معلومات لا تعرفها عن الأمين الذي أنصفه الملك فاروق وظلمه الزعيم عبد الناصر
الأمين محمد عبدالله، ماركة مسجلة فى البوليس المصرى، استطاع بيقظته أن يحفر اسمه فى سجلات أبطال الشرطة، فهو صاحب جذور صعيدية، ولد في عام 1912، ألقى القبض على قاتلى الوزير المفوض للحكومة البريطانية فى مصر، وظل يراوده حلم التمثيل وهوس الكاميرات إلى أن كرمه الملك فؤاد، وعزلته الثورة من عمله بالشرطة، وبين عشية وضحاها طرق باب منزله فخرج ليجد الحظ الذى فتح له تجسيد بطولته الشرطية وتخليدها فى السينما المصرية أمام رشدى أباظة .. لم يصدق الرجل وقتها، وانتابته حالة من الضحك وظل يضرب كفا على كف، فهو كان يتمنى الالتحاق بمجال الفن وليس الوقوف مرة واحدة أمام رشدى أباظة، وكما كان فى عمله البوليسى يتمتع باليقظة واللباقة فاجئ مشاركيه فى العمل الفنى بأنهم أمام موهبة فنية خسرتها السينما المصرية سنوات وسنوات، وانطلق فى العمل الفنى حيث أدى الكثير من الأدوار.
عبدالله، كان يعمل كاكومستابل في البوليس المصري، وتمكن من إلقاء القبض على كل من إلياهو الحكيم، ورفيقة إلياهو بيت زوري، المتهمين بقتل الوزير المفوض للحكومة البريطانية في مصر، اللورد موين، في عام 1944، حيث قادته الأقدار صدفة اثناء عبوره من الشارع مستقلا دراجته البخارية ليتابع جريمة القتل عن قرب وكان شاهدا عيانا على الجريمة، لا يعرف من القاتل أو من المقتول لكنه طاردهم باستماتة حتي تمكن من ضبطهما وكانت المفاجأة عندما اكتشف أن القتلة هم الذراع الإرهابي للعصابات الصهيونية التي عزمت الأمر علي قتل ونستون تشرشل و غيره من قادة الأحزاب البريطانية والقادة البارزين الذين لاحظوا كونهم يماطلون في إقامة وطن لليهود، ليكون أنظار للحكومة البريطانية ولكن بطيش الشباب واندفاعهم غير المتوقع العواقب علي حسب وصف المكتب الخامس للحكومة البريطانية.
بعد صراع مع القتلة نجح عبدالله، فى ضبطهما، وقدمهما للعدالة الأمر الذي حفظ ماء وجه مصر والحكومة بتقديم الجناة ومعرفة دوافعهم وإنقاذ بقية القادة داخل مصر وخارجها من خطر محدق بهم علي حد وصف الصحف العالمية للحادثة وقتها .. ومنذ هذه اللحظة تحول الأمين محمد عبدالله إلي بطل شعبي، احتفلت به الجموع و كان ينادي بالبطل في حارته و بين رفاقه حتي أصدر الملك فاروق قرارا بترقيته إلي رتبه الملازم لشجاعته وبسالته ولقبه بالرجل الذي أنقذ سمعة مصر وهيبتها من مخاطر الفتن والدسائس.
وعاش الأمين محمد عبدالله عدة سنوات في حفاوة دائمة بفعلته وبرتبة أعلي مما كان يتوقع وحتى أتت حركة يوليو أو ما عرف بتنظيم الضباط الأحرار للإطاحة بالملك فاروق فى عام1952، وهو الأمر الذي كان له واقع سئ في نفس الأمين الذي كان يحب الملك فاروق باعتباره الرجل الذي غير مسار حياته كلها وهو الأمر الذي أدركه جمال عبدالناصر الرئيس المصري الثاني ووزير الداخلية في عهد مجلس الوصاية و فترة حكم الرئيس محمد نجيب ليكون قراره بعزل الأمين محمد عبدالله وإحالته للتقاعد، حتي قبل بلوغه عامة الثاني و الأربعين، ولم يتخيل عبدالله نفسه أن قرار الإحالة كان يحمل له المزيد من الخير والانفتاح على عالم الفن، فكانت المفاجأة فى عام 1966 حيث فوجئ بالمخرج حسام الدين مصطفى، والذى يعرض عليه المشاركة فى تصوير فيلم جريمة في الحي الهادى، وبه حادثة اغتيال اللورد موين التى شهدتها البلاد فى 1944، ووقتها ذهب المخرج حسام الدين برفقة الفنان رشدي أباظة إلي بيت الأمين محمد عبدالله ليعرضا عليه تأدية دوره الحقيقي في القصة التي وقعت في الأربعينات و علي الفور وافق الأمين ليدخل إلي دولاب ملابسه و يحضر زيه العسكري في شبابه ليؤدي الدور كما كان بالضبط لم يعرف المشاهدين للفيلم وقتها أن الرجل الذي يؤدي دور الشرطي هو نفسه صاحب الدور في الحقيقة حتي تحدثت الصحف عن الفيلم في نفس الوقت.
والغريب أنه لم تظهر أي علامات العجز علي مؤدي الشخصية فقد كان وقتها الأمين محمد عبدالله قد بلغ السابعة والخمسون عام من عمره وكان مازال يتمتع بلياقة تأهله للعب دوره وهوا شاب وهوا ما جعل مخرج العمل يتمسك به لتأديه دوره، وعاش الأمين محمد عبدالله في سكون وراحة بال حتي وافته المنية في عام 2002 عن عمر ناهز 86 عاما.