يوسف صديق.. ابن ”زاوية المصلوب” الذي أنقذ ثورة يوليو من الفشل

يوسف صديق
يوسف صديق

لم يدر بخلد يوسف صديق يوماً ما أنه سيكون سبباً في نجاح ثورة يوليو وعدم القبض على ضباطها الأحرار، عندما اتخذ قراراً شجاعاً بالتحرك واقتحام مقر القوات المسلحة لينقذ الثورة من الفشل.

يحكى يوسف صديق البطل التاريخى فى قصة ثورة 23 يوليو 1952، أنه كان طالبا صغيرا فى بداية المرحلة الثانوية، وكان يعيش فى القاهرة تحت ولاية قريب له، وهو موظف صغير يعيش على فلسفة "امشِ جنب الحيط"، وتصور يوسف صديق أن تلك الفلسفة هى طوق النجاة لمواصلة الحياة، حسبما ذكر سعيد الشحات في كتابه "ذات يوم.. يوميات ألف عام وأكثر".

لكنه وفى يوم من أيام عام 1924 كان عائدا من المدرسة "الخديوية" إلى المنزل، فشاهد جمعا من الطلاب يخطب فيهم طالبا من "البكالوريا"، وبعد متابعته انتهى به الأمر إلى مشاركته فى مظاهرة زحفت إلى بيت سعد زغلول "بيت الأمة"، لتنضم إلى آلاف الطلاب.

ولما خطب فيهم "سعد" انفعل "صديق" بحماس كبير، ثم توصل إلى فساد فلسفة "امشِ جنب الحيط"، ليتحول إلى نقيضها تماما حتى رحيله فى مثل هذا اليوم "31 مارس 1975"، بعد حياة بدأت يوم 3 يناير 1910 بقرية "زاوية المصلوب" مركز الوسطى محافظة بنى سويف.

فى مذكراته التى تأتى مع شهادات أخرى فى كتاب "من أوراق يوسف صديق"، نعرف بعضا من سيرة هذا الرجل العظيم، الذى لولاه لما نجح خروج تنظيم الضباط الأحرار ليلة 23 يوليو 1952 ضد الملك فاروق، فهو الذى ترك المستشفى، حيث كان يعالج من نزيف فى الرئة، ليقود كتيبته، ويقتحم مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، ويعتقل العديد من قادتها، وعلى رأسهم قائد الجيش الفريق حسين فريد.

أنقذ تحركه الثورة، بالرغم من أنه جاء قبل ساعة الصفر المتفق عليها بنحو ساعة، والسبب أن مخطط الضباط الأحرار كان قد انكشف للملك فاروق المتواجد فى الإسكندرية، وكانت قيادة القوات المسلحة تعقد اجتماعا فى القاهرة لاتخاذ إجراء مضاد لإجهاض مخطط الانقلاب على الملك، والإجراء المضاد بالطبع هو اعتقال أعضاء التنظيم.

وحين نرد تصرف "يوسف صديق" لأصوله سنجد فيه تطبيقا عمليا لرفضه لفلسفة "امشِ جنب الحيط"، ونجد فيها قلب "الفارس" الذى سيظل متوهجا بالتمسك بما يؤمن به، فيختلف باحتدام مع مجلس قيادة ثورة يوليو، وينحاز إلى محمد نجيب ضد جمال عبد الناصر، ويحكمه فى ذلك يساريته التى اهتدى إليها وآمن بها فكرا منذ أن كان ضابطا فى الجيش.

خلافاته مع جمال عبد الناصر هى الآن فى ذمة التاريخ وفى عهدة المؤرخين للحكم عليها، مع الأخذ فى الاعتبار أنها قادته إلى السجن تارة، والسفر إلى الخارج تارة أخرى، وتحديد إقامته أحيانا، غير أننا أمام ثائر يجمع بين الرومانسية الحالمة، والواقعية الصلبة، فى الرومانسية الحالمة هو يكتب الشعر، وفى الواقعية الصلبة يسعى لأن يجعل من صفاء الشعر حقيقة فى الواقع.

فى وفاة جمال عبد الناصر يوم 28 سبتمبر 1970، كتب قصيدة رثاء بعنوان: "دمعة على البطل" قال فيها: "بكتك عيون أهل الأرض حولى.. فكيف أصون بين الناس دمعى.. رسمت لنا الطريق وسوف نمضى.. على هذا الطريق بغير رجع".

تم نسخ الرابط