إيلي كوهين.. قصة جاسوس ارتبط بصداقة مع رئيس سوريا واكتشفته المخابرات المصرية
شهد عقدا الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي اشتداد حرب الجواسيس بين العرب وإسرائيل، لكن قصة الجاسوس اليهودي إيلي كوهين كانت أكثر إثارة، فالرجل اقترب من صُناع القرار في سوريا، بل وصل إلى رأس السلطة، وعرف تفاصيل سياسية وعسكرية مهمة إلى أن اُكتشف أمره على يد المخابرات المصرية، وأُعدم سنة 1956.
يروي الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل قصة هذا الجاسوس في كتابه "سنوات الانفجار"، قائلًا، إن إيلى كوهين كان ابنا لأبوين هاجرا من حلب إلى مصر، ودرس فى مدرسة الليسيه الفرنسية، وتعلم الفرنسية والعبرية، واقترب من النشاط الصهيونى السياسى فى مصر التى غادرها نهائيا بتأشيرة "سفر بلا عودة" فى ديسمبر 1956، فى أعقاب العدوان الثلاثى على مصر، وصل إلى نابولى بإيطاليا، ومنها إلى "حيفا" فى فلسطين المحتلة، وفيها التقطه جهاز الموساد، وأعد خطة لزرعه فى سوريا، وتم تأهيله لكى يصبح مليونيرا مغتربا من أصل سورى على أن يعود إلى وطنه.
سافر إلى الأرجنتين بجواز سفر سورى وباسم "كامل أمين ثابت"، وهناك اندمج فى الجاليتين السورية واللبنانية، وأصبحت له شركة ملاحة وحسابات متعددة فى بنوك سويسرا والأرجنتين، وتكونت صداقة بينه وبين العقيد أمين حافظ الملحق العسكرى لسوريا فى الأرجنتين، والذى أصبح فيما بعد رئيسا لسوريا على أثر انقلاب عسكرى، وبعد أن تولى الرئاسة جاءه من الأرجنتين ليهنئه، وعرض "الحافظ" عليه أن يعود إلى سوريا ليستثمر فيها، ونصحه "الموساد" أن يبدى تردده قبل موافقته، وخلال فترة تردده كان يزور سوريا بانتظام.
عبر علاقته بـ"أمين الحافظ" كانت كل الأبواب المغلقة تفتح له، وزار مع الرئيس السورى الجبهة الأمامية، وقصة الكشف عنه، تتلخص في أن المخابرات المصرية وصلتها صور لزيارة أمين الحافظ إلى الجبهة، ولفت نظر ضابط مخابرات وجه شخص غريب فيها، وتم البحث عن حقيقته حتى توصل ضابط مخابرات فى مجال مكافحة الصهيونية إلى أنه "إيلى كوهين" الذى كان مراقبا فى مصر قبل خروجه منها.
وعلى الفور سافر ضابط مخابرات مصرى رفيع إلى دمشق، ومعه ملف كامل بالموضوع، وعرض القصة كلها على العميد أحمد سويدانى قائد الأمن الداخلى بسوريا، ليتم القبض على الجاسوس والحكم عليه بالإعدام علنا فى ساحة "المرجة" بدمشق، وظلت جثته متدلية من الفجر حتى العاشرة صباحا.