المومسات خضعن للكشف الطبي.. قصص بيوت الدعارة في مصر عندما كانت مقننة

أرشيفية
أرشيفية

لا يعلم كثيرون أن الدعارة في مصر كانت تحكمها قوانين ولوائح، وكان لها جهات خاصة تصدر تراخيص بمزاولة المهنة، ومستشفيات تقوم بتوقيع الكشف الطبي على من يمارسن هذه المهنة.

ويكفي الإشارة إلى لائحة بيوت العاهرات التي صدرت في عام 1905، ونظمت العمل في بيوت الدعارة، من خلال لوائح ومواد منها المادة "15" التي نصت على «إخضاع كل مومسة تكون في بيت العاهرات للكشف الطبي عليها مرة في كل أسبوع بمعرفة الطبيب المنوط بمكتب الكشف».. وبالنسبة لمدينة القاهرة كانت مستشفى الأمراض التناسلية بالحوض المرصود في حي السيدة زينب هو المكتب المخصص للكشف على المومسات كل أسبوع.

أماكن معينة

وتركزت بيوت ممارسة الدعارة في القاهرة بعدة مناطق، منها حارة اليهود والحسينية وبولاق ودار النحاس وقصر العيني وعشش النخل القصير، وكذلك منطقة الأزبكية.

كما انتشرت البيوت أيضاً في شارع كلوت بك بالأزبكية وشارع محمد علي بمنطقة الموسكى وباب الخلق، والجامع الأحمر والطنبلي ودرب مصطفى وبير حمص بمنطقة باب الشعرية، والمواردي بالسيدة زينب والساقية ببولاق وحوش الجاموس والتُرب، إضافة إلى شارع عماد الدين وألفي بك والتوفيقية.

وتفيد الكتابات التي كُتبت عن البغاء في العقد الثاني من القرن العشرين أن أجر المومس في اللقاء كان شلناً (خمسة قروش)، وهناك من يذكر أن سعر اللقاء كان يكتب على مدخل الماخور، وكان يتراوح بين 15 و25 قرشاً.

لكن المعروف أن أجور المومسات عن الاتصال الجنسي بالعملاء خضعت لاعتبارات عديدة أهمها مظهر البغي ومستوى جمالها وفئة العملاء الذين الذين يتصلون بها أو الطبقة التي ينتمون إليها، فقد بلغ متوسط الأجور عن اتصال البغي مرة واحدة ما بين 25 إلى أقل من 50 قرشاً، وكان الأجر عند أخريات 75 قرشاً إلى أقل من جنيه، في حين تقاضى بعضهن أكثر من 200 قرشاً عن الاتصال الواحد.

والمسلّم به هو أنه كان هناك بغاء سري تمارسه أعداد كبيرة من المومسات اللاتي فضلن العمل في بيوت غير مرخص بها – كانت تسمى بالبيوت السرية – بالمخالفة للائحة 16 نوفمبر 1905 التي قننت هذه البيوت ووضعت شروطاً لعملها، كما أن هناك من كن يعملن لحسابهن.

بداية التجريم

وكخطوة نحو إلغاء البغاء المنظم أصدرت الحكومة في عام 1939 أمراً إدارياً بإيقاف صرف تراخيص جديدة لبيوت البغاء، وذلك على خلفية حملة ضارية، قادها الشيخ محمود إبراهيم أبو العيون، من خلال سلسلة من المقالات في الصحف.

فمع انعقاد البرلمان عام 1924 أرسل أبو العيون طلباً يقترح فيه العمل على إلغاء البغاء رسمياً في مصر، ولاقت الحملة تجاوبا فى المحافظات، وكان مجلس محلى بنها أول من قرر إلغائه، لكن الداخلية رفضت، وتلاها بعد ذلك محافظات أخرى.

تسبب ما طالب به أبو العيون في اندلاع معركة بينه وبين بعض الأحزاب ورموز السياسة والفكر، وخاصة حزب الأحرار الدستوريين، وجريدة «السياسة» برئاسة الدكتور محمد حسين هيكل، حيث شنت هجوماً ضارياً على أبو العيون وصل إلى حد وصف محرر الجريدة له بـ«الشيخ الباغي البذيء، الأحمق», و«الشيخ الدجال».

كما قال فكرى أباظة الكاتب الصحفي والنائب البرلماني وقتها: «إلغاء البغاء جريمة» غير أن الدكتور إبراهيم الدسوقي أباظة قال: «من العار أن يبقى البغاء رسميا في مصر»، وكانت حجة الرافضين أن إلغاءه سيعنى انتشاره سرياً، وبالتالي سيصعب الرقابة عليه.

تبع ذلك صدور الأمر العسكري رقم 384 لسنة 1943، بإعطاء الحق للمديرين والمحافظين في إغلاق بيوت العاهرات في البلاد في عواصم المديريات والمحافظات بما فيها القاهرة التي ظلت مسرحاً لممارسة الدعارة المنظمة. وفي النهاية صدر الأمر العسكري رقم 76 لسنة 1949 بإغلاق بيوت العاهرات في جميع أنحاء البلاد.

تم نسخ الرابط