تحل ذكراها في موسم الحج..ماذا تعرف عن بيعة الحرب؟

الموجز

في العام الثاني عشر من البعثة النبوية جاءت وفود من قبيلتي الأوس والخزرج من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة وبايعوا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بيعة سُميت ببيعة العقبة الأولى، وأرسل معهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مصعب بن عمير ـ رضي الله عنه ـ ليعلمهم القرأن الكريم والإسلام، وبدأ الإسلام ينتشر في المدينة .

وفي العام الثالث عشر وفي الوقت الذي اطمأن المسلمون المهاجرون بين إخوانهم الأنصار في المدينة المنورة، وبقاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مكة يُلاقي عنت قريش وأذاها، قدِمَ وفد من الأنصار في موسم الحج فبايعوا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بيعة العقبة الثانية، والتي تعرف في السيرة النبوية ببيعة العقبة الكبرى ويطلق عليها أيضاً بيعة الحرب .. وفيما يلي نقدم تفاصيل هذه البيعة:

بنودها

رجع مصعب بن عمير إلى مكة، وخرج ثلاثة وسبعون رجلًا وامرأتان من الأنصار في موسم الحج، وقالوا له: «يا رسول الله نبايعك؟» فقال لهم: «تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله لا تخافوا في الله لومة لائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنة».

التسمية

وقد سُميت ببيعة الحرب؛ لأن كان فيها البيعة على القتال والذي لم يكن شرطًا في البيعة الأولى، فعن عبادة بن الصامت قال: «دَعَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ، فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، قَالَ: إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ.» فبايعوه رجلًا رجلًا بدءًا من أسعد بن زرارة وهو أصغرهم سنًا. وكان الرِّجال تصفق على يدي النبي بالبيعة، أما الامرأتان اللتان حضرتا البيعة مع أزواجهما فقال لهما النبي: «قَدْ بَايَعْتَكُمَا، إنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ.»، وكان ذلك في شهر ذي الحجة قبل الهجرة إلى المدينة بثلاثة أشهر، الموافق (يونيو سنة 622م).

اثني عشر نقيبا

ثم قال لهم: «أخرجوا إليَّ منكم اثني عشر نقيبًا يكونون على قومهم بما فيهم»، فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبًا، تسعة من الخزرج وهم: أسعد بن زرارة، وسعد بن الربيع، وعبد الله بن رواحة، ورافع بن مالك، والبراء بن معرور، وعبد الله بن عمرو بن حرام، وعبادة بن الصامت، وسعد بن عبادة، والمنذر بن عمرو، وثلاثة من الأوس وهم: أسيد بن حضير، وسعد بن خيثمة، ورفاعة بن عبد المنذر، وقال للنقباء: «أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم، وأنا كفيل على قومي».

تأكيد البيعة

وقبل إتمام مراسم البيعة أدرك العباس بن عبّادة، وهو أحد المبايعين، خطورة الموقف، وخاصة أن المطلوب من المبايعين ليس مواجهة ومقاومة مشركي مكة والجزيرة العربية فقط، وإنما مواجهة كل من يحاول الاعتداء على رسول الله ﷺ والحدّ من حرية دعوته، ولو كان العالم بأسره. لذلك أحبّ العباس هذا تأكيد البيعة ويفتح عيون المبايعين ليكونوا على وضوح وبصيرة من أمرهم حتى لا يقولوا في يوم من الأيام لو كنّا نعلم أن الأمر سينتهي بنا إلى هذا لم نقدم.

لذلك وقف هذا الرجل وقال للمبايعين جميعاً : "يا معشر الأوس والخزرج تعلمون ما تقدمون عليه، إنما تقدمون على حرب الأحمر والأبيض وعلى حرب ملوك الدنيا. فإن علمتم أنه إذا أصابتكم المصيبة في أنفسكم خذلتموه وتركتموه فلا تغرّوه، فإن رسول الله وإن كان قومه خالفوه إلا أنه في عزّ ومنعة".

إثر ذلك قال عبد الله بن حزام والد جابر بن عبدالله الأنصاري، وكان أحد المبايعين، وغيره أيضاً، "يا رسول الله بل دمنا بدمك وأنفسنا بنفسك فاشترط لنفسك وربك ما شئت". وكان هذا الكلام تأكيداً منهم على الوقوف بجانب النبي ﷺ مهما بلغت التحديات وغلت التضحيات.

تم نسخ الرابط