ياسر بركات يكتب: العالم على كف كورونا
وبيان نهائى بعدد الوفيات فى أوروبا والشرق الأوسط
الفرنسيون يقلدون الاسكندرانية ويصعدون إيفل فى مظاهرة كبيرة
تحالف تقوده منظمة الصحة العالمية طالب الجهات المانحة من القطاعين الحكومي والخاص مساعدته على جمع 31.3 مليار دولار خلال الـ 12 شهراً المقبلة لتطوير علاجات ولقاحات وإجراء فحوص لمواجهة فيروس "كورونا المستجد" تحت مظلة اسمها (آكت أكسيليريتور). وجدد التحالف في بيان الدعوة إلى تعاون عالمي لمواجهة الوباء موضحا أن المساهمة بلغت حوالي 3.4 مليار دولار حتى الآن. وهو ما يعني وجود فجوة تمويلية قدرها 27.9 مليار دولار، وهناك حاجة عاجلة إلى 13.7 مليار فوراً.
المنظمة أشارت إلى أن المبادرة تهدف إلى القيام بنحو 500 مليون فحص، إلى جانب 245 مليون جرعة علاجية جديدة للمرض تقدم إلى الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط بحلول منتصف 2021. محذرة من أن الوباء لا يزال يشكل خطراً يهدد ملايين الأرواح، ومؤكدة على ضرورة العمل الفوري وتمويل تلك الجهود. وقالت "إن التكلفة الإجمالية للعمل في مركز آكت أكسيليريتور تقل عن عشر ما يقدره صندوق النقد الدولي من خسائر يتكبدها الاقتصاد العالمي كل شهر بسبب الوباء". ومع تسارع السباق لإنتاج لقاحٍ واقٍ، سارعت الحكومات إلى إبرام صفقات مسبقة لشراء علاجات واعدة للتحصين ضد فيروس كورونا المستجد. وقالت كبيرة علماء منظمة الصحة العالمية، يوم الجمعة، إن لقاحاً تطوره شركة "أسترازينيكا"، بالتعاون مع جامعة "أكسفورد" العريقة، هو "أكثر اللقاحات التي وصلت لمراحل متقدمة من التطوير".
كبيرة علماء منظمة الصحة العالمية، سمية سواميناثان، قالت إن لقاحاً تطوره شركة "أسترازينيكا" (البريطانية- السويدية) للوقاية هو على الأرجح الأكثر سبقاً في العالم وأكثر اللقاحات التي وصلت لمراحل متقدمة من التطوير. وأضافت إن لقاحاً تطوره شركة "مودرينا" الأمريكية ليس بعيداً أيضاً عما توصلت إليه "أسترازينيكا"، وذلك من بين أكثر من 200 لقاح مقترح دخلت 15 منها مرحلة التجارب السريرية. وأضافت أن المنظمة تجري محادثات مع مصنعين صينيين من بينهم "سينوفاك" بشأن لقاحات محتملة. ودعت إلى التفكير في التعاون في تطوير لقاح بطريقة مماثلة لتجربة (سوليداريتي) التي تنفذها المنظمة فيما يخص الأدوية.
شركة "أسترازينيكا" تعمل بالتحالف مع جامعة أكسفورد البريطانية للوصول إلى اللقاح الذي دخل مرحلة التجارب السريرية النهائية، بجانب 15 لقاحاً آخر، من بين نحو 200 لقاح يجري تطويرهم حالياً في العالم. وكشفت منظمة الصحة العالمية عن خطة لشراء ملياري جرعة من اللقاح للسكان الأكثر عرضة للخطر في العالم. وتوقعت أنه بحلول نهاية عام 2021، يمكن تسليم الجرعات إلى البلدان لتلقيح الأفراد المعرضين لخطورة عالية، على الأرجح بما في ذلك العاملين في مجال الرعاية الصحية، والأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً، وغيرهم من البالغين الذين يعانون من أمراض مثل السكري.
مع استمرار تعرض معظم العالم للعدوى يمكن أن يستمر هذا الفيروس. وقالت سواميناثان إن "أفضل رهان لدينا لإنهاء المرحلة الحادة من هذا الوباء هو الحصول على لقاح في أقرب وقت ممكن". في وقت حذر رانييري جويرا، الأمين العام المساعد لمنظمة الصحة العالمية، من موجة ثانية أكثر شراسة للفيروس بعد انتهاء الصيف على غرار ما يعرف بـ"الإنفلونزا الإسبانية"، وقال: "كورونا المستجد يتطور بنفس الطريقة التي توقعناها وهو يشبه الإنفلونزا الإسبانية التي اختفت في الصيف ثم عادت أكثر شراسة في سبتمبر وأكتوبر، وتوفي خلال الموجة الثانية نحو 50 مليون شخص"، لافتاً إلى أن ظهور بؤر تفش جديدة في إيطاليا بل أوروبا بشكل عام أمر لا مفر منه.
في الولايات المتحدة، أعلن مدير "مراكز الوقاية من الأمراض ومكافحتها"، روبرت ريدفيلد، الخميس أن "خمسة أو ستة أو سبعة أو ثمانية% من الأمريكيين أصيبوا سواء عرفوا ذلك أم لم يعرفوا"، أي أكثر من عشرين مليون شخص وهو عدد أكبر بكثير من ذاك المعلن رسميا والبالغ 2.4 مليون شخص، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وبعد شهرين منذ بدء انتشار الوباء، ارتفع عدد الإصابات الجديدة في الجنوب والغرب، ويقترب من أعلى المستويات التي سجلت في أبريل الماضي.
وكانت تكساس من بين الولايات الأكثر جرأة في استئناف النشاط مطلع يونيو. وكان الحاكم الجمهوري للولاية جريج أبوت واثقا من أن تكساس "أفلتت" من أسوأ وباء في الولايات المتحدة، إلا أنه أجل مرحلة إعادة فتح الولاية مع الارتفاع السريع في الإصابات، والحالات التي تستلزم العناية المركزة في المستشفيات. وفي غضون ذلك، يواصل الوباء اجتياح دول أمريكا اللاتينية، وصارت البرازيل وهي الدولة الأكثر تضررا في المنطقة. وفي المكسيك، أعلن وزير المال أرتورو هيريا إصابته بالفيروس بعد ثلاثة أيام على لقائه الرئيس أندريس مانويل لوبيز أوبرادور. وقال على حسابه على تويتر: "أبلغت بإصابتي الأكيدة بالفيروس. لدي عوارض خفيفة جدا، وأخضعت نفسي للحجر الصحي. سأواصل العمل من منزلي".
أما أوروبيا، فعادت الحياة إلى وضع شبه طبيعي، رغم ظهور بؤر عدوى جديدة، لكنها محدودة في كل من ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والبرتغال. وكان المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، هانز كلوجي، قد حذر الخميس من أنه في 11 دولة "أدى انتقال العدوى المتسارع إلى انتشار واسع جدا من جديد، وإذا لم يتم الحد منه سيدفع الأنظمة الصحية إلى حافة الهاوية مرة أخرى في أوروبا".
وفي مسعى للشعور بأن الحياة عادت إلى طبيعتها، تحدى عشرات السياح درجات الحرارة المرتفعة في باريس وتسلقوا السلالم الحديدية لبرج إيفل أثناء إعادة فتحه للسياح، بدون المصاعد التي اعتبرت صغيرة جدا للالتزام بإجراءات التباعد الاجتماعي. واستأنف مطار "أورلي" الباريسي نشاطه مع إقلاع أول رحلة متوجهة إلى مدينة بورتو في البرتغال، بعد توقف استمر ثلاثة أشهر. وأقلعت طائرة للرحلات منخفضة التكلفة التابعة لشركة "ترانسافيا"، مدشنة بذلك عودة الرحلات التجارية إلى سماء باريس.
من جهتها، أعلنت النرويج، التي لا تزال تفرض بعض القيود الصارمة على السفر، الخميس، أنها ستعمل على تخفيف الإجراءات مع دول شينجن والاتحاد الأوروبي بحلول منتصف يوليو. من جهتها، عبرت السويد الجمعة عن استيائها من قرار منظمة الصحة العالمية اعتبار المملكة الواقعة في شمال أوروبا من "الدول التي تشهد عودة قوية" للوباء، موضحة أن ذلك نجم عن "تفسير خاطئ تماما" للمعطيات السويدية.
وضمت لائحة الدول التي أعلنها الفرع الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية، كل من السويد وأرمينيا ومورلدافيا وشمال مقدونيا وأذربيجان وكازاخستان وألبانيا والبوسنة والهرسك وقرجيزستان وأوكرانيا وكوسوفو.
وفي البرتغال، أعيد فرض إجراءات حجر صحي على أجزاء من العاصمة لشبونة، كما حدث في منطقتين في غرب ألمانيا. أما في إسبانيا، فلم تسجل سوى ثلاث وفيات في الساعات الـ24 الماضية، لكن وزارة الصحة أعلنت أنها تراقب عن كثب ثلاث بؤر للعدوى تثير القلق. وفي إيطاليا، نشرت الحكومة جنودا لاستعادة النظام في بلدة ساحلية قرب نابولي، بعد تفشي فيروس كورونا في مجمع سكني شغله بالمخالفة للقانون مئات العمال المهاجرين، مما تسبب في مواجهات غاضبة بينهم وبين السكان.
ولا تزال الحكومات تكافح من أجل تحقيق توازن صعب، بين احتياجات الصحة العامة لمكافحة فيروس أصاب 9.7 ملايين شخص في العالم، وتأثيره المدمر على الاقتصاد العالمي. لكن رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد، أعلنت يوم الجمعة، أنه تم "على الأرجح" تجاوز المرحلة الأسوأ في الأزمة الاقتصادية التي تسبب فيها الوباء. لكنها حذرت من أن الوضع الطبيعي الجديد سيبدو مختلفاً تماماً عما كان عليه قبل الوباء. وقالت لاجارد في مؤتمر عبر الإنترنت "تجاوزنا أدنى نقطة على الأرجح". وأضافت "أقول ذلك مع بعض الشك لأنه قد تكون هناك موجة ثانية حادة (من الوباء) بطبيعة الحال، إذا كنا قد تعلمنا أي شيء من الإنفلونزا الإسبانية".