ألقوا رسولهم في البئر .. من هم أصحاب الرس؟

البئر
البئر

يقول الله تعالى:(وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا) الفرقان- 38
أطلق على أصحاب الرس هذا الاسم لأنهم رسوا نبيهم في الأرض، أي دفنوه فيها، وقال المفسرون: إن الرس هو اسم بئر عظيمة أو هي البئر التي لم تطو بالحجارة.


موقعها الجغرافي

قيل: إن أصحاب الرس كانوا في حضرموت باليمن، وكانت مدينتهم تسمى الرس، وكانت ذات أشجار وثمار وقرى عامرة، وقد عبد جزء من سكانها الأصنام، وجزء آخر عبد النار، وقيل: إن الرس بئر قرب اليمامة تسمى "فلجا" وأن أصحاب الرس بقية ثمود، ولكن أغلب الآراء تقول إن الرس هي بلدة "ليلى" الواقعة على بعد 300 كم إلى الجنوب من الرياض، وكان أصحاب الرس يعبدون شجرة صنوبر، فدعا عليها نبيهم فيبست، فقتلوه وألقوه في بئر، فأظلتهم سحابة سوداء أحرقتهم، والرس في كلام العرب كل محفور مثل البئر والقبر ونحو ذلك .
وقال تعالي "كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود" (سورة ق الآية 12)


فتنة الشيطان

وأصحاب الرس ..قوم أتاهم الله من فضله، وأفاض عليهم من الخير ما لم يكن في غيرهم، كانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطئ نهر يقال له الرس من بلاد المشرق، وبهم سمي النهر، ولم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر ولا أعذب منه ولا قرى أكثر ولا أعمر منها، وقيل إنهم اتخذوا من شجرة صنوبر إلهاً وكان الشيطان يحركها تحريكاً شديداً ويتكلم من جوفها كلاماً جهورياً ويعدهم ويمنيهم بأشياء كثيرة، ففرحوا بضلالهم وأسرفوا في ظلمهم، حتى جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيداً، فلما طال كفرهم بالله عز وجل وعبادتهم غيره، بعث الله نبيا من بني إسرائيل من ولد يهوذا بن يعقوب، فلبث فيهم زماناً طويلاً يدعوهم إلى عبادة الله عز وجل .


النبي في البئر

عندما بعث الله تبارك وتعالى نبياً إلى أهل الرس لم يؤمن من أهلها إلا رجل أسود، واعتدوا على نبيهم وكذبوه وآذوه ووصل بهم الطغيان إلى أن ألقوه في البئر، ووضعوا عليه صخرة ضخمة، وكان ذلك العبد كما ذكرت كتب التفسير يذهب فيحتطب على ظهره، ثم يأتي بحطبه فيبيعه، فيشتري به طعاماً وشراباً، ثم يأتي إلى البئر، فيرفع تلك الصخرة، فيعينه الله عليها، فيدلي إليه طعامه وشرابه، ثم يعيدها كما كانت، وظل هكذا إلى ما شاء الله أن يكون، ثم ذهب يوما يحتطب، كما كان يصنع، فجمع حطبه، وحزم حزمته وفرغ منها، فلما أراد أن يحملها أخذه النوم فاضطجع فنام، فضرب الله على أذنه سبع سنين نائماً، ثم قام من نومه فتمطى، وتحول لشقه الآخر فاضطجع، فضرب الله على أذنه سبع سنين أخرى، ثم قام من نومه فاحتمل حزمته، وهو يظن أنه نام ساعة من نهار، فجاء إلى القرية فباع حزمته، ثم اشترى طعاما وشرابا كما كان يفعل، وذهب إلى البئر في موضعها الذي كانت فيه فالتمسه فلم يجد النبي حيث كان قومه قد أخرجوه، وآمنوا به وصدقوه، فكان نبيهم يسألهم عن ذلك الأسود ما فعل؟ فيقولون: ما ندري، حتى قبض الله النبي، فأقام الله الأسود من نومته بعد ذلك، وفى هذه القصة كما رواها الطبرى في تفسيره لهذه الآية أراء منها أنهم آمنوا بنبيهم واستخرجوه من حفرته، وبالتالي ينبغي ألا يكونوا المعنيين بقوله تعالى: "وأصحاب الرس"، لأن الله أخبر عن أصحاب الرس أنه دمرهم تدميراً، إلا أن يكونوا دمروا بأحداث أحدثوها بعد نبيهم الذي استخرجوه من الحفرة وآمنوا به .


شذوذ النساء

وكان للقرطبي رأي أورده في تفسيره وهو أن أصحاب الرس هم أول من مارست نساؤهم الشذوذ، وأنهم كانوا يستحسنون لنسائهم ذلك، وورد في أكثر كتب التفسير أن أصحاب الرس بعد أن دفنوا نبيهم، أهلكهم الله تعالى، وبقيت منازلهم مئتي عام لا يسكنها أحد، ثم أتى أناس بعد ذلك فنزلوها، وكانوا صالحين، ثم ارتكبوا الفواحش فسلط الله عليهم صاعقة في أول الليل وخسفاً في آخره، وخسفاً مع الشمس، فلم يبق منهم أحد وبادت مساكنهم .


رواية أخرى

وفي كتاب البداية والنهاية لابن كثير ذكر أن أصحاب الرس كانت لهم بئر ترويهم وتكفي أرضهم جميعها وكان لهم ملك عادل حسن السيرة، فلما مات حزنوا عليه حزناً شديداً، وما هي إلا أيام وتصور لهم الشيطان في صورته وقال لهم إني لم أمت، ولكن تغيبت عنكم حتى أرى صنيعكم، ففرحوا أشد الفرح وأمر بضرب حجاب بينهم وبينه وأخبرهم أنه لا يموت أبداً، فصدقه أكثرهم وعبدوه، فبعث الله فيهم نبياً وأخبرهم أن هذا شيطان يخاطبهم من وراء حجاب ونهاهم عن عبادته وأمرهم بعبادة الله وحده لا شريك له .

تم نسخ الرابط