خليج السباع.. ما لا تعرفه عن تاريخ حي السيدة زينب

منطقة السيدة زينب
منطقة السيدة زينب

وصل الفراعنة إلى مختلف بقاع الجمهورية وتركوا أثارهم شاهدة على تعميرهم أرض المحروسة منذ أكثر من 7 آلاف سنة، لكن لم يكن يتصور أن يعمر القدماء المصريين منطقة السيدة زينب ويؤسسوا فيها خليجا مائيا صناعيا عرف بالخليج المصرى أو خليج السباع، الذى بني لأول مرة في عهد الملك المصري سنوسرت الثالث من ملوك الأسرة الثانية عشرة، بهدف ربط النيل بالبحر الأحمر، ومنذ ذلك الحين تم ردم الخليج وإعادة حفره عدة مرات على امتداد العصور، وقد ظل موجود وتجري به المياه وتمر فوقه المراكب حتى نهايات القرن التاسع عشر.

يقول الدكتور أيمن فؤاد سيد في تحقيقه لكتاب (المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار) للمقريزي، إن الخليج المصري كان يبدأ من نقطة على النيل شمال مدينة الفسطاط، حيث يوجد الآن قناطر مجرى العيون، وكان يتجه إلى الشمال الشرقي حتى ميدان السيدة زينب، ومنه شمالا إلى ميدان باب الخلق ثم إلى ميدان باب الشعرية، ثم شمالا إلى الأراضي الزراعية حيث مجرى الترعة الإسماعيلية، ومنها إلى قرية العباسة بمحافظة الشرقية ثم إلى مدينة الإسماعيلية الحالية ثم يتجه جنوبا إلى البحر الأحمر.

ويقول المقريزي في «المواعظ والاعتبار»، إن الخليج المصري كان يضم العديد من القناطر التي كانت تساعد الناس على المرور من جانب إلى آخر، حتى وصل عدد هذه القناطر في زمن المقريزي إلى 14 قنطرة، كان أشهرها وأهمها وأكبرها على الإطلاق، قنطرة السباع التى انشاءها الظاهر بيبرس (1223م – 1277م) وكانت تشتهر بوجود نقش للسباع “الأسود” عليها، وهو شعار الظاهر بيبرس في ذلك الوقت، لذلك سميت باسم قناطر السباع.

ويوضح أيمن فؤاد سيد، أن قنطرة السباع كانت مقامة فوق الموضع الذي أصبح حاليا ميدان مسجد السيدة زينب، وكانت تتكون القنطرة من جزئين، الأول يوصل بين شارع الكومي (امتداد شارع خيرت الآن) وبين شارع السد، والثاني يوصل بين شارع عبدالمجيد اللبان وبين شارع الكومي.

يقول حمدي أبو جليل في كتابه “القاهرة شوارع وحكايات”إن الخليج المصري ظل مستعملا في إرواء القاهرة وضواحيها قرونا عديدة إلى أن أنشئت شركة مياه القاهرة في عهد الخديوي إسماعيل.

ويوضح فتحي حافظ الحديدي في كتابه “دراسات في التطور العمراني لمدينة القاهرة” أن منطقة السيدة زينب كانت من أوائل المناطق التي وصلت إليها أنابيب المياه النقية، وكان مسجد السيدة زينب أول مسجد في مصر وربما في العالم كله، يتم توصيل أنابيب المياه إليه بدلا من الميضأة التي كانت موجودة به، والتي كانت أحد أسباب انتشار الأمراض والأوبئة، نظرا لأن نفس مائها كان يستعمله كل المصلين.

وقد تسبب مد أنابيب المياه إلى بعض الأحياء، في انخفاض منسوب المياه بالخليج المصري بشكل كبير لم يعد يسمح بمرور المراكب والسفن، حيث تم إهماله وأصبح ماءه الضحل مرتعا لفضلات وقاذورات البيوت المطلة عليه، بل وتحول إلى بؤرة للتلوث والأمراض.

وفي عهد الخديوي عباس حلمي الثاني، وبالتحديد في عام 1897 تقرر ردم الخليج مراعاة للصحة العامة، وقامت شركة “ترام القاهرة” والحكومة المصرية معا بردم الخليج، وتحويله إلى شارع مخصص لأول ترام تشهده القاهرة وربما الشرق كله، حيث كان يصل الترام بين غمرة وباب الشعرية ويواصل امتداده إلى حي السيدة زينب.

 

 

تم نسخ الرابط