طبيب الغلابة .. مواقف لن ينساها المصريون للدكتور محمد مشالى

طبيب الغلابة
طبيب الغلابة

وداعا الطبيب الانسان، صاحب القلب الملائكى، الرجل الذى استحق لقب "طبيب الغلابة" عن جدارة، الذى عاش بمبدأ ومات على نفس المبدأ، لم يسعى أبدا إلى المال، ولم يبحث يوما عن الشهرة، فقط كان يبتغى وجه الله، الدكتور محمد مشالي،  هو طبيب مصري أمضى قرابة الـ ٥٠ عام في علاج الفقراء مقابل أجور زهيدة لا تتعدى الـ 10 جنيهات ، باستخدام معدات بسيطة تساعدة على تشخيص الحالة، ويحرص على البحث في الأدوية الرخيصة، حتى لا يكبد المريض أية أعباء مادية، تعرض للكثير من الانتقادات بسبب ملابسه التى كان يظهر بها، وبساطة المعدات الطبية التى كان يستخدمها داخل عيادته المتواضعة، وكان يواجه هذه الانتقادات بكل شجاعة ولم تؤثر عليه، وعلق عليها قائلا “ده لبس الشغل وأنا معنديش وقت للمظاهر الكذابة ، المهم عندي الجوهر، ومع ذلك أنا عندي لبس حلو أوي للفسح والأفراح والمناسبات الطيبة”، كانت هذه الانتقادات كفيلة بأن تغتال الطبيب الانسان معنويا وتضعه فى نوبة من الاكتئاب إلا أن إيمانه بما يفعله جعله يتخطى كل هذه المواقف .

وُلد طبيب الغلابة في محافظة الغربية، لأب كان يعمل فى مجال التدريس، ولكن شاءت الأقدار أن يرحل الأب فى نفس يوم تخرجه، عام 1967، ليتحمل هو مسئولية أشقائه الصغار، لم يضيع مشارى الوقت وبدء سريعا فى حياته العملية، ومن أجل ذلك قرر عدم الزواج حتى يتمكن من أداء واجبه المهني والأسري، وعندما أدى رسالته اتجاه أشقاؤه قرر الزواج وأنجب ثلاثة من الأبناء.

وفي حقبة الثمانييات اتفق الدكتور مع زوجته على فتح عيادة لعلاج الغلابة ليست هادفة للربح ويكون هدفها الأول والأخير خدمة الغلابة، وكانت قيمة الكشف خمسة قروش، ومع مرور الوقت أصبح كشفه خمسة جنيهات في عيادة بإحدى المناطق الريفية، وعشرة جنيهات في عيادته الموجودة بمدينة، طنطا وكان يعمل عدد ساعات طويلة بالرغم من كبر سنه ولم يبخل يوما بعلمه على مريض قصد العلاج داخل عيادبه .

وكشف الدكتور مشالي فى إحدى تصريحاته عن وصية والده، الذي طلب منه أن يدخل كلية الطب بهدف مساعدة الفقراء وليس للتربح من مرض الناس.

طبيب الغلابة لديه مخزون كبير من الذكريات مع المرضى الغلابة، الذى كان يعالجهم بالمجان، وكشف فى إحدى تصريحاته أنه تعرض لموقف محزن للغالية أثناء تعيينه في أحدى الوحدات الصحية بمنطقة فقيرة، قائلا " جاء لى طفل صغير مريض بمرض السكر وهو يبكى من الألم ويقول لوالدته أعطيني حقنة الأنسولين، فردت أم الطفل لو اشتريت حقنة الأنسولين لن نستطيع شراء الطعام لباقى أخواتك، ولا زالت أتذكر هذا المواقف الصعب، الذى جعلني أهب علمى للكشف على الفقراء".

وبالرغم من أن الطبيب الانسان عرض عليه الكثير من المساعدات المادية إلا أنه كان دائما برفضها ويعلل ذلك قائلا،" أننى لا أحتاج للتبرع، وأننى لست جهة للتبرع، وكل ما أستطيع فعله التبرع بمجهودي للفقراء".ويرد الطبيب على الأصوات التي تمنت قبوله التبرعات التى كانت تعرض عليه بقوله: "واثق بأن هذه الأموال ستجد طريقها للمحتاجين بطرق كثيرة، مثل ملجأ الأيتام الذي أخبرتهم عنه، وكذلك مستشفى سرطان الأطفال، وبنك الطعام. أثق بأنهم سيعملون على توصيلها للمحتاجين بأي طريقة أخرى"، وفضل أن يموت طبيب الغلابة وهو يساعد الغلابة فى عيادته المتواضعة.

تم نسخ الرابط