أصدرها شيخ الأزهر.. قصة الفتوى التي مهدت لفاروق حكم مصر
شهد التاريخ في مختلف حقباته ومراحله، استخدام الفتاوى الدينية لأغراض سياسية، وهذا ما حدث سنة 1937، عندما أصدر شيخ الأزهر مصطفى المراغي فتوى مهدت للملك فاروق تولي حكم مصر.
تعود تفاصيل القصة إلى 8 مايو عام 1936، عندما عُقد مجلسا النواب والشيوخ للتصديق على ولاية الملك فاروق عرش مصر، خلفا لأبيه الراحل الملك أحمد فؤاد، وكان عمره وقتئذ 16 عاما وبضعة شهور.
ولأن السن القانونية للحكم هي 18 عاما، فإن فاروق كان قاصرا، فتقرر أن يتولى سلطات الملك مجلس وصاية مكون من الأمير محمد علي ولي العهد، وعزيز عزت باشا سفير مصر السابق في لندن وأحد أصهار الأسرة المالكة، وشريف صبري باشا خال الملك.
دار الحديث حول أفضل ما يقوم به الملك حتى يبلغ سن الرشد، وفي ذلك يقول الكاتب الصحفي محمد عودة في كتابه "فاروق بداية ونهاية"، "رأى حزب الوفد أن يعود فاروق إلى بريطانيا ليستكمل دراسته وأن يؤهل نفسه للمسؤولية، وأيده الندوب السامي البريطاني، لكن الملكة نازلي أم الملك فاروق اعترضت وأقنعت رئيس الوزراء مصطفى النحاس بذلك، فماتت الفكرة.
لم تهدأ نازلي ومعها شقيقها شريف صبري، حيث سعيا لاختصار فترة الوصاية لكي يتولى فاروق حكمه متفردا وشرعيا، وحجتهما في ذلك أن رئيس مجلس الوصاية الأمير محمد علي عميل خسيس للبريطانيين، فطلبت من شيخ الأزهر الشيخ محمد مصطفى المراغي، فتوى بمشروعية حساب عمر ابنها هجريا.
استجاب "المراغي" وأصدر فتواه التي نصت على "عمر الملك المسلم إنما يحسب بالسنين الهجرية، وإنه بهذا الحساب فإن جلالة الملك المعظم فاروق حفظه الله بلغ سن الرشد في يوليو 1937"، واختصرت هذه الفتوى ما يقرب من سبعة أشهر من عمره والذي من المفترض أن يتولى به حكم مصر دستوريا وهو 19 عاما.
وفي كتابها "فاروق الأول وعرش مصر"، تقول لطيفة سالم، إن هذه الفتوى جاءت استنادا إلى الأمر الملكي الصادر في 12 أبريل 1922، وينص على أن الملك يبلغ سن الرسد إذا اكتمل له من العمر ثماني عشرة سنة هلالية.
وأصبح فاروق بالتقويم الهجري ملكا دستوريا وجرى الاستعداد لتتويجه في احتفال كبير في 29 يوليو 1937، وتم التخطيط له أن يتم كاحتفال ديني يتمثل في "دعوة الأمراء وكبار العلماء والشيوخ والقضاة، ويقف شيخ الأزهر بين يدي الملك، ويدعو له ويتلو صيغة معينة، ويجيب الملك عن كل سؤال فيها، ويقسم باليمين بالولاء لشعبه، ثم يقدم شيخ الأزهر سيف محمد علي".