حين طُلب من العندليب إذاعة بيان انقلاب ضد العاهل المغربي.. اعرف القصة كاملة
في شهر يوليو عام 1971 كان عبدالحليم حافظ في زيارة إلى المغرب لإحياء حفل هناك، لكنه بدون مقدمات وجد نفسه قاسماً مشتركاً في عملية انقلاب ضد الملك الحسن الثاني.. فما هي القصة؟.
يروي سعيد الشحات تفاصيل ما جرى في كتابه "ذات يوم.. يوميات ألف عام.. وأكثر"، قائلًا، إن جنود الانقلاب ضد العاهل المغربى الملك الحسن الثانى اقتحموا مبنى الإذاعة المغربية، وسيطروا عليه بعد أن قتلوا أفراد الحراسة، ثم دخلوا إلى الأستوديو حيث كان عبد الحليم حافظ يسجل أغنية خاصة بمناسبة احتفال "الحسن" بعيد ميلاده الثالث والأربعين، تأليف محمد حمزة وألحان بليغ حمدي ويقول مطلعها: "أقبل الحسن علينا ومن الحسن ارتوينا".
كان الحدث في يوم 10 يوليو 1971، والمعروف تاريخيا باسم "انقلاب الصخيرات" وقاده الجنرال "محمد المذبوح" قائد الحرس الملكى، وتزامن تنفيذه مع وجود عشرات الفنانين المصريين والعرب فى المغرب بدعوة من الملك الحسن لإحياء حفلات غنائية بهذه المناسبة، ومن هؤلاء، محمد عبد الوهاب، وبليغ حمدى، وشادية، فريد الأطرش، وديع الصافى، ومحمد قنديل، ومحمد العزبى، ومحمد رشدى، وهدى سلطان، ومحمد الموجى، وعفاف راضى، ومنير مراد، ومحمد حمزة، والممثل صلاح ذو الفقار، والكاتب الصحفى محمود عوض، والفرقة الماسية بقيادة أحمد فؤاد حسن.
ويروى الدكتور "هشام عيسى" طبيب الكبد المشهور والطبيب الخاص للعندليب قصة هذا اليوم فى كتابه "حليم وأنا"، حيث كان مرافقا لعبد الحليم، ويتحدث كشاهد عن تفاصيل كثيرة، وأبرزها ما حدث مع "حليم" أثناء وجوده فى أستوديو الإذاعة، وكان معه ملحن مغربى ضرير اسمه عبد السلام عارف، حيث دخل أحد ضباط الانقلاب، ومعه ورقة تحتوى على بيان، وقال لـ"حليم": "تم قتل الحسن، وعليك أن تلقى هذا البيان إلى الأمة المغربية".
فكر "حليم" للحظات، وحسب ما ذكره هو لـ"عيسى" فيما بعد، فإنه واجه أصعب اختبار فى حياته، فإذا كان الملك قد قتل ورفض هو إذاعة البيان، فربما يقدم هؤلاء على قتله، أو حتى إخراجه من الإذاعة دون حراسة، حيث تدور المعركة فى الخارج، وإن قبل إذاعة البيان مرغما تحت التهديد، فربما أدى ذلك إلى أسوأ النتائج بالنسبة إليه كفنان له شعبية جارفة، وصديق للملك الذى يسعى لعلاجه من المرض ويحترمه
رفض حليم إذاعة البيان وفضل مجابهة الخطر، وقال للضابط: "أنا فنان لا أعمل فى السياسة، وأكره أن أنخرط فيها"، فتحول الضابط إلى "الملحن الأعمى" الذى سجل البيان تحت تهديد السلاح، وواصلت الإذاعة بثه دون تعليق.
ظل "حليم" وصاحبه سجينين فى الأستوديو حتى المساء حين اقتحم الإذاعة مجموعة من جنود الملك وهم يطلقون النار فى الخارج، وفور اقترابهم من غرفة الأستوديو لجأ زعيمهم إلى حيلة ذكية ليقبض على مذيع البيان، حيث فتح باب الأستوديو وأطل على الداخل متظاهرا بأنه أحد أفراد الانقلاب حضر للمؤازرة، وفجأة رفع سلاحه، وأمر الجميع بإلقاء السلاح، ولم يطلق عليهم النار، فتفادى وقوع مذبحة، كان من الممكن أن تؤدى بحياة عبد الحليم الذى قبع فى سكون على مقعده حتى أحاط به جنود الملك وحملوه إلى غرفة آمنة.