هل قرض البنك لشراء عقار حلال أم حرام؟
في رده علي سؤال بخصوص فتوي بشأن قرض من البنك للتمويل العقاري قال الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام:
يقول الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275].
والصورتان وهُما: البيع، والربا وإن كانتا تتفقان في الزيادة عند السَّدَاد عن السعر النقديِّ، إلَّا أنَّ الله تعالى أَحَلَّ الصورةَ الأولى وحَرَّم الثانية؛ حيث بَيَّن الحُكمَ في سياقٍ يُشْعِر باتِّحاد الصورتين في النتيجة، إلا أن الفرق بينهما توسط السلعة في البيع دون الربا؛ ولذلك فإذا توسطت السلعة فلا ربا؛ لأنَّ توسيط السلعة يُخرِجُ المعامَلة مِن نِطاق القرض الرِّبَوِيِّ المُحَرَّم إلى المُرَابَحَةِ المشروعة.
ويجب التنبيه على أن ما يسمى بالقروض التي تُعطَى من البنوك وغيرها من الهيئات العامة على ثلاثة أنواع:
الأول: ما يتم صرفه مالًا في مقابلة مالٍ، مِن غير نظرٍ إلى توسطِ سلعةٍ أو استثمارٍ، بل غاية المعاملة أن يأخذ العميل مالًا ليرده بأزيد مما أخذه، وهذا النوع حرامٌ؛ لأنه يدخل تحت قاعدة: " كل قرضٍ جرَّ نفعًا فهو ربًا"، ولا يحل أخذه إلَّا عند الضرورة أو الحاجة التي تنزل منزلتها؛ قال تعالى: ﴿فَمَنِ اضطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: 173].
الثاني: ما يكون البنك فيه وسيطًا في شراء سلعةٍ أو عقارٍ ما؛ بحيث يشتريها هو بثمنٍ ويبيعها للعميل مقسطةً بثمنٍ أكبر، أو يُمَوِّل شراءها، وهذا نوعٌ من البيع بالتقسيط، وهو جائزٌ شرعًا؛ للقاعدة المقررة: "إذا توسطت السلعة فلا ربا".
الثالث: عقود التمويل الاستثمارية بين البنوك والهيئات العامة وبين الأفراد والمؤسسات، والتي يتقرر الصرف فيها بناءً على دراسات الجدوى للمشاريع والاستثمارات المختلفة، وهذه في الحقيقة عقودٌ جديدةٌ تحقق مصالح أطرافها، والذي عليه الفتوى أنه يجوز إحداث عقودٍ جديدةٍ مِن غير المسمَّاة في الفقه الموروث ما دامت خاليةً من الغرر والضرر، محققةً لمصالح أطرافها، كما رجَّحَه ابن تيمية وغيره. ويجب عدم تسمية النوعين الأخيرين بالقروض؛ لأن ذلك يسبب لَبسًا مع قاعدة "كل قرض جَرّ نفعًا فهو ربا".
وبناءً على ذلك: فإذا كان القرض شخصيًّا لا علاقة للبنك فيه بشراء العقار فإنه لا يجوز شرعًا إلا عند الضرورة أو الحاجة التي تنزل منزلتها، وإذا كان قرضًا عقاريًّا يموِّل فيه البنكُ شراءَ العقار فهو جائزٌ شرعًا، ويجب حينئذٍ عدم تسميته بالقرض؛ لأن ذلك يسبب لَبسًا مع قاعدة "كل قرض جَرَّ نفعًا فهو ربا".
والله سبحانه وتعالى أعلم.