قصة صعود صاحب أشهر سلسلة مطاعم حول العالم .. وسر الخلطة السحرية التى حيرت ربات البيوت
كولونيل هارلاند ساندرز ، صاحب سلسلة كنتاكى الشهيرة ، لم يكن إنساناً حالماً، إنما كان يسعى بكل جوارحه لأن يكون شخصا معروفاُ وبالرغم من فقر أسرته الشديد، الا أنه لم يفقد الأمل فى تحقيق حلمه وأصبح صاحب اختراع الخلطة السحرية التى احتار فى تكوينها ربات البيوت على مستوى العالم، هذا الرجل لم يقف طموحه عند نقطة معينة فكانت رغباته فى النجاح بلا حدود، وعلى الرغم من نجاحه على الصعيد المحلي فإنه لم يكن سعيدا، وكان يريد أن يكون أكبر بكثير مما هو عليه، لذلك،كان دائما ما يعمل بجد وكد وجهد وتصميم وعزم حتى أخر لحظة فى حياته.
نشأ هارلاند فى أسرة تعاني من الفقر و تدني مستوى المعيشة ، فقد توفي والده و هو يبلغ من العمر 6 سنوات ، وأصبح و أمه وحيدين يصارعان الحياة و متاعبها ، فاضطرت والدته للعمل ، و ظل هو يرعى أخيه و أخته و يعد لهما الطعام ، لم يكن يعلم هارلاند بأن هذا العمل الشاق بالنسبة لمن في عمره كان يخبئ له في المستقبل مليارات الدولارات ، لقد أتقن هارلاند فن الطبخ و أصبح يعشقه و هذا سبب الخلطة الشهيرة التي اخترعها لاحقا .
رغم المصاعب التي ظلت تلاحق هارلاند منذ وفاة والده ، فقد أكمل دراسته الثانوية ثم التحق بالجامعة و تخصص في المحاماة ، على الرغم من دراسته فقد عمل في خدمة السيارات و المزارع و الإطفاء و الجيش ، فيبدو أنه لم يترك عملا إلا و مارسه ، بعدما تخرج من الجامعة عمل كمحامي في أحدى الشركات ، ثم اشترى محطة لخدمة السيارات في ولاية كنتاكي ، لقد كان يعيش حياة عادية و لم يكن يعلم بأن باب الثروة سينفتح له على مصراعيه .
عندما بلغ عمر هارلاند 39 و ذلك في عام 1929 جاء إليه أحد أصحابه و هو يتذمر من سوء الطبخ في المطاعم الموجودة بولاية كنتاكي فلمعت في فكر هارلاند فكرة إنشاء مطعم يقدم الطعام لسكان المدينة ، بدء هارلاند بالعمل و التخطيط فحول أحد الغرف في المحطة التي كان يملكها إلى مطبخا لبيع الدجاج المقلي و البطاطس و الخضار ، فاشتهر المطعم خلال بضع شهور و أصبح مكتظا بالزبائن ، فقام بإغلاق المحطة و تحويلها إلى مطعم تحت مسمى كافيه ساندرز ، و بعد عشر سنوات اكتشف طريقة سرية لقلي الدجاج من دون الحاجة لاستخدام زيت الطبخ ، لكن هارلاند لم يعجبه الوضع فكان طموحه أكبر مما هو عليه في ذلك الوقت ، و في عام 1949 منح من قبل حاكم ولاية كنتاكي رتبة كولونيل تكريما له ، و عرض عليه عام 1953م شراء المطعم مقابل 150 الف دولار ، و لكن هارلاند رفض العرض و أكمل مشواره ، و لكن بعد فترة قصيرة إضطر لبيع المطعم بنصف المبلغ الذي عرضه عليه من قبل حاكم ولاية كنتاكي و ذلك بسبب إعادة تخطيط المدينة و ابتعاد مطعمه عن الطرق السريعة مما قلل عدد زبائنه .
بعدما خسر هارلاند من تجربته السابقة لم يستسلم فبدأ بتحضير خلطته السرية و عرضها على المطاعم ، و لكنه أصيب بخيبة أمل أخرى ، فخلال سنتين لم يستطع إلا إقناع خمس مطاعم فقط ، فكان خلال هذه السنتين يسافر من ولاية لأخرى من أجل بيع الخلطة الجاهزة ، و شيئا فشئيا استطاع الرجل تأسيس سلسلة مطاعم “دجاج كنتاكي” حتى وصل عددها إلى 200 مطعم. وفي عام 1963 بلغ عدد فروع مطاعم كنتاكي 600، وفي تلك الفترة قرر مؤسسها بيع امتياز مطاعم “كنتاكي” إلى رجلي الأعمال جان براون جاك ماسي، مقابل مليار دولار وراتب شهري قدره 40 ألف دولار ثم بعد ذلك 75 ألف دولار مدى الحياة، مع مقعد دائم له في مجلس الإدارة ظل محتفظا به حتى وفاته .
وأصيب ساندرز بسرطان في الدم عام 1980 وتوفي في شهر ديسمبر من نفس العام، بعد أن قضى 90 عاماً في الكفاح والعمل دون أن يستسلم لليأس أبدا، وظل وجهه المميز بلحيته الصغيرة شعاراً لطعم الدجاج المميز حول العالم، كما صار جزءاً من التاريخ الأمريكي، فهو أحد ألمع الشخصيات في تاريخ الولايات المتحدة.
ولا زالت مطاعم “كنتاكي” تواصل انتشارها حتى بلغت فروعها أكثر من 17 ألف فرع حول العالم، وتخدم أكثر من 12 مليون زبون يومياً في أكثر من 115 بلداً وإقليماً، ولا زالت شركة كنتاكي تحتفظ بـ”سر الخلطة” التي تتكون من 11 نوعا من الأعشاب والتوابل مكتوبة في ورقة عليها إمضاء الكولونيل هارلاند ساندرس نفسه، ومعها 11 قارورة تحتوي على هذه الأعشاب والتوابل، محفوظة في مكان آمن داخل قبو في مقر الشركة الرئيسي في مدينة لويس فيل بولاية كنتاكي.