قصة ثلاثة مشايخ مصريين تولوا إمامة الحرم المكى
مصر صدرت الإسلام إلى البلد الذى نزل فيه الإسلام .. كلمات جليلات صدرت من لسان إمام الدعاة فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى، وكانت لها دلالات وتأكيدات، حيث إن السعودية نفسها كانت فى العهد القديم تستعين بقامات الشيوخ والأئمة المصريين ليتولوا أرفع وأرقى المناصب فى المملكة وهى إمامة الحرم المكى، ولا لا يمكن أن تسند إلا لأفضل الشيوخ ممن أبحروا في علوم القرآن الكريم، وتمعنوا فى السنة النبوية، بالإضافة إلى عذوبة الصوت، ولأن شأنهم عال ومكانتهم متميزة فكانت أحيانا ما تسند لهم المملكة مناصب أخرى، فالشيخ عبد الله بن حسن آل شيخ، عينه الملك عبدالعزيز آل سعود إماماً للحرم في عام 1343هـ، ورئيساً للقضاة بالحجاز، وجعله مشرفا على الحرمين والتدريس فيهما، بالإضافة إلى بقائه إماماً للحرم، ومعظمهم ترك مكتبات زاخرة بكتب التفاسير وغيرها.
وشهد عهد الملك عبدالعزيز بن سعود آل فيصل، تعيين ثلاثة مشايخ مصريين فى هذا المنصب الأكثر أهمية فى السعودية، وهم كالآتى، حيث بدأت القائمة بفضيلة الشيخ عبد المهيمن أبو السمح، من مواليد قرية التلين بمركز منيا القمح بالشرقية، عام 1890، تلقى علومه وثقافته الدينية في الجامع الأزهر الشريف على أيدى كبار علماء عصره وتتلمذ على كثير منهم أمثال الشيخ محمد عبده، وقام بفتح مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم بجوار إدارة جماعة أنصار السنة المحمدية بعابدين بالقاهرة، ثم سافر إلى دمشق عام 1914، وكان عمره وقتها 25 سنة، وعندما قامت الحرب العالمية الأولى ظل في دمشق، وأقام مدرسة لتعليم الأولاد أسماها المدرسة المحمدية، ثم سافر لمدينة جدة وأقام بالقرب من أخيه عبد الظاهر أبو السمح، وأقام فيها مدرسة، وشغل عدد من المناصب منها مديرًا للمعهد السعودي في عنيزة، وكان أول من تولى إدارته، كما عمل مدرسًا في وزارة المعارف السعودية، ومدرسا في دار الحديث بمكة، حيث درس فيها القرآن والتفسير والحديث.
واستدعاه الملك عبد العزيز آل سعود عام 1950، لإمامة المصلين فى المسجد الحرام، ويعد «أبو السمح» من أكبر المتحمسين لفكرة رابطة العالم الإسلامى، وربما يعتبر صاحب أقدم تسجيل تليفزيونى بين أئمة الحرم، حيث ظهر فى لقطات متفرقة كانت جزء من فيلم وثائقى عن زيارة الرئيس المصرى السابق محمد نجيب للسعودية وللحرم، ووافته المنية فى عام 1978 وتم دفنه بمكة المكرمة، وألحقت مكتبته الخاصة إلى مكتبة الحرم المكي الشريف.
وبهذا فإن مصر بعلمائها صدروا الإسلام إلى كل العالم بل صدرته إلى البلد الذى نزل فيه الإسلام .. صدق إمام الأئمة الصالحين الشيخ محمد الشعراوى.