والمخابرات.
وتمثل الجمعيات والمنظمات، والعلاقات الخاصة وحتي العائلية بالمصاهرة مثلاً والعمل الخيري والإغاثي في عدد من الدول العربية والإسلامية البعد المركزي الثاني في استراتيجية "الغزو" الإخواني ليس للمنطقة العربية فحسب بل لكل العالم بداية من قارة أوروبا التي "خرجت من يد المسلمين مرتين" في إشارة إلي الخروج من الأندلس ومن صقلية، حسب يوسف القرضاوي، محور التقرير القادم من سلسلة تقارير الكشف عن الوجه الآخر للإخوان