قصة المعجزة الإلهية التى ابعدت «يوسف وهبي» عن تجسيد شخصية النبي محمد
هو إمبراطور المسرح العربى وأول من أسس بأسمه مدرسة خاصة يتعلم منها نجوم الكوميديا حتى الآن استطاع من خلالها تغير شكل المسرح والسينما فى مصر لعقود طويلة .. إنه يوسف وهبى الذى عانى كيراً فى مسيرته العملية للوصول إلى خشبة المسرح.
البداية كانت من خلال عمله مصارعا في «سيرك الحاج سليمان»، ثم ما لبس إلا أن سافر الى إيطاليا وهناك تتلمذ وتعلم التمثيل، وفي العام 1921 عاد إلى مصر وانضم على سبيل الهواية إلى فرقة حسن فايق وعزيز عيد الذى رشحه للعمل كممثل كوميدي.
رفض "يوسف وهبى" الاستمرار فى مصر وعاد مرة أخرى إلى إيطاليا ، ليسافر عزيز عيد ومختار عثمان خلفه من أجل إقناعه بالعودة إلى مصر وتمويل الفرقة المسرحية التي تعاني مشاكل مالية ضخمة، وبالفعل عاد إلى مصر ولكن هذه المرة كشريك في فرقة رمسيس المسرحية وأحد مؤسسيها.
في العام 1926 انتشرت أخبارا صحفية بعزم يوسف وهبي اقتحام عالم السينما بفيلم يجسد حياة النبي محمد وأن شركة سينماتوغراف الفرنسية جاءت إلى مصر، واتفقت مع عميد المسرح العربي على تمثيل فيلم النبي محمد، واشترطت أن ينتقل مع بعض أفراد فرقته إلى باريس.
وأن الفيلم من إنتاج تركي، وحضر المنتج إلى القاهرة وبصحبته المخرج توجو مزراحي، وبعد المقابلة أخذ وهبي يستعد لأداء دوره وصنع لنفسه صُوَرًا فوتوغرافية للشكل الذي سيظهر عليه في الفيلم، لتفتح عليه أبواب جهنم من كل حدب وصوب، وشُنَّت حملة شرسة ضده، وأرسل شيخ الأزهر خطابًا إلى وزارة الداخلية في اليوم التالي مباشرة يطالبها فيه بالتحقيق في الأمر ومنعه من القيام بالدور حتى لو اقتضى الأمر منعه من السفر بالقوة وإيداعه السجن، كما طالب أن تخاطب حكومة باريس بواسطة السفارة المصرية هناك لمصادرة هذه الرواية.
وزارة الداخلية استجابة لضغوط شيخ الأزهر واستدعت يوسف وهبي وحققت معه وأرسلت ردًّا للأزهر تقول فيه إن يوسف وهبي سيعتذر في الصحف عن قبوله هذا الدور تحت ضغط شعبي وتحت تهديد الملك فؤاد بسحب جنسيته المصرية منه، وبسبب هذه الأزمة تأخر دخول يوسف وهبي عالم السينما، وكانت هذه المحاولة سببًا في إصدار الأزهر لفتواه بتحريم تجسيد الأنبياء والصحابة.
ويقول الناقد سمير فريد في كتابه “تاريخ الرقابة على السينما فى مصر” أن مجلة المسرح كانت محرضا كبيرا على محاولة تجسيد وهبي لشخصية النبي محمد وكانت رسالته للرد في جريدة الأهرام دفاعية عن نفسه: ليثق سيدى الغيور أننى أول من يعمل على رفعة شأن ديننا الحنيف، ولكن رجائى إليه ألا يصغى لأقوال الإفك وترهات قوم عرفوا بالخديعة والملق.
وفي رسالة أخرى إلى السادة العلماء وجميع الشعب الإسلامى تساءل يوسف وهبي: هل أقوم بهذا الدور أم أرفضه؟ مع إحاطتكم علمًا أننى إذا رفضت فسيقوم بهذ الدور ممثل أجنبي وشركة أجنبية لا يهمها من أمر ديننا شيئًا، وإذا تذرعتم بالقول إن أمثال هذه الشرائط ممكن منعها من الدخول إلى البلاد الإسلامية فلا أظنكم تستطيعون منعها فى البلاد الأجنبية، وهذه تكون الطامة، أن ندع القوم يعبثون بنا ويمسخون حقيقتنا، أم نكون نحن أول من يمثل عظمة ديننا الحنيف ونبرهن للعالم الأوروبي أنّا أرقى دين، وأن محمدًا زعيم المرسلين.
وفي النهاية اعتذر يوسف وهبي عن تجسيد الدور ونشر بيانا قال فيه: بناء على قرار أصحاب الفضيلة العلماء، واحترامًا لرأيهم السديد، أعلن أنني عدلت عن تمثيل الدور وسأخطر الشركة بعزمي هذا.