لا عاصم لكم اليوم ..ننشر مقال رئيس التحرير ليلة سقوط الإخوان

العدد التاريخي
العدد التاريخي

يعيد الموجز نشر مقال الكاتب الصحفي ياسر بركات رئيس التحرير الذي كتبه في 30 يونيو 2013 و رصد فيه أسباب سقوط الجماعة وعزلهم من الحكم..

وكان المقال ختاما لحملة شرسة قادها بركات و فريق الموجز ضد الإخوان ونجحوا علي مدار عام كامل في كشف وجههم القبيح أمام الرأي العام المصري. وإلي نص المقال...

"بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء.. وقد صدق رب العزة وهو يقول لابن سيدنا نوح «لاعاصم» من أمر الله حتي لو صعدت إلي الجبال، جفت الأقلام ورفعت الصحف، ولاشك أن غضب الشعب المصري علي جماعة الإخوان المسلمين سيكون عاصفا ولن تنجو الجماعة منه حتي لو فشل يوم 30 يونية، فسوف يكون الموعد قد تأخر قليلاً، وسيعود الغضب مرة ثانية وثالثة، ذلك لأن هؤلاء لم يراعوا ضمائرهم في حكم البلاد ولم يفكروا سوي في مصالح ضيقة، وتركوا البلاد عرضة للشائعات والأقاويل والتشكيك الذي وصل إلي حد التخوين، وشهدت مصر انتهاكاً صارخاً لكافة هيئاتها ومؤسساتها الوطنية وقضائها الشامخ.

وتعرض المصريون لهزائم غير مسبوقة وتم قتل جنود مصر علي الحدود وهم يتناولون إفطار رمضان في واقعة كسرت كرامة المصريين حتي اليوم وسط ضباب المعلومات وصمت الرئاسة، وأضيف إلي ذلك اختطاف ضباط وجنود في وقائع متتالية لم تكن لتحدث لولا الفشل في إدارة شئون البلاد وعدم تقدير واحترام إرادة شعب لا يملك سوي كرامته.

إن طوفان الشعب المصري اليوم لاعاصم منه، فقد تحمل المواطن المصري عاماً كاملاً من الفشل المتكرر ومن نقض العهود والوعود وتحويل الأحلام الوردية إلي كوابيس طاردت المواطن في كل مكان بداية من أزمات السولار والبنزين وليس انتهاء بأزمة رغيف العيش والحريق الذي اشتعل في كافة السلع الأساسية مع الارتفاع غير المسبوق في الأسعار، وأصبح المواطن المصري يفكر ألف مرة قبل شراء فرخة وكيلو مكرونة ليسد جوع أولاده حتي ولو مرة واحدة في الأسبوع.

«لاعاصم» لكم اليوم من بسطاء مصر، والغضب هذه المرة هو غضب هؤلاء الفقراء وليس النخبة أو الأحزاب أو غيرها من التيارات السياسية، ومع كامل الاحترام لكل قادة المعارضة فإن صوت الجماهير هو الذي يقود مصر الآن، ولاشك أن دور الشباب في حملة «تمرد» كان استجابة لحالة هؤلاء البسطاء سواء من موظفين أو عمال أو فلاحين أو سائقي تاكسيات أو غيرهم مما تسببت الأزمات المتتالية في قطع أرزاقهم والتضييق عليهم في مقابل اهتمام الرئيس بمصالح الجماعة علي حساب شعبه.

الغضب سيكون ضد الفشل والفوضي والارتباك الذي وصل إلي سياسة الرئيس محمد مرسي نفسه في إدارة شئون البلاد وفي اتخاذ القرارات والتراجع عنها مرات ومرات، وشهدت مصر لأول مرة ظهور «دولة» داخل «الدولة» حيث ابتدع الرئيس مناصب «مستشاري الرئيس» كبديل لوزراء مصر وتم اختيارهم من مكتب الإرشاد لتشكيل فيلق خاص يتحرك بأوامر رئيس جمهورية مصر العربية، ولم يعد المواطن البسيط يحتاج دليلا علي ذلك أفضل من وجود السيد عصام الحداد في قصر الرئاسة كمستشار للعلاقات الخارجية وفي مرتبة تسبق بكثير مرتبة وزير خارجية مصر الرسمي!! والأمثلة علي ذلك لا تعد ولا تحصي وكأن إدارة شئون مصر أصبحت قطاعاً خاصاً وسرياً.

الغضب سيكون أيضاً ضد الحكومة التي اختارها الرئيس ورئيس وزرائه هشام قنديل، فقد انتقلت مصر من فشل إلي آخر، ذلك لأن سياسة الرئيس في اختيارمعاونيه يتم وفق أهواء مكتب الإرشاد وليس وفق معايير وقواعد وخبرات تؤهل هؤلاء لقيادة دفة البلاد، ولاشك أن ذلك أسقط معني «الدولة» بفقدان مناصبها الحساسة قيمتها وهيبتها، فلم يعد منصب «وزير» أو «محافظ» له حيثيات تستدعي احترام وتقدير المواطن بل أصبحت مجرد هدايا ومنح يتم تقديمها لأعضاء جماعة الإخوان وحزب «الحرية والعدالة» بصرف النظر عن استحقاقهم من عدمه!!.. وتم تفريغ الهيئات والمؤسسات والوزارات من قياداتها وموظفيها تحت دعوي الفساد والانتماء إلي العهد البائد وهي شعارات باطلة ليس الغرض منها التطهير كما تروج الجماعة إنما هدفها الأساسي أخونة مصر والتحكم في مفاصلها الرئيسية بداية من المحليات ووصولاً إلي قمة المناصب في البلاد.

الغضب سيكون ضد منظومة كاملة أثبتت فشلها الفادح، فالحديث عن أخطاء الرئيس وحكومته وفشلها يحتاج مجلدات ومجلدات، وكنا في «الموجز» صوتاً قوياً لا يتغير في محاولة تصحيح الأخطاء وكشفها للرأي العام، لكن دولة الرئيس محمد مرسي لم تهتم بشيء بسوي تمكين رجال مكتب الإرشاد ممن تم تصعيدهم وتحصينهم والسماح لهم بتشويه المؤسسات الوطنية وهدم أركان القضاء والجيش والشرطة، واليوم «لاعاصم» للجماعة ولا لمرشدها ولا لرئيسها الذي يصر في كل خطاب له علي التأكيد بأنه رئيس يتبع جماعة الإخوان المسلمين ومكتب الإرشاد ويصر علي إعلان انحيازه للجماعة حتي ولو علي حساب شعب مصر بكافة أطيافه، الغضب سيكون شاملاً ولن يقتصر علي الرئيس ومكتب الإرشاد لكنه سيضم كل هؤلاء الذين يحميهم الرئيس ويتحدثون بحصانة خاصة منه.

إنني اليوم أضم صوتي للغاضبين، قلت كل ما عندي عبر عام كامل، حرصت علي تقديم المعلومة والتحليل وفق قراءات أثبتت الأيام صحتها وأنها كانت لوجه الله ولصالح هذا الوطن.

قدمت النصح للرئيس كثيراً وطالبته مراراً بالابتعاد عن مكتب الإرشاد وأن يحكم شعب مصر كما يليق بهذا الشعب العظيم وليس كما يطلب منه مكتب الإرشاد والتنظيم الدولي للجماعة، عام كامل لم نخضع فيه لهوي أحد ولم نكتب كلمة إلا لصالح بسطاء مصر الذين انتخبوا هذا الرجل وظنوا أنه سيقود السفينة نحو شط الأمان، لكنه أفرغ السفينة من أصحابها ليضع عشيرته وجماعته عليها.

وجاءت لحظة النجاة لهذا الشعب الذي لن يغرق أبداً بفضل الله و«لاعاصم» اليوم لكل من ظن نفسه قادراً علي مواجهة غضب شعب مصر، «لاعاصم» اليوم لكل من هددهم بالسحق والقتل إن خرجوا غاضبين، «لاعاصم» اليوم للمكذبين الضالين الذين تاجروا بالإسلام وقدموا أسوأ صورة عنه، «لاعاصم» اليوم لكل من كذب ونافق وهو يتلو كتاب الله

تم نسخ الرابط