حكايات مثيرة عن أول إمرأة تحصل على لقب كابتن طيار فى مصر وأفريقيا
حينما يمتزج الحلم بالخيال .. والإرادة بالإيمان يصبح لا وجود للمستحيل فى حياة هذا الإنسان ..ويتحول الى أسطورة تتحدث عنها الاجيال ..ويسطر التاريخ أسماء هؤلاء الأشخاص بكلمات من نور وتظل باقية على مر العصور هكذا كانت وستظل سيرة لطفية النادى عطرة وباقية .. لانها ببساطة استطاعت كسر القاعدة وتخطت جميع الحواجز وتمكنت من تحقيق حلمها وأصبحت أول امرأة مصرية وعربية وأفريقية وثاني امرأة في العالم تحمل لقب كابتن طيار بحصولها على رخصة طيران رسمية.
وحصلت لطفية النادي على شهادة طيار خاص حرف (A) من مصر للطيران بألماظة، وهي نفس الشهادة التي حصلت عليها الطيارة الإنجليزية الشهيرة إيمي جونسون التي أدهشت العالم حينما قامت برحلتها الشهيرة من لندن إلى مدينة الكاب برأس الرجاء الصالح وهي أيضا نفس الشهادة التي حصل عليها لندنبرج أحد أبطال الطيران في العصر الحديث وأول من قاد طائرة بمفرده وعبر بها المحيط الأطلنطي سنه 1927.
ولدت لطفية النادي فى عام 1907، كان والدها يعمل بالمطبعة الأميرية وكان يرى أن الدراسة للبنت يجب ألا تتعدى بالمرحلة الابتدائية بعكس الأم التي رأت أن تعليم الفتاة ضرورة حتى نهاية المطاف، لأن الأم هي مصنع الرجال.
التحقت لطفية «بالأمريكان كولدج» وقرأت في يوم من الأيام عن الطيران وتشجيع الفتاة المصرية لدخول هذا المجال، كانت مدرسة الطيران وقتها في أوائل نشأتها عام 1932 وكل الذي يلتحق بها من الرجال فقط، فكرت «لطفية» لماذا لا تلتحق بالدراسة فيها!.
رفض والد لطفية أفكارها لتعلم الطيران، ولم تكن تملك نقودًا وبإصرار وبحث عن البدائل لجأت إلى "كمال علوي"، مدير عام مصر للطيران آنذاك، وعندها فكّر بالأمر وطلب منها أن تعمل في مدرسة الطيران وبمرتب الوظيفة يمكنها سداد المصروفات.
وافقت لطفية على ذلك وعملت سكرتيرة بمدرسة الطيران، وكانت تحضر دروس الطيران مرتين أسبوعيًا دون علم والدها، تعلمت الطيران مع زملاء لها على يد مدربين مصريين وإنجليز في مطار ألماظة بمصر الجديدة، وكانت الشابة الوحيدة بينهم، وحظيت باحترامهم وتقديرهم. في الوقت نفسه، كانت تعمل في مطار ألماظة بغرض الحصول على المال لتمويل تعلمها الطيران.
توجت مجهودات لطفية بحصولها على إجازة الطيران عام 1933، وكان رقمها 34؛ أي لم يتخرج قبلها على مستوى المملكة المصرية سوى 33 طيارًا فقط جميعهم من الرجال، وكانت بذلك أول فتاة مصرية عربية أفريقية تحصل على هذه الإجازة.
بذلك تكون هذه الفتاة الصغيرة الحالمة أول فتاة عربية أفريقية تحصل على هذه الإجازة وعمرها 26 ربيعًا؛ لتحقق بذلك حلمها بالطيران بمفردها، ونشرت الصحف هذا الخبر مع صور تم التقاطها لها مما أثار غضب والدها. حتى تقوم بإرضاء والدها اصطحبته معها في الطائرة وحلقت به فوق القاهرة والأهرامات عدة مرات، ولما رأى جرأتها وشجاعتها ما لبث أن أصبح أكبر المشجعين لها. كان مدرسها ومعلمها "كارول الفرنسي" يعاملها كالطفلة وقالت عنه: "كان يخاف على جدا" وأضافت مقولته: "مش عاوز نفسك تتكبر بعد ما أصبحت أول فتاة مصرية تتعلم الطيران، لا تفعلى مثل إيمي جونسون التي تكبرت على والديها بعد ما أصبحت طيارة".
تولت هدى شعراوي مشروع اكتتاب من أجل شراء طائرة خاصة للطفية، لتكون سفيرة لبنات مصر في البلاد التي تمر بأجوائها أو تنزل بها، وتبين للجميع مقدرة المرأة المصرية على خوض جميع المجالات. كانت قد فتحت الباب لبنات جنسها لخوض التجربة فلحقت بها "دينا الصاوي"، و"زهرة رجب"، و"نفيسة الغمراوي"، و"لندا مسعود" أول معلمة طيران مصرية، و"بلانش فتوش"، وعزيزة محرم، و"عايدة تكلا"، و"ليلى مسعود"، و"عائشة عبد المقصود"، و"قدرية طليمات"؛ ثم أحجمت فتيات مصر عن الطيران بصفة نهائية فلم تدخل مجال الطيران فتاة مصرية منذ عام 1945. وهكذا توالت إنجازات كابتن لطفية، أول كابتن طيار مصرية إلى أن تقاعدت عن الطيران وعينت بمنصب سكرتير عام نادي الطيران المصري، بعدما ساهمت في تأسيسه، وإدارته بكفاءة عالية إلى أن هاجرت إلى سويسرا.
يذكر أن لطفية لم تتزوج قط، وأنها عاشت جزءًا كبيرًا من حياتها في سويسرا حيث منحت الجنسية السويسرية تكريمًا لها، وتوفيت عن عمر يناهز الخامسة والتسعين في القاهرة عام 2002.