هل يجوز زيارة المقامات وقبور الصالحين للدعاء عندها؟
لا يجوز السفر إلى غير المساجد الثلاثة -المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى- إذا كان ذلك بقصد العبادة والصلاة فيها والاعتكاف، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: لا تُشَدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى. متفق عليه.
ولا يشرع السفر إلى ما يسمى بمقامات الأولياء، ولا يشرع الدعاء عندها، وقد كان السلف الصالح ينهون عن الدعاء عند القبور، فقد رأى علي بن الحسين -رضي الله عنهما- رجلًا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فيدخل فيها فيدعو, فنهاه فقال: ألا أحدثكم حديثًا سمعته من أبي, عن جدي عن رسول لله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: لا تتخذوا قبري عيدًا، ولا بيتوكم قبورًا، فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم. رواه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" وصححه الألباني.
وقد عد العلماء قصد زيارة قبور الصالحين للصلاة عندها، أو الدعاء، عدوها من الزيارات البدعية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فَالزِّيَارَةُ الْبِدْعِيَّةُ مِثْلُ قَصْدِ قَبْرِ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لِلصَّلَاةِ عِنْدَهُ، أَوْ الدُّعَاءِ عِنْدَهُ، أَوْ بِهِ، أَوْ طَلَبِ الْحَوَائِجِ مِنْهُ، أَوْ مِن اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ قَبْرِهِ، أَوْ الِاسْتِغَاثَةِ بِهِ، أَوْ الْإقْسَامِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ هُوَ مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْهَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَا التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَلَا سَنَّ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، بَلْ قَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ الْكِبَارُ. اهـ.
فاحذر أخي السائل مصاحبة ومصادقة أهل البدع؛ فإنهم ربما أفسدوا عليك دينك، ولم يزيدوك إلا بعدا مموة ن الله تعالى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ. اهـ. رواه أحمد و أبو داوود والترمذي، وانظر الفتوى: 194759.
والله تعالى أعلم.