ياسر بركات يكتب : الاتحاد الإفريقى يهدم سد النهضة على رأس أثيوبيا!
القاهرة تعلن استعدادها لحماية السد العالى وتتخذ إجراءات جديدة تحسبا لانهيار سد النهضة
منظمة التعاون الإسلامي : لن نقبل المساس بالأمن المائي لمصر والسودان
جامعة الدول العربية : نحترم موقف مصر فى رفضها توقيع عقوبات دولية على أثيوبيا حتى الآن
مجلس الوزراء بالمملكة العربية السعودية يصدر بيانا رسميا للتأكيد على دعم الموقف المصرى
الإمام الأكبر يدعو الأمة الإسلامية للدفاع عن حق مصر فى مياه النيل
أيام وتنتهي المهلة التي منحها الاتحاد الأفريقي، لمصر وإثيوبيا والسودان، للتوصل إلى اتفاق نهائي يحكم قواعد ملء وتشغيل "سد النهضة" الإثيوبي. ومع ذلك، تم استئناف المفاوضات، يوم الجمعة، مجددا، عبر "الفيديو كونفرانس"، برئاسة جنوب أفريقيا، رئيس الدورة الحالية للاتحاد.
الاجتماع تطرق لمسألة سلامة سد النهضة، وكان هناك تركيز من الجانب الإثيوبي على هذه النقطة خوفًا على سلامة السدود السودانية. ومعروف أن مصر تأخذ احتياطاتها للتعامل مع موضوع أمان سد النهضة، بحيث لا يؤثر على السد العالي وباقي المنشآت المائية لدينا. كما سنتخذ المزيد من الإجراءات والاحتياطات للتعامل في حالة انهيار السد لا قدر الله. وهناك بالفعل ما يدعو للقلق لأن الجانب الإثيوبي لم يقدم أي تقارير أو مستند تترجم تصريحاتهم ببناء السد بطريقة آمنة، وبالتالي لا يوجد لدينا ما يؤكد أن تلك الإجراءات تم اتخاذها.
الوسطاء والأطراف المعنية بسد النهضة عقدوا، الجمعة، جلسة إجرائية، تضمنت أسس التفاوض، حيث قدمت وزيرة الدولة بخارجية جنوب أفريقيا كلمة بلادها، كما قدم الوسطاء وممثلو الدول الثلاثة كلمات افتتاحية، فيما ينتظر أن يقدم تقرير مفصل عن سير التفاوض حول القضايا العالقة لاجتماع رؤساء جنوب أفريقيا والدول الثلاث، بعد نحو أسبوع من تاريخ بدء اجتماعات التفاوض الجارية. وقالت وزارة الري السودانية، في بيان، إن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، تلقى رسالة من رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، أشاد فيها بدور حكومة السودان "الإيجابي والبناء" خلال الاجتماع الأخير لرؤساء دول وحكومات مجلس الاتحاد الأفريقي والسودان وإثيوبيا، والذي عقد بشأن سد النهضة.
المفاوضات الماراثونية بين كل من الخرطوم وأديس أبابا والقاهرة، لم تتمكن من الوصول إلى اتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، دعا لها رئيس الوزراء السوداني خلال الفترة الممتدة من 9 إلى 13 من يونيو الماضي، وطبقا لما ذكره ياسر إبراهيم، وزير الري السوداني، فإن إثيوبيا رفضت توقيع اتفاقية دولية تحكم قواعد الملء والتشغيل، رغم توافق الأطراف على أكثر من 90% من القضايا الفنية، وهو ما دفع مصر لطلب تدخل مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة. وأشار بيان "الري" السودانية إلى تأكيد الأمين العام للأمم المتحدة في لقاء سابق مع المجموعة العربية، أن موقف السودان هو "نقطة الارتكاز"،.
بمنتهى الوضوح، أعلنت مصر أنها "لن تسمح بالتعدي على حقّها ولن تقبل باتفاق يبخس حقوقها أو يؤثر على حياة شعبها"، وقال محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية، إن مصر "دولة قوية"، وكل أجهزتها "تعمل على هذا الملف، ولن تسمح بالتعدي على حقها، ولن تقبل باتفاق يبخس حقوقها أو يؤثر على حياة شعبها"
طوال حوالي 9 سنوات، لم تؤدِ المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا إلى اتفاق تقبل به الأطراف الثلاثة، ما دعا مصر لإحالة الملف إلى مجلس الأمن الشهر الماضي. قبل أن يبادر الاتحاد الأفريقي، برئاسة دولة جنوب أفريقيا، برعاية جديدة للمفاوضات، يوم "الجمعة" الماضي، تتضمن تشكيل لجنة لحل القضايا القانونية والفنية المعلقة، والتوصل إلى اتفاق في غضون أسبوعين. وبدوره، أعلن مجلس الأمن الدولي، مساء الأربعاء الماضي، أنه "سيراقب تطورات أزمة سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا خلال شهر يوليو تحت رئاسة ألمانيا". وبحسب أجندة مجلس الأمن لشهر يوليو الحالي فقد "انتقلت رئاسة المجلس من فرنسا إلى ألمانيا، لتشرف على تطورات أزمة سد النهضة بناء على ما جاء في جلسة يوم الاثنين الماضي، وتنص الأجندة على أن يراقب مجلس الأمن تطورات أزمة سد النهضة، وأن يعقد اجتماعاً في حال دعت إليه الحاجة". وكان المجلس قد عقد جلسة تاريخية الاثنين الماضي، بناء على مذكرة قدّمتها الخارجية المصرية. وخلال الجلسة، طالبت مصر المجلس الدولي بـ"قرار يلزم إثيوبيا بعدم اتخاذ إجراءات أحادية بملء السد إلى حين التوصل إلى اتفاق".
الأربعاء أيضا، تلقت مصر والسودان دعما إسلامياً في مفاوضاتهما مع إثيوبيا بشأن "سد النهضة"، والذي تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويثير توتّرات حادّة بينها وبين مصر والسودان. وقالت منظمة التعاون الإسلامي إنها تتابع باهتمام الجهود الأممية والإقليمية المبذولة لإيجاد حل لمسألة "سد النهضة" الإثيوبي. مجددة التأكيد على أهمية الحفاظ على الأمن المائي لكل من مصر والسودان، ورفض المساس بحقوق جميع الأطراف في مياه النيل، وفقا لبيان صحفي صادر عن أمانة المنظمة. كما دعت المنظمة إلى استئناف الحوار والمفاوضات بين الأطراف للتوصل إلى اتفاق عادل يحفظ مصالحها.
دعم المنظمة الإسلامية يأتي استكمالا لتأييد عربي مماثل، إذ قال بيان لمجلس وزراء المملكة العربية السعودية، إن "الأمن المائي لكل من مصر والسودان جزء لا يتجزأ من الأمن العربي"، رافضاً "أي عمل أو إجراء يمس حقوق الأطراف كافة في مياه النيل". وبحسب السفير ماجد عبد الفتاح، مندوب مصر الدائم بالجامعة العربية، فإن "الدول العربية كافة تساند مصر في هذه القضية"، وأوضح عبد الفتاح أن "مصر حريصة حتى الآن على عدم الإضرار بإثيوبيا، ولذلك لم تتضمن مطالبات مصر في مجلس الأمن أي قرارات عقابية تجاه تعسف إثيوبيا في المفاوضات.
مندوب مصر بالجامعة العربية أكد أنه "في حال عدم تعاطي الجانب الإثيوبي تجاه المناشدات المصرية بمجلس الأمن، فسوف تنتصر الشرعية الدولية، وتطبيق القوانين الدولية المرعية، والاتفاقيات التي تم التوقيع عليها من كافة الأطراف"، مشددا على أن جامعة الدول العربية لا تسعى للمواجهة، بل تسعى لحماية حقوق الشعبين المصري والسوداني. وشكل مجلس وزراء الخارجية العرب لجنة خماسية لمتابعة تطورات الملف، وقال عبد الفتاح إن اللجنة ستجتمع مع الأمين العام للأمم المتحدة لمطالبته بدور أكثر فاعلية إلى جانب مجلس الأمن.
حرصت مصر على إبداء حسن النية والرغبة في التعاون مع إثيوبيا حول سد النهضة، لكنها كانت دائما تعرقل سير المفاوضات، كما يتهمها الوزير عبد العاطي، الذي قال في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط (الرسمية)، إن "مصر دولة قوية، وكل أجهزتها تعمل على ملف سد النهضة. وأضاف عبدالعاطي أن الجانب الإثيوبي "تراجع عن كل ما تم الاتفاق عليه في المفاوضات الثلاثية في واشنطن، وتمسك بالملء وفق شروطهم ورؤيتهم المنفردة"، مضيفاً أن "الولايات المتحدة دخلت على خط الحوار، وكانت من أكثر الأوقات إيجابية في مسيرة المفاوضات بين الدول الثلاث". ورعت وزارة الخزانة الأمريكية، بمشاركة البنك الدولي، مفاوضات جرت في واشنطن بدءاً من نوفمبر 2019 حتى انسحاب إثيوبيا في الاجتماع الأخير نهاية فبراير الماضي، رافضة التوقيع على اتفاق نهائي، وقّعته مصر فقط بالأحرف الأولى.
لا تريد مصر من الجانب الإثيوبي إلا طمأنة واقعية للشعبين المصري والسوداني عن طريق اتفاق مكتوب ملزم، وهو ما ترفضه إثيوبيا، متجاهلة أن السد سيمثل جفافاً صناعياً أو بشرياً لمصر، وإذا اقترن مع الجفاف الطبيعي فسيُحدث أزمة كبيرة. وهذا هو ما تحاول مصر السيطرة عليه أو تفادي جانب من أضراره، بتقنين عملية الملء دون الإضرار بمصر، بالإضافة إلى الأمور الفنية لضمان أمان السودان أيضاً. والثابت هو أن مصر تسعى دائماً لاستقرار الإقليم وترسيخ نظام ثابت لأي حوار قادم في سد النهضة، متطلعاً لاستثمار تدخل الاتحاد الأفريقي، برئاسة جنوب أفريقيا، لحل أزمة سد النهضة الإثيوبي. وما من شك في أن انهيار سد النهضة يعني دماراً كاملاً للسودان، ملقياً الضوء على خطر آخر يقلق السودانيين، وهو تأثير السد الإثيوبي على السدود في البلاد.
ولا يبقى غير أن نشير إلى أن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أكد على ضرورة احترام حق مصر التاريخي في مياه نهر النيل، لافتاً إلى أن دفاعها عن حقوق شعبها في الحصول على حصته المائية، واجب لا يحتمل الجدل ولا يقبل التهاون. وطالب شيخ الأزهرـ في تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي، المجتمع العربي والدولي بالوقوف إلى جوار مصر للوصول إلى حل سلمي مناسب يضمن حقوقها المائية كاملة.