”فاروق” حجر عليها.. قصة تحول الملكة نازلي وابنتيها إلى المسيحية

نازلي مع ابنتيها
نازلي مع ابنتيها

منعطفات حياتية مرت بها الملكة نازلي زوجة الملك أحمد فؤاد ووالدة الملك فاروق، لكن أكثرها دراماتيكية تمثل في تحولها مع بنتيها من الإسلام إلى المسيحية، التي ظلت تعتنقها حتى توفيت في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1978، حيث أجريت لها مراسم الدفن على الطريقة المسيحية في كنيسة بلوس أنجلوس ودفنت في كاليفورنيا.

يروي الكاتب الراحل صلاح عيسى فى كتابه "البرنسيسة والأفندى"، أن "نازلى" اعتنقت المسيحية عام 1958، أي بعد 8 سنوات من سفرها لأمريكا، وبررت ذلك بأنها نجت من موت محقق على أثر العمليات الجراحية المتكررة التى أجريت لها فى أحد المستشفيات الكاثوليكية.

وذكرت "نازلي" أنها نذرت قبل إجراء إحدى هذه العمليات أن تعتنق "الكاثوليكية" إذا أمد الله لها فى عمرها ونجت من الموت، ولهذا رأت أن تفى بنذرها، وأن تعود إلى دين ومذهب جدها الكولونيل "أونتلم أوكتاف سيف"، والذي كان ضابطاً فرنسياً جاء مع الحملة الفرنسية إلى مصر، لكنه تخلف عن العودة، وأشهر إسلامه وأصبح قائدًا ومدرباً للجيش المصرى حتى عصر محمد سعيد باشا.

نازلي وابنتيها

زواج فتحية من مسيحي

لم ترتد "نازلى" وحدها عن الإسلام لتعتنق "المسيحية" وإنما فعلت ذلك ابنتها "فتحية" التى غادرت مصر معها عام 1946، وتزوجت فى عام 1950 من شخص يدعى رياض غالى المسيحى، وقيل وقتها إنه أشهر إسلامه.

كان "رياض" شابا مسيحيا يعمل فى وزارة الخارجية المصرية، وتعرفت عليه الملكة الأم "نازلى" أثناء زيارتها وابنتيها الأميرتين "فائقة" و"فتحية" إلى فرنسا ضمن رحلتها الأوروبية فى صيف عام 1946، ثم اصطحبته معها من فرنسا إلى أمريكا.

نمت علاقة حب بين "رياض" وبين "فتحية" رغم فرق العمر بينهما، فهو مواليد 1919، وهى مواليد 1930، والأهم فرق الديانة فهو مسيحى، وهى مسلمة، ومن ثم أثار الإعلان عن هذا الزواج ضجة هائلة، وانشغلت به المؤسسات الدينية والأحزاب والصحف والملك والحكومة.

زواج فتحية من رياض

حجر على الملكة

وتذكر لطيفة سالم فى كتابها "فاروق وسقوط الملكية فى مصر"، أن مجلس البلاط الملكي عُقد في 16 مايو 1950، للنظر فى القضية، وناقش طلب الملك بتوقيع الحجر على الملكة الأم.

وبحسب "الزيات"، قدم فاروق مذكرة للمجلس هاجم فيها أمه، وبين أنها تنفق نصف مليون جنيه، ونقل تصريحها بشأن عدم مبالاتها بما ينشأ عن هذا الزواج من نتائج وعواقب مهما يكن نوعها، وأن رياض غالى يبتز أموالها، وقدم للمجلس أيضا التحريات التى قامت بها السفارة المصرية فى أمريكا فيما يتعلق بشخصية الزوج المنتظر، والكيفية التى تعرف بها على الملكة والأميرتين منذ عام 1946.

وبناء على ذلك، أصدر مجلس البلاط الملكي قراراته وتضمنت حرمان الأميرة فتحية من لقب الأميرة، وشطب اسمها من كشف أسماء الأميرات، والتفريق بينها وبين رياض غالى أفندى، ووضعها تحت يد جلالة الملك فاروق، ومنع الملكة نازلى من التصرف فى أموالها، ووقف وصايتها على فتحية.

كما قرر المجلس تعيين محمد نجيب سالم باشا، ناظر خاصة الملك، مديرا مؤقتا على جميع أموال الملكة نازلى إلى أن يفصل فى الحجر.

نازلي وفتحية ورياض

ويذكر صلاح عيسى، أن سكرتارية مجلس البلاط، خاطبت وزارة الخارجية بأن تعلن الثلاثة "نازلى وابنتاها فائقة وفتحية" بالحضور أمام جلسة مجلس البلاط المنعقدة فى 31 يوليو 1950 للاستماع إلى أقوالهن، وتسلم مدير الفندق الذى تقيم فيه نازلى بأمريكا الإعلان، لكن نازلى أعلنت رفضها الحضور والعودة إلى القاهرة إلا إذا عاد المجلس عن قراراته، ولم تكتف بذلك بل أقدمت على إتمام زواج فتحية ورياض على يد شيخ باكستانى فى أمريكا يوم 25 مايو.

وفى يوم 31 يوليو 1950 انعقد مجلس البلاط للمرة الثانية وبعد مباحثات طويلة بين أعضائه قرر الحكم ببطلان عقد زواج فتحية هانم فؤاد من رياض غالى والتفريق بينهما، نظرا لأن الزواج غير كفء، لأن الزوجة مسلمة عريقة فى الإسلام، أما الزوج فمسلم بنفسه فقط، ولا أصل له فى الإسلام، وذلك يضاف إلى التفاوت الكبير بين الزوجين من الناحية الاجتماعية والنشأة والنسب، فإن العقد يكون باطلا بالضرورة، لأنه يقوم على أساس باطل من الدين، وما يبنى على الباطل فهو باطل لا ينشئ حقا ولا يترتب عليه أثر من الآثار.

كما قرر المجلس توقيع الحجر على الملكة نازلى، وتعيين محمد نجيب سالم باشا، كونه ناظر خاصة جلالة الملك، قيما عليها، ونزع وصياتها عن كريمته فتحية، وتعيين محمد نجيب سالم باشا وصيا عليها.

وقرر أيضاً التصادق على زواج الأميرة فائقة من فؤاد صادق بك، وتسجيله فى سجلات المجلس.

ولم يكتف الملك بهذه الإجراءات بل أقدم على إجراءات أخرى أهمها تجريد أمه من اللقب الملكى الذى كانت تحمله، ومن الحقوق التى تتعلق به.

مجوهرات فائقة

أما الابنة الثانية التي أعلنت اعتناقها للمسيحية فهي "فائقة"، وكانت قصتها مليئة بالأحدث المثيرة، فحسب كتاب "سقوط نظام" للكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، نجحت فائزة فى تهريب مجوهراتها عن طريق الحقيبة الدبلوماسية للملحق العسكرى التركى الكولونيل "محمد نور الدين"، لكن الضابط الذى قام بالتهريب لم يسلم المجوهرات إلى الأميرة فى باريس كما كان متفقا عليه، ووجدت الأميرة نفسها مفلسة فى العاصمة الفرنسية، فأكملت رحلتها إلى كاليفورنيا تشارك والدتها حياتها، وكذلك تدخل معها فى عقيدتها الدينية الجديدة (المسيحية الكاثوليكية).

على كلٍ، عاش الثلاثة فى أمريكا "مسيحيات كاثوليكيات"، ويرجح صلاح عيسى، أن "نازلى" هى صاحبة فكرة التحول إلى المسيحية، إذ كانت منذ بداية شبابها تؤمن بالسحر والتنجيم وقراءة الفنجان وضرب الرمل واستكشاف الطالع.

واللافت هنا هو ما ذكرته "نازلي" دفاعا عن تزويجها لابنتها الأميرة "فتحية " المسلمة، إلى رياض غالى المسيحى الذى قيل إنه أشهر إسلامه، حيث علقت فى حديث لصحيفة أخبار اليوم: "فتحية بزواجها من رياض غالى تكسب ثواب الذى كسب لدينه مؤمنا جديدا"، وهذا التبرير الدينى تناسته بعد ذلك باعتناقها المسيحية.

عاشت "نازلى" فى أمريكا حياة بائسة حتى رحيلها، ففى عام 1973 أعلن البنك الفيدرالى الأمريكى عن إفلاسها وجدولة ديونها وبيع ممتلكاتها بالمزاد العلنى، وسكنت فى شقة متواضعة فى حى فقير اسمه "وست وود" فى لوس أنجلوس.

تم نسخ الرابط