معالى زايد .. قصة الجميلة التى قهرها مشهد ساخن وقضية فاضحة
وجه عشقه المصورون وعانقته الكاميرات واستطاعت أن تخطف قلوب جمهورها بعفويتها حيث تميزت معالي زايد بملامحها السمراء المميزة وموهبتها في أن تترك بصمة فنية من خلال أدوارها التي مزجت فيها بين الخفة والعناد والجرأة أيضاً، ففي بعض الأدوار هي الأنثى الطاغية وفي البعض الآخر هي المرأة القوية المسيطرة.
ولدت معالي عبد الله أحمد المنياوي في 2 نوفمبر عام 1953، في حي السيدة زينب بالقاهرة من أسرة فنية، فوالدتها هي الممثلة آمال زايد التي قامت بدور أمينة في ثلاثية نجيب محفوظ، وخالتها الممثلة جمالات زايد التي شاركت إسماعيل ياسين عديد من افلامه وابن خالتها هو الفنان هاني شاكر نقيب الموسيقيين حاليا، وخالها السيناريست محسن زايد، أما والدها كان يعمل لواء في الجيش المصري. وتخرّجت معالي زايد من كلية التربية الفنية عام 1975، ثم التحقت بالمعهد العالي للسينما، وحصلت على درجة البكالوريوس. وقد نشأت على حب الفن خصوصاً الرسم، فكانت تهوى رسم البورتريه وكان أول بورتريه قامت برسمه لوالدتها قبل وفاتها في عام 1972، وهو الحدث الذي أثر على حياتها.
وكانت معالي زايد تمتلك مزرعة خاصة على طريق مصر الإسكندرية الصحراوي، تمكث بها إذا لم تكن مرتبطة بتصوير، خصوصاً أنها كانت تميل إلى العزلة ولا تهوى حضور الحفلات، حيث كانت تقضي أجمل أوقاتها في مزرعتها، وكانت تعشق تربية الحيوانات، وكانت تتحدث إلى الخيول والطيور التي تتواجد في مزرعتها وتوليهم رعاية خاصة، وتقرأ الكتب حيث كانت محبة لكتب محمد حسنين هيكل، ومن الروائيين إحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ.
بدأت معالي زايد مشوارها بعد أن اكتشفها المخرج الراحل نور الدمرداش، والذي قدمها عام 1976 في مسلسل “الليلة الموعودة” وتقاضت 75 جنيهاً كأول أجر لها، كما كانت دائماً ما تعترف بفضل هدى سلطان وكريمة مختار وسناء جميل عليها في بدايتها الفنية.
وقدّمت معالي زايد خلال مسيرتها 80 فيلماً سينمائياً و60 مسلسلاً و6 مسرحيات، منها مسلسل “عاصفة على بحر هادئ”، و”مسلسل الليلة الموعودة” عام 1987، والذي يعتبر الانطلاقة الحقيقية لها، و”وضاع العمر يا ولدي” و”الفارس الأخير” و”للزمن بقية” و “ولا من شاف ولا من دري” و”بين القصرين” و”قصر الشوق” و”انا الي جبته لنفسي” و”حضرة المتهم أبي” و”موجة حارة”.
ومن أعمالها السينمائية “وضاع العمر يا ولدي” و”درب الفنانين” و”انا الي قتلت الحنش” و”إمراه متمردة” و”الزوجة تعرف أكثر”، وشاركت مع أحمد زكي “البيضة والحجر” و”أبو الدهب” وكونت ثنائياً مع محمود عبد العزيز في “الشقة من حق الزوجة” و”السادة الرجال”، كما تألقت مع عادل إمام في مسلسله الشهير “دموع في عيون وقحة”، حيث قدمت شخصية زوجته التي فقدت بصرها. وأخيرا رفضت معالي زايد المشاركة في مسلسل “سجن النسا” للمخرجة كاملة أبو ذكري، وبررت الأمر بأنه لا يتناسب مع طبيعة المرحلة في مصر.
تزوجت معالي زايد مرتين، الأولى كانت من مهندس لكن تم الانفصال بعد ثلاث سنوات، لتتزوج بعدها من الطبيب الذي عالجها من آلام “الزائدة الدودية”، ونشأت بينهما علاقة حب وارتبطت به وتزوجته، ثم انفصلت عنه في عام 1992، لتقرر بعدها عدم الزواج مرة أخرى. وقالت في لقاء لها إنها ليست فأر تجارب للرجال، وحياتها سعيدة من دون رجل، وكانت تكفل طفلاً لعدم إنجابها أولاد.
وحصلت معالي زايد خلال مشوارها الفني على العديد من الجوائز، منها أفضل ممثلة في مهرجان القاهرة الحادي عشر للإذاعة والتلفزيون، وجائزة الإبداع في مسابقات الإذاعة، وأحسن ممثلة عن مسلسل “دموع في عيون وقحة”، وأفضل ممثلة عن فيلم “السادة الرجال” من جمعية الفيلم، وكرمت عام 2007 من مهرجان المركز الكاثوليكي للسينما المصرية، ويعتبر فيلمها “للحب قصة أخيرة” من ضمن أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية، بحسب استفتاء النقاد عام 1996.
بعد عرض فيلمها “أبو الدهب”، والذي شاركت في بطولته أمام أحمد زكي، تعرضت معالي زايد لأزمة وذلك بسبب المشاهد التي جمعتها بالممثل ممدوح وافي، وذلك على الرغم من الحصول على موافقة الرقابة والتي طالبت بتخفيف هذه المشاهد، وهو ما تم بالفعل ولكن بعد عرضه فوجئ مفتشو الرقابة بأن هناك بعض النسخ لم يتم تخفيفها، وقد تم رفع دعوى قضائية ضدها هي وممدوح وافي بالتحريض على الفسق والفجور ونشر الرذيلة، وهي عقوبة تصل إلى 3 سنوات سجن، ولكن بعد استئناف الحكم حصلا على البراءة، وتمت معاقبة منتج الفيلم بالحبس 3 أشهر مع إيقاف التنفيذ وتغريمه 5 آلاف جنيه، وكانت معالي زايد وقتها قد عاشت فترة اكتئاب وعلّقت على الأمر، قائلة: “أنا سمعتي كإنسانة وفنانة ضاعت.. أنا اتدبحت، كل الناس بتقول عليا متهمة في قضية آداب كإني متاخدة من شقة!..”، قبل أن توجه حديثها إلى شقيقتها التي قاطعتها جراء الحكم القضائي وخشيتها من رد فعل شقيقها المتواجد آنذاك في بريطانيا.
ومن المواقف التي جمعت بين معالي زايد وصديقتها الممثلة صفية العمري، هي عندما ضربت العمري أثناء تصويرها فيلم “أنا اللي قتلت الحنش” مع عادل إمام وسعيد صالح، وهو ما ذكرته صفية وقالت إن الكثيرين حذروها قبل التصوير بأن معالي زايد تأخذ الأمور بجدية، وبالفعل تلقت منها صفعة حقيقية.
وكانت في عام 2010 قد قامت ببلاغ ضد عايدة عبد العزيز وزوجها الممثل أحمد عبد الحليم لإتلاف مزرعتها، والتسبب في أضرار بعد ترك خرطوم المياه مفتوحاً، فأدى ذلك إلى إتلاف السور الذي يفصل الفيلا الخاصة بها، وقدرت الخسائر بحوالي 100 ألف جنيه مصري.
وفي لقاء نادر مع الإعلامية هالة سرحان ببرنامج “الليلة”، عام 1997، قالت الفنانة معالي زايد إن والدها كان ضابطًا بالجيش المصري برتبة “صاغ” (رائد حاليًا)، وحينما ولدت أرسل عسكري لتسجيلها في السجل المدني، قال له روح قول اسم المولودة (معالي)، فذهب العسكري للموظف قائلاً: “اسم المولودة معالي صاغ عبد الله المنياوي يا فندم”. وأضافت معالي: “أصبح اسمي في شهادة الميلاد معالي صاغ عبد الله المنياوي يا فندم”، لتقاطعها “سرحان” مازحة إياها: “معالي يا فندم”.
في اللقاء ذاته، تحدثت معالي عن حياتها الشخصية بشكل مفصل، وعن قصة زواجها، فقالت: “عشت لحظات سعيدة وتزوجت عندما رغبت في ذلك ومن أجل الحب، وقرار الانفصال اتخذته حينما أدركت أن الحياة أصبحت مستحيلة”. وعن دور الرجل في حياتها، قالت معالي زايد إنها ترى الرجل متكأً وسندا “وإلا لماذا يكون في حياتي رجلاً؟”.
وكانت معالي زايد حريصة على مواكبة التكنولوجيا، فكانت تتواصل مع جمهورها عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وكانت تبدي دائماً رأيها من خلالها، وهي من أكبر مؤيدي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ودعت المصريين بعد فوزه بانتخابات عام 2014 بمعاونته على مكافحة الإرهاب. وكان آخر ما كتبته قبل وفاتها “فخورة بيك يا جيش بلادي ربنا يحفظكم يا خير أجناد الأرض”.
أصيبت معالي زايد بسرطان الرئة، وكان المرض قد انتشر في جسدها حتى توفيت في العاشر من نوفمبر في عام 2014، وقد أوصت بإقامة معرض فني يجمع لوحاتها، وبالفعل قامت شقيقتها بتنفيذ وصيتها. وفي عام 2016 إفتتح معرض تشكيلي يضم 22 لوحة من لوحاتها. وحضر الافتتاح الفنانة وفاء عامر، والفنان أشرف زكى، رئيس نقابة المهن التمثيلية، وشقيقة الراحلة جى جى زايد، وبحضور عدد من الفنانات من جيلها ومن أجيال مختلفة، والتقط الحضور الصور التذكارية مع الصور المعروضة في المعرض. وأكد الدكتور خالد سرور، أن الفنانة معالي زايد ستظل أيقونة وموهبة استثنائية استطاعت أن تأسر بروحها الجميلة قلوب الجماهير.
وقد علقت سماح أنور على وفاة معالي زايد، وكتبت “مبروك لمعالي زايد”، ولكن بعد الهجوم عليها عادت لتوضح بأنها قصدت مبروك لأنها انتقلت لمكان أفضل بجوار الله، ولن تشعر بألم أو عدم تقدير.