إسماعيل شبانة.. نجومية ضلت طريقها بسبب شقيقه العندليب

شبانة مع عبدالحليم
شبانة مع عبدالحليم حافظ

لا يعرف كثيرون أن عبدالحليم حافظ كان له شقيق يمتلك صوتاً عذبًا ربما يفوق صوته في حلاوته، وأنه قام بغناء كثير من الأغنيات، وشارك في كثير من الأعمال الفنية، لكن شهرته لم تكن بشهرة "العندليب".

هذا هو ملخص قصة إسماعيل شبانة، والذي انطفأت نجوميته لصالح شقيقه عبدالحليم حافظ الذي ذاعت شهرته في أنحاء الوطن العربي وامتلك من الذكاء الاجتماعي ما يعضد تربعه على سلم الغناء. في كتابه «المنسي في الغناء العربي» يستعرض الباحث والناقد الموسيقي الأردني زياد عساف بعضاً من سيرة إسماعيل.

إنقاذ الشقيق

لا يعلم كثيرون أن إسماعيل شبانة أنقذ شقيقه عبد الحليم من بين يدي نسوة القرية بعد ولادته بأيام عندما قررن التخلص منه، كونه نذير شؤم باعتبار أن والدته توفيت بعد ولادته مباشرة، وهو أيضاً من ألحق العندليب بمعهد الموسيقى المسرحية، وبقى الناصح الأمين له طيلة فترة حياته.

إسماعيل المولود في قرية «الحلوات» بالزقازيق (1919 – 1985) تخرج في معهد الموسيقى المسرحية، واعُتمد مطرباً بالإذاعة عام 1944. من دفعته المطرب عبدالغني السيد وكارم محمود وعباس البليدي وعبدالعزيز محمود.

قيل الكثير عن أن شهرة حليم طغت على شهرة الشقيق الأكبر وهي السبب الرئيس لاعتزاله الغناء، إلا أن هناك أسباب أخرى أعاقت استمراره وإثبات وجوده في ساحة الغناء العربي.

أوجه اختلاف

الفرق بينهما أن إسماعيل عاش أسيراً لمدرسة وصوت سيد درويش وغنائه لون الطرب الشرقي والموشحات، على عكس حليم الذي تعلم من درويش طريقة تفكيره في التعبير عن أحلام الناس البسطاء والطبقات الشعبية، فغنى للطالب والعامل والفلاح والجندي.

وبينما قدّم إسماعيل أغان قليلة عن الثورة، استطاع العندليب أن يعبر عن فكرها وتطلعاتها، حتى أنه تفوق على أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب في هذا المجال كونهما سبق وغنيا لمرحلة ما قبل الثورة، فكان حليم أكثر إقناعاً للشارع.

ومع ذلك فلم يكن إسماعيل وحده هو من بدأ التراجع في تلك الفترة، بل كثير من المطربين الذين اشتهروا في مرحلة الأربعينيات وما قبل، مثل كارم محمود وشفيق جلال وعبدالعزيز محمود.

هناك عامل اختلاف آخر بين الشقيقين. تجارب عبدالحليم في السينما كانت متميزة بعكس إسماعيل، وهذا عزز شهرة حليم على مستوى الوطن العربي.

كما امتاز حليم بنغمة الحضور والقبول لدى الجمهور بمجرد ظهوره على المسرح. عدا حالة المرض التي أوجدت لها تعاطفاً في الشاعر العربي عموماً.

طبيعة الشخصية لعبت دوراً.. إسماعيل شبانة بطبعه كان متديناً ومحافظاً وهذا من الأسباب التي جعلته مبتعداً عن أجواء السهر والمجاملات، وما يؤكد هذا أنه تفوق على معظم المطربين في تقديم الأغاني الدينية من حيث العدد على الأقل.

المرة الوحيدة التي تم تسليط الضوء على شخصية إسماعيل شبانة وحياته كانت من خلال مسلسل «العندليب.. حكاية شعب». استطاع الممثل كمال أبورية تقديم هذه الشخصية ببراعة وإتقان، خاصة المشاهد التي تُظهر حالة الحزن والأسى الداخلي في شخصية إسماعيل، وهو يرى الشقيق الأصغر يتقدم بسرعة وهو يتراجع، وفي الوقت نفسه يشعر بالحب والفرح لشقيقه على نجاحه كونه هو من ربّاه وراعى شئونه.

المشوار الفني

قدّم إسماعيل شبانة أغاني عديدة للإذاعة المصرية ، من أشهرها «قلبي حبك» للموسيقار عبدالعظيم عبدالحق، وأغنية جميلة نادراً ما تذاع للملحن عبدالعظيم محمد «لو غبت عني ولو شوية.. ابقى افتكرني واسأل عليّا».

وتعامل مع الكثير من الملحنين، مثل محمد إسماعيل في «أفكر فيه وينساني»، ومحمد صادق «أحب الحياة»، ومحمد عمر «يا حلو طمني»، وحلمي بكر «افتح لها يا قلبي بابك».

ومن ألحان أحمد صبرا الذي تربطه به علاقة المصاهرة والنسب غنى «المشمش» و«أحلام الجزيرة»، و«مظلوم يا غرام»، و«ناداني الليل»، وغنى من ألحان أحمد صدقي «العيون الخضر»، وزكريا أحمد «داري العيون»، وبليغ حمدي «أشكي لكم منه ليه».

كما غنى من ألحان سيد مكاوي «صديقي»، وعبدالرؤوف عيسى «فايت خيالك» و«فرحان والنبي»، وعزت الجاهلي «مع الأيام أمل بسام»، وفؤاد حلمي «مخاصمني».. وأغاني أخرى منها «يا حلو طمني» و«هنّى الفؤاد» و«يا ساقية كفاية نوح» و«فايت خيالك» و«نظرة واحدة».

أغان وطنية ودينية

بالإضافة للأغاني العاطفية قدم إسماعيل بعضاً من الأغاني الوطنية، منها نشيد «بيدي يا مصر»، و«صوت الشهيد»، و«دعاء العرب»، و«الشعب اليمني ثار»، و«عائد من اليمن»، و«مرحي بالحق المنتصر»، و«نسور الجو»، و«ميّل على أرضنا» و«من المنزلة لأسوان»، و«حكاية من بلدنا» وللوحدة بين مصر وسوريا أنشد «نشيد الوحدة».

وتميز شبانة بتقديم العديد من الأغاني والابتهالات الدينية مثل «بسم الله»، و«التوبة في رمضان»، و«استغفر الله العظيم»، و«طال النداء يا رسول الله»، و«يا إلهي ما عرفناك على قدر كمالك».

كما قدم أيضاً بعض الأغنيات الثنائية (دويتو) مثل «ابتسامات الورد» مع سعاد محمد، و«ساحة الغفران»، و«هديّ خطاك يا اسمر» مع عصمت عبدالعليم.

وفي الغناء المصري، كثيراً ما قُدمت أغنيات تتغنى بالطبيعة. إسماعيل شبانة واحد ممن ساهموا في هذا المجال في أغنيات مثل «يا بلابل ساعة الفجر»، و«الطير الحائر»، و«يا فرح الفلاحين مع الفجر»، و«بين النجوم والليل»، و«موكب الشمس»، و«الشم هلّت» و«جنينة الليمون» و«غني يا بلبل»، و«يا شجرة الورد النادي»، و«كل النجوم»، و«بكرة القمح يقول».

تجارب سينمائية

تجارب قليلة كانت له في مجال السينما وأغلبها شارك فيها بصوته غناءً فقط. من هذه الأفلام «الأرض الطيبة» و«ظلموني الناس»، وظهر صوت وصورة وهو يلبس القفطان والعِمة ويغني للحسين رضى الله عنه بفيلم «أموال اليتامى» مع شكري سرحان وفاتن حمامة.

كما شارك في فيلم «قيس وليلى» غنى «يا راكب البيد»، و«أيمشي على الأرض أهل السما».

وتبقى التجربة السينمائية الوحيدة التي تميز بها إسماعيل شبانة بالغناء والصوت فقط فيلم «سيد درويش» عام 1966 للمخرج أحمد بدرخان، حيث أدى الممثل كرم مطاوع الغناء بصوت إسماعيل كممثل وبطريقة الدوبلاج.

في هذا الفيلم غنى شبانة أجمل أعمال سيد درويش مثل «الله يصون دولة حسنك»، و«عطشان يا صبايا»، و«قوم يا مصري»، و«يا عشاق النبي»، و«خفيف الروح»، و«يا عزيز عيني»، و«أنا عشقت»، و«سالمة يا سلامة»، و«أنا المصري كريم العنصرين»، و«الله تستاهل يا قلبي»، و«بلادي بلادي».

بالإضافة للغناء عمل شبانة مدرساً لمادة الموسيقى الشرقية في المعهد العالي للفنون المسرحية.

تم نسخ الرابط