جنودنا غلمانك وتحت أوامرك .. عندما تذللت الحبشة لكسب ود الدولة المصرية
أسهمت مصر وكنيستها في نشر المسيحية داخل الإمبراطورية الحبشية، وظلت تبعية الكنيسة الحبشية لبطريكية الإسكندرية حتى عام 1959، حيث كانت عبارة عن مطرانية وحين يموت المطران يقوم وفد كنسي حبشي بالسفر إلى مصر محملاً بالهدايا والأموال لبطرك الإسكندرية وحاكم مصر ويطلب الوفد ترسيم مطران جديد.
ومع قيام دولة المماليك في مصر تزامن حدوث نزاع سياسي على العرش الحبشي بين عائلة سالمون وعائلة زاجوي وانتصر بيت سالمون وتم اختيار يقونو أملاق ملكًا على الحبشة بينما تم تعيين أحد أفراد عائلة زاجوي حاكمًا لمقاطعة لاستا.
وكان يقونو أملاق أحد المعجبين بالظاهر بيبرس ويحكي المقريزي في الجزء الأول من كتابه “السلوك” أن يقونو أرسل رسالة للظاهر بيبرس سنة 1273 يطلب أن يجهز له مطران من عند بابا الإسكندرية.
الدكتور سعيد عاشور في كتابه عن الظاهر بيبرس، يعقب على هذه الرسالة قائلاً «يفهم من رسالة إمبراطور الحبشة أن السلطان الظاهر بيبرس كان قد أرسل سفارة مصرية إلى الحبشة تضم وفدًا من الكنيسة لرسم المطران الجديد لكن هذه السفارة لم تتمكن من إنجاز مهمتها فتأخرت في عودتها بسبب الحروب الأهلية داخل الحبشة فقام الإمبراطور الحبشي بالاعتذار لسلطان مصر الظاهر بيبرس، وتشير كل القرائن إلى تخوف ملك الحبشة من بيبرس بدليل أنه لم يبعث برسالته للسلطان مباشرة وإنما أرسلها عبر الملك المشفع حاكم اليمن».
قرر بيبرس إهانة الإمبراطور الحبشي فلم يرد عليه واضطرت يوقونو أملاق لاستيراد مطران شامي بدلاً من أن يكون مصريًا مما أثار حفيظة بيبرس أكثر فقرر الامبراطور الحبشي الاعتذار رسميًا وجاء اعتذاره في الجزء 28 من كتاب «نهاية الإرب» للنويري الذى جاء فيه " إهانة السفارة المصرية جعل بيبرس غاضبًا فقام إمبراطور الحبشة بالتذلل له قائلاً : جنود الحبشة كلهم غلمانك وتحت أوامرك وهذا الخلق كلهم يقولون آمين بطول بقاء عمر سلطاننا مالك مصر ويهلك الله عدوه".