اعتصام المثقفين.. أول مسمسار في نعش مرسي قبل ثورة 30 يونيو

اعتصام المثقفين فى
اعتصام المثقفين فى ثورة يونيو

"لا لأخونة وزارة الثقافة" تحت هذا الشعار انطلقت شرارة ثورة 30 يونيو، وذلك بعد اعتصام المثقفين بمقر الوزارة في 4 يونيو 2013، اعتراضا على قرارات وزير الثقافة الإخواني علاء عبد العزيز.


شهدت وزارة الثقافة حالة من التوتر إثر اتخاذ وزير الثقافة الأسبق، والمنتمي للجماعة الإرهابية عدة قرارات، بإنهاء ندب قيادات واختيار بدلاء لهم منتمين لجماعة الإخوان الإرهابية، وذلك بعد مرور أقل من شهر على اختياره وزيرا للثقافة، وكانت القشة التي أثارت غضب المثقفين هو إنهاء ندب رئيس دار الأوبرا ووزيرة الثقافة الحالية إيناس عبد الدايم، مما دفع العاملون بالدار على التظاهر السلمي، ثم تحويل التظاهر إلى اعتصام لحين إلغاء قرار الوزير.

وكان اعتصام المثقفين أمام وزارة الثقافة، قبل انطلاق ثورة 30 يونيو بعدة أيام فى عام 2013، بمثابة الشرارة الأولى لإرهاصات الثورة المصرية التى قام بها الشعب المصرى ضد حكم الإخوان، ووقفت بجانبه القوات المسلحة، ويعتبر هذا الحدث من الأحداث البارزة فى تاريخ الثقافة المصرية، فجميع المثقفين كبارًا وشبابًا على مختلف التوجهات تجمعوا فى منطقة واحدة.

واستشعر المثقفون بأن التغييرات تحمل الكثير من التعسف، بالإضافة إلى محاولات مستميتة لوقف عروض البالية بالأوبرا، مما أثار حفيظة فناني الأوبرا، وجعلهم شرارة تضئ طريق المثقفين لتصل بهم إلى مقر وزارة الثقافة ليبدأو في اعتصام شرارته أضاءت طريق الثورة على حكم الإخوان في 30 يونيو.


وبرغم الاعتراضات والاعتصام لم يحرك ساكن لوزير ثقافة الإخوان ولم يتراجع عن قراره وغره أعوانه بأن اعتصام العاملين بالأوبرا سيتم الرد عليه باعتصام أخر مؤيد لقرارات الوزير أمام وزارة الثقافة، حيث دفع الإخوان ببعض موظفو القطاعات من أصحاب المظالم اللذين تم استغلالهم للحشد ضد موظفو وفنانو الأوبرا، متخيلين أن الفنانون سيرهبهم بعشرات المؤيدين، ورد المثقفون على مؤيدي وزير الإخوان بالأغاني الوطنية والعروض الفنية.

الغريب أيضًا أن هذا الجمع الكبير من كبار المثقفين واجهه الوزير الإخوانى بتصريح أكثر غرابة، حين قال "المعتصمين بالوزارة لا يمثلون مثقفي مصر"، وكأن الوزير الإخوانى لا يعرف رموز بلده الفنية الثقافية، فالاعتصام الذى جاء ضده وضد جماعته ضم كبار المثقفين الذين مثلوا الهوية الثقافية المصرية فى العقود الأخيرة، من بينهم الشاعر الكبير سيد حجاب، والأديبة الكبيرة فتحية العسال، الروائى الكبير صنع الله إبراهيم، الأديب الراحل جمال الغيطانى، بجانب الفنان الكبير المخرج جلال الشرقاوى، والفنانة القديرة سهير المرشدى، والفنانة القديرة رجاء الجداوى، وكان شعلة الحماس الذى قادت المئات من مثقفى مصر تواجد الأديب الكبير بهاء طاهر.

الاعتصام أيضا شارك فيه عدد من النجوم المهتمين بالشأن الثقافى والفنى المصرى، والذين جاؤوا للمشاركة ضد إخونة الوزارة مثل النجمة يسرا، والنجمة إلهام شاهين، والفنان محمود قابيل، والنجم كريم عبد العزيز، والنجم أحمد حلمى، والنجم هانى رمزى، وغيرهم ممن شاركوا جموع الشعب المصرى سخطهم من حكم الرئيس المعزول وجماعة الإخوان الإرهابية.

وكانت أول مجموعة من المثقفين دخلت وزارة الثقافة الكاتب الكبير " صنع الله إبراهيم، بهاء طاهر، فتحية العسال، محمد العدل، سيد حجاب، ناصر عبد المنعم"، ودخلوا لتقديم طلب لمقابلة الوزير وكانوا يعلمون بعدم وجوده بمكتبه، وفور دخولهم لمقر الوزارة أعلنوا اعتصامهم، ومن هنا بدأ المثقفون التوافد على مقر وزارة الثقافة بالزمالك وهرب الوزير الإخواني بلا رجعة.

تم تشكيل غرفة عمليات بمكتب الوزير بعضوية اللواء هشام فرج وكيل الوزارة لقطاع الأمن، والمقدم محمد الحسيني وأحمد شيحة وأحمد عبد العزيز وسامح الصريطي وسيد فؤاد والدكتور أحمد عواض ومجدي أحمد على، ومن الخارج كان الدكتور أحمد مجاهد والدكتور سامح مهران والدكتورة إيناس عبد الدايم، وخصصت غرفة بالمقر لإدارة الاعتصام، وكان المثقفون يتخذون القرارات بالاتفاق بعد أن قرروا ألا يغادروا المقر إلا بعد نجاح الثورة".

وظل هذا الاعتصام مستمر حتى 30 يونيو 2013، وأكد المثقفون أن القضية لم تعد مواجهة بين مثقفين ووزير وإنما تحولت إلى معركة تحرر بين عقول مصر وشعبها ونظام حكم يسعى لشق الصف الوطني بما يمثل تهديدًا لاستقلال الوطن وهويته، موضحين أن مستقبل مصر لن يكون فيه مكانًا لطاغية أو مستبد فردًا كان أو جماعة.

ونظم الفنانون أكبر فاعلية فنية قام بها المعتصمون بوزارة الثقافة ، تضمنت فقرات غنائية و معرضا للفن التشكيلي ، وشارك بالغناء عدد كبير من فناني الأوبرا المصرية، وعرض فيلمين من أفلام الثورة وهما "عيون الحرية و18 يوما .

وقررت الجمعية العمومية لنقابة المهن التمثيلية بالإجماع تأييد مثقفي مصر و فنانيها في اعتصامهم الجريء و النبيل لحماية ثقافتهم و فنونهم من أي فكر يعود بهم إلى عصر الظلام و القهر و القمع الفكري و الإنساني، وكانت هذه هي الشرارة التي حولت نار الإخوان إلى رماد في 30 يونيو .

تم نسخ الرابط