سيجمون لوتز.. «جاسوس الشمبانيا» الذي أوقعته المخابرات المصرية فى قبضتها
في عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، حاولت إسرائيل زراعة عدد من الجواسيس للحصول على معلومات سياسية وحربية قد تستخدمها ضد الدولة مصر، وكان أحد هؤلاء شخص ألماني يدعة «لوتز»، والذي روى قصته كاملة سعيد الشحات في كتابه «ذات يوم.. يوميات ألف عام.. وأكثر».
وصل «لوتز» إلى ميناء الإسكندرية يوم 7 يناير 1961، حاملا جواز سفر باسم " وولفجانج سيجموند لوتز "، المهنة "مدرب خيول" والجنسية "ألمانيا الغربية"، وفى سيرته المصطنعة، أنه كان ضابطا فى جيش النازى الألمانى، واختفى بعد هزيمته فى الحرب العالمية الثانية، وعمل مدربا للخيول وجمع ثروة طائلة، ويريد أن يجرب حظه فى حياة جديدة.
أما سيرته الأصلية فهى، ولد من أب ألمانى وأم يهودية ممثلة درجة ثانية، لكن الأب هجرها وعمر الابن 11 عاما، فهاجرت إلى إسرائيل ومعها ابنها، وفيما بعد التحق بالجيش الإسرائيلى وأصبح ضابطا فى حرب 1948، وانتقل إلى المخابرات الإسرائيلية " الموساد "، وبين الأصل والتزييف جاء " لوتز " إلى مصر جاسوسا.
كانت مصر تشق طريقها وقتئذ نحو الصناعة العسكرية، وجلبت إليها علماء وخبراء ألمان فى مجال صناعة الصواريخ والطائرات عام 1957، ونتج عنها صناعة صواريخ " الظافر " و" القاهر " و" الرائد " وتم تجريبهم، مما أزعج إسرائيل فخططت لتطفيش العلماء الألمان بأى وسيلة، وكان " لوتز " ضمن وسائلها، والقصة بتفاصيلها فى كتاب " الحرب القذرة _ قصة العلماء الألمان فى مصر " للكاتب الصحفى محمود مراد.
دربت المخابرات الألمانية " لوتز " بالاتفاق مع " الموساد "على كيفية الحياة باعتباره مواطن ألمانى، وزودته بخبرة الحياة الألمانية بعد أن تعرضت للتآكل، لهجرته إلى إسرائيل وعمره 11 عاما، وتزوج منها وحارب فى جيشها، ولما أتقن" ألمانيته " الجديدة جاء إلى القاهرة، ليستقر فى فيلا بشارع الهرم مع زوجته " مارتا " التى اقترن بها لأغراض " جاسوسية " وبموافقة من " الموساد ".
تردد " لوتز " على نادى الفروسية بالجزيرة، وتعرف على الكثير من الجالية الألمانية وعلى مصريين محبى الخيول ليصبح من نجوم هذه المجتمعات، واشترى 5 خيول ب1500 جنيه من، السيدة وجدان البربرى، على الشريعى، أحمد حمزة، ومن مزاد علنى، وأستأجر مساحة من عزبة يربى فيها خيوله، أما مهمته السرية طبقا لتكليف الموساد فكانت: من هم العلماء الألمان فى مصر، وأين يقيمون؟، ماهى مفاتيح شخصياتهم، وهل لديهم نقاط ضعف لاستغلالها؟، ما هى تحركاتهم ومتي؟، وأين يعملون؟.
كانت الحفلات الكثيرة التى يقيمها وسيلة للحصول على المعلومات، خاصة تحت تأثير الخمور، وأطلقوا عليه فى إسرائيل لقب " جاسوس الشمبانيا "، وفى عملياته أرسل طرودا مفخخة إلى العلماء الألمان بمقر إقامتهم بالقاهرة من مكاتب بريدية مختلفة، لكنها لم تصيب أى منهم لشكهم فيها وإبلاغ أجهزة الأمن بها، وأصابت مصريين، وفي 5 مارس 1965 تم القبض عليه.
وأعلن المتحدث الرسمى باسم جهاز المخابرات إبراهيم البغدادى خبر القبض عليه فى مؤتمر صحفى، وانتهت محاكمته فى 21 أغسطس 1965 بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة، وأفرجت مصر عنه ضمن تبادل أسرى فى 4 فبراير 1968، وسافر إلى إسرائيل مع زوجته " مارتا " التى اعتنقت اليهودية حسب طقوس حاخامات إسرائيل، وأعيد زواجها دينيا من " بلوتز ".